مصرف لبنان المركزي يقرّ تخفيضا قياسيا لسعر الليرة مقابل الدولار
أعلن مصرف لبنان المركزي الأربعاء عن تحديد صرف رسمي جديد لليرة عند 15 ألفا مقابل الدولار بانخفاض قياسي عن السعر السابق بنسبة 90 في المئة بعد أن ظل دون تغيير لمدة 25 عاما في خطوة تهدف إلى احتواء الغضب الشعبي المتصاعد إزاء انهيار العملة اللبنانية وتردي الأوضاع المعيشية.
لكن عملية التحول من السعر القديم لا تعدّ سهلة في السوق الموازية التي تشهد أغلب التداولات، إذ لا تزال الليرة يتم تدوالها عند نحو 59 ألفا للدولار، وفق ما أكده متداولان الثلاثاء.
وقال حاكم مصرف لبنان (محافظ البنك المركزي) رياض سلامة لرويترز الثلاثاء إن التغيير سيؤدي أيضا إلى انخفاض في قيمة رؤوس أموال البنوك وسط توقعات بأن يكون لهذا التحول تأثير أقل على الاقتصاد عموما الذي يتعامل بالدولار بشكل متزايد وتتم فيه معظم التعاملات وفقا لسعر الصرف في السوق الموازية.
ويأتي هذا القرار بعد أسبوع من احتجاجات نفذها اللبنانيون أمام البنك المركزي في بيروت رفضا لتواصل تدهور الأوضاع المعيشية إثر تسجيل الليرة اللبنانية تراجعا قياسيا حادا وارتفاع أسعار المحروقات واتهموا المسؤولين ورياض سلامة الذي يواجه ملفات فساد بالتسبب في الانهيار المالي العاصف.
ويرزح لبنان منذ أواخر 2019 تحت وطأة أزمة اقتصادية خانقة أدت إلى انهيار مالي ومعيشي وتسببت في فقدان سلع أساسية من الأسواق لتتعمق معاناة اللبنانيين، بينما يبحث البلد عن حلول للخروج من نفق أزماته ويأمل في إتمام اتفاق مع صندوق النقد الدولي للحصول على حزمة إنقاذ قيمتها ثلاثة مليارات دولار.
وتوحيد أسعار الصرف المتعددة من بين الشروط العديدة التي حددها صندوق النقد الدولي ليتمكن لبنان من الحصول على حزمة الإنقاذ التي ستساعده على الخروج من الأزمة، لكن الصندوق قال العام الماضي إن التقدم الذي يتحقق في تنفيذ تلك المطالب لا يزال “بطيئا للغاية” مع عدم تجسيد أغلبها.
وسينطبق سعر الصرف الرسمي الجديد على عمليات السحب بالعملة المحلية من الحسابات المصرفية بالدولار التي لم يتمكن المودعون من السحب منها بالعملة الصعبة منذ 2019.
وتتفاقم أزمة لبنان مع تواصل معضلة الشغور الرئاسي في ظل حكومة تصريف أعمال شبه عاجزة بسبب محدودية صلاحياتها وبرلمان غارق في الانقسامات.
وكشفت تقارير أممية أن “غالبية سكان لبنان عاجزون عن تأمين حقوقهم الاجتماعية والاقتصادية، حيث تتحمل الأسر ذات الدخل المحدود العبء الأكبر”.
وفقد اللبنانيون ثقتهم في المصارف بعدما لجأت منذ أواخر 2019 إلى تجميد وصول العملاء إلى ودائعهم بالعملات الأجنبية وفرضت قيودا على السحوبات بالليرة اللبنانية في خطوة أثارت احتجاجات عارمة، محملين النخبة الحاكمة مسؤولية تفشي الفساد والإسراف في الإنفاق وسوء الإدارة.
وأطلقت منظمات دولية نداءات طالبت عبرها الحكومة اللبنانية والبنك الدولي باتخاذ إجراءات عاجلة للاستثمار في نظام حماية اجتماعية قائم على الحقوق ويضمن مستوى معيشيا لائقا للجميع.
وسلكت أزمات البلد منعطفا خطيرا بعد نفجار مرفأ بيروت في العام 2020 وتسارعت وتيرة الانكماش الاقتصادي وقفز الدين الحكومي إلى نحو 500 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في 2021، ويتوقع أن يزداد الوضع سواء ما لم يتوصل السياسيون والمصرفيون إلى اتفاق بشأن حجم الخسائر الهائلة وحل معضلة الديون التي كبّلت الدولة وجعلتها عاجزة عن الإيفاء بأبسط تعهداتها إزاء شعبها.