مصر تصارع… هل تنقذها مليارات “النقد”؟

الأزمة الخانقة التي تمر بها مصر لم تنتهِ بعد، وهي مستمرة منذ الاطاحة بنظام الرئيس السابق حسني مبارك في العام 2011، حيث تشهد البلاد نزيفاً مستمراً لعائدات قناة السويس وتحويلات المصريين العاملين في الخارج والعائدات السياحية التي تراجعت بشكل كبير بسبب الاضطرابات السياسية والامنية، وكلها تشكل المصدر الاساسي للنقد الاجنبي في البلاد.

أرقام جديدة أصدرها الجهاز المركزي للتعبئة والاحصاء المسؤول عن المؤشرات الاحصائية في مصر، والتي أشارت الى ارتفاع معدل التضخم السنوي في البلاد الى ما يقارب 32.9% في نيسان 2017 مقارنة بشهر نيسان 2016، وذلك نتيجة تحرير سعر صرف الجنيه المصري في تشرين الثاني.
وبالفعل، يعاني المستهلكون الارتفاع الكبير في الاسعار، منذ أن قررت الحكومة المصرية في تشرين الثاني الماضي تحرير سعر صرف العملة الوطنية ورفع أسعار المحروقات في إطار خطة اصلاح اقتصادي حصلت بموجبها على قرض من صندوق النقد الدولي على ثلاث سنوات.

وكان الصندوق اتفق مع القاهرة على برنامج لمدة 3 سنوات في تشرين الثاني الماضي، وأفرج عن شريحة أولى بقيمة 2.75 ملياري دولار من قرض قيمته 12 مليار دولار، يهدف إلى إعطاء دفعة للاقتصاد، فيما يتوقع ان يتم الافراج عن الدفعة الثانية من الشريحة الأولى من القرض في حزيران مع إمكان ان تصل قيمة هذه الشريحة الى نحو 1.25 مليار دولار.

ومقابل هذا القرض، فرضت المؤسسة الدولية على الحكومة المصرية تنفيذ إصلاحات هيكلية وإتخاذ إجراءات مالية كبيرة ضمن برنامج عرف باسم “برنامج الإصلاح الاقتصادي”، ويتضمن فرض ضريبة القيمة المضافة وزيادة في التعرفة الجمركية بالنسبة الى مئات المنتجات المستوردة، لتصل بالنسبة الى بعض السلع الى 60 في المئة وتحرير سعر الصرف وخفض الدعم الموجه للكهرباء والمواد البترولية سعيا الى انعاش الاقتصاد وإعادته إلى مسار النمو وخفض واردات السلع غير الأساسية، بالاضافة الى إصلاحات في قانون ضريبة الدخل وإقرار قانون للإفلاس.

وادى تحرير سعر صرف العملة المصرية الى تراجع قيمتها بنسبة 50% تقريبا، وتخطى سعر الصرف 18 جنيها للدولار بالمقارنة مع نحو 7 جنيهات في السنوات الماضية. يهدف هذا البرنامج للوصول إلى معدلات نمو اقتصادي تبلغ 5.5% في حلول 2019، وخفض معدلات البطالة وخفض عجز الموازنة من معدل 3.5% من الناتج المحلي للعامين 2015/2016 ليتحول إلى فائض في 2017/2018، وخفض الدين الحكومي إلى نحو 90 % من الناتج المحلي للسنتين 2018/2019، وخفض معدلات التضخم في حلول 2018/2019. وأيضا ضمن الاجراءات التي شملها برنامج الاصلاح الاقتصادي إقرار قانون جديد للإستثمار في مصر أبصر النور منذ ايام قليلة، وتم إقراره في مجلس النوبا المصري بعد مفاوضات طويلة شهدت سجالات واعتراضات على بعض نقاط هذا القانون الذي يعتبر خطوة ضرورية للقضاء على البيروقراطية وتسهيل الحصول على تراخيص المشروعات وتوفير مناخ جاذب للاستثمارات الأجنبية.

ويتضمن القانون الجديد بعض الحوافز للمستثمرين، بينها خصم 50% من التكلفة الاستثمارية للمشروع من الضرائب للمشاريع القائمة في الأماكن الأكثر حاجة للتنمية و30% للمناطق التي لا تحتاج لتنمية، بالاضافة الى تحمل الدولة القيمة التي دفعها المستثمر لتوصيل المرافق إلى المشروع الاستثماري أو جزءاً منها. كما ينص القانون على تحمل الدولة جزءا من تكلفة التدريب الفني للعاملين وردّ نصف قيمة الأرض المخصصة للمشاريع الصناعية في حال بدء الانتاج خلال عامين من تاريخ تسليم الأرض.

ومن أبرز اعتراضات الحكومة على التعديلات التي أضافتها اللجنة الاقتصادية على القانون، عودة المناطق الحرة الخاصة وزيادة نسب الحوافز الاستثمارية وتوحيد ولاية الأراضي بحيث تكون تحت مظلة وزارة الاستثمار فقط. والمناطق التجارية الحرة الخاصة معفاة من الضرائب والجمارك والرسوم في مصر ، وأوقفت مصر إنشاء مناطق جديدة في تعديلات قانون الاستثمار التي جرت العام 2015.

ونهاية الاسبوع الفائت، بدأت بعثة من صندوق النقد زيارة لمصر لإجراء مراجعة تمهيدا للحصول على الدفعة الثانية من القرض، ودراسة مدى التزام الحكومة بالبرنامج الإصلاحي المتفق عليه. وفي هذا السياق، أكد جمال نجم، نائب محافظ البنك المركزي المصري، أنّ المباحثات مع بعثة الصندوق تسير بشكل جيد، مشيرًا إلى أنه من المقرر أن تبقى البعثة في القاهرة حتى الأسبوع المقبل.

صحيفة النهار اللبنانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى