مصر تسترضي الخارج: تغييرات بالجملة… على الطريق
تسود حالة من التوتر أروقة النظام في مصر، مع تواتر أنباء حول تغييرات مرتقبة على مستوى الجيش وجهاز المخابرات، وأخرى على المستوى السياسي، في ظلّ اشتداد الأزمة الاقتصادية، وحضّ بعض الشركاء الاستراتيجيين، القاهرة، تعيين شخصيات جديدة في بعض المواقع. ويأتي ذلك بالتوازي مع بروز مؤشرات إلى استعداد الرئيس عبد الفتاح السيسي لبدء التخطيط لحملته الانتخابية كمرشح في الانتخابات الرئاسية المقررة في الشتاء المقبل، سعياً للفوز بولاية ثالثة تنتهي في عام 2030، ويُفترض أن تكون الأخيرة بموجب الدستور الحالي.
وتكاثرت الأنباء، في الأيام الماضية، عن تغيير قائد الأركان، الفريق أسامة عسكر، ضمن حركة التغييرات الدورية المرتقب إعلانها في صفوف ضباط القوات المسلحة. ومنذ وصوله إلى السلطة قبل 10 سنوات، لم يسبق للسيسي أن أقال قائداً عسكرياً بشكل مفاجئ، كن خارج حركة التغييرات تلك، والتي تحدث عادةً مرتين في العام. ولم يقتصر حديث التغيير على رئيس الأركان الذي صعد في ظروف غامضة قبل سنوات بعد فترة من التهميش داخل الجيش، بل طال كذلك أسماء بارزة في جهاز المخابرات العامة، حيث تبدو القرارات المرتقبة هذه المرة مرتبطة بإعادة هيكلة فعلية في الجهاز، بعد أسابيع شهدت تهميشاً كبيراً لدور مديره، اللواء عباس، حيث عقد السيسي عدة لقاءات من دون تواجده، على عكس العادة، فضلاً عن محدودية المشاركات التي بات يحضرها بشكل عام مع رجاله. وكان السيسي أجرى تغييراً في جهاز المخابرات لصالح اللواء عباس كامل، في عام 2018، عندما أبعد داعمي الرئيس السابق للجهاز اللواء خالد فوزي، وجعل الأول الرجل الثاني في الدولة بتكليفه بإدارة المخابرات بالوكالة، ومن ثم تعيينه مديراً أصيلاً في حزيران من العام نفسه، لينطلق عمله في مجالات تخطّت السياسي والإعلامي، إلى الاقتصاد وكافة مناحي الحياة العامة حتى بات متحكّماً فيها. وقد رافق السيسي كامل منذ أن كان مديراً للمخابرات الحربية، واجتازا سويّاً عدّة ظروف صعبة، من بينها التسريبات الهاتفية من داخل القصر الرئاسي.
وإلى جانب المطالب الخليجية، وتحديداً السعودية، بإبعاد بعض المسؤولين المتّهَمين بتوتير العلاقات بين البلدين على مدار العام الماضي، تبدو التغييرات منطقية قبيل خوض السيسي السباق الرئاسي، خصوصاً في ظلّ ما أشيعَ حول إرجاء التعديل الحكومي إلى ما بعد الانتخابات – على اعتبار أن الحكومة تُقدّم استقالتها للرئيس فور إتمام الاستحقاق في إجراء دستوري وقانوني -، فيما تبقى آلية التغيير وطريقة التعامل معه هي النقطة الفاصلة. كذلك، تُثار المخاوف في أروقة النظام، ليس فقط لارتباط التغييرات المنتظرة بالمقربين من السيسي بشدّة، بل بمشاريع سياسية عمِل على تنفيذها هؤلاء الأشخاص في السنوات الماضية ومنظومة سياسية قاموا ببنائها، وهو ما يثير التساؤلات حول مدى تمسّكهم بالنظام والآلية الحالية والعمل على استكمالها أو اللجوء إلى وجهات جديدة.
وبينما يُرتقب الإعلان عن التغييرات التي تتضمن الإطاحة بقيادات من الدائرة المقربة للرئيس بصورة لم تحدث على مدار السنوات العشر الماضية، يبدو أن إرجاء الإعلان مرتبطٌ بتهيئة الرأي العام وإحداث ما يشبه التسليم والتسلم الفعليين للعديد من الملفات. وفي حين لا يزال الغموض يحيط بخلفاء المطاح بهم، تشير مصادر، في حديث إلى «الأخبار»، إلى وجود قائمة ترشيحات عدة على طاولة الرئيس قدمت من أفراد وجهات عديدة، بناءً على لقاءات واجتماعات لم تُعلن للرأي العام، وجزء منها أحاديث عابرة في التحركات الأخيرة التي قام بها السيسي داخل البلاد وخارجها.
وبعد الإعلان عن حركة التغييرات، التي تشمل إحالة قادة في المخابرات إلى التقاعد إلى جانب ترقيات في جهاز الشرطة ستضاف إلى قرارات ترقية في الأجهزة السيادية الجارية يجري إصدارها خلال هذه الأيام، يُفترض أن يحلّ موعد التجديد لمحافظ البنك المركزي، حسن عبد الله، في الأسابيع المقبلة، بعدما عيّن الأخير بصفته قائماً بالأعمال لمدة عام تنتهي منتصف شهر آب المقبل.