معارك جنوب إدلب مستمرة: أنقرة تضغط لتسريع إجراءات «المنطقة الآمنة»

 

تتواصل المعارك في محيط مدينة خان شيخون في ريف إدلب الجنوبي، بوتيرة توحي بمسار طويل من التصعيد، لن يقف عند حدود المدينة وما جاورها من المناطق التابعة لريف حماة الشمالي. فوحدات الجيش السوري تعمل بدعم جوي ومدفعي على توسيع سيطرتها داخل ريف إدلب، عبر دخول التجمعات السكنية وتأمين الطرق الفرعية التي يمكن استخدامها لنقل التعزيزات العسكرية، بما يحصر حركة الفصائل المسلحة في نطاق ضيق (من خان شيخون إلى مثلث مورك، اللطامنة، كفرزيتا) يمكن مراقبته واستهدافه بسرعة وفاعلية.

وعلى رغم تمركز قواته على مسافة قريبة من خان شيخون، لم يتحرّك الجيش مباشرة نحوها، بل استهدف المحيط الشمالي لبلدة الهبيط، فارضاً سيطرته خلال اليومين الماضيين على قرى مدايا وعابدين وخربة عابدين ومغر الحمام وحرش الطويلة. وفي وقت متأخر من ليل أمس، شنت «هيئة تحرير الشام» هجوماً معاكساً على مواقع الجيش في مدايا، مفتتحة الاشتباكات بتفجير سيارة مفخخة يقودها انتحاري عند أطراف البلدة. وفي موازاة تطورات ريف إدلب، كان محيط كباني في أقصى ريف اللاذقية الشمالي الشرقي يشهد اشتباكات عنيفة بين الجيش والفصائل المسلّحة، وقصفاً مدفعياً كثيفاً، من دون تغيّر في خريطة السيطرة.

وترافقت سخونة الميدان مع نقاشات حامية في أوساط الفصائل داخل إدلب حول مشاركة «الجيش الوطني» (ريف حلب الشمالي) في معارك إدلب. إذ جرى الحديث عن عقد اجتماع لبحث هذه المسألة، انتهى بالتوافق على إرسال تعزيزات من «الجيش الوطني» لمساندة «الجبهة الوطنية للتحرير». ووفق أوساط معارضة، فإن تعزيزات من «الفيلق الثاني» (يضمّ «فيلق الرحمن» و«جيش الإسلام») تحركت أمس نحو إدلب، لكن «تحرير الشام» منعتها.

غير أن أوساطاً أخرى نفت صحّة تلك الرواية، وأكدت أنها لا تخرج عن سياق «الألاعيب الإعلامية». وتتساوق المقاربة الأخيرة مع آلية إدارة أنقرة لعمل الفصائل في مناطق سيطرتها، إذ لا يُنقَل عناصر أو أسلحة، خاصة إلى إدلب (خارج ريف حلب الشمالي)، من دون أمر مباشر من الجيش التركي وبإشرافه.

وكان لافتاً خلال اليومين الماضيين، غياب التعليقات التركية على مجريات إدلب، مقابل حضور دائم لتقارير وزارة الدفاع حول شرقي الفرات ونقاشات «المنطقة الآمنة» مع الجانب الأميركي. التكثيف الإعلامي من أنقرة ينصبّ في إطار الضغط على واشنطن ومنع تأجيل تنفيذ التفاهمات وإنشاء المركز المشترك المقرر، وهو ما عبّر عنه وزير الخارجية التركية، مولود جاويش أوغلو، بوضوح. أمس، زار وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، قوات بلاده في شانلي أورفه الحدودية، واجتمع بصحبة رئيس الاستخبارات حقان فيدان وعدد من القادة العسكريين في المنطقة، مع وفد أميركي حضر إلى منطقة أقجة قلعة قبل يومين.

 وكشف وزير الدفاع ، أن طائرات بلاده المسيّرة بدأت العمل فوق أجواء المنطقة الحدودية ، لافتاً إلى أنه جرى التوافق مع الجانب الأميركي على انسحاب «وحدات حماية الشعب» الكردية من «المنطقة الآمنة» وإزالة التحصينات العسكرية التي أقامتها هناك. وترأس الوفد العسكري الأميركي نائبُ قائد القيادة الأوروبية، ستيفن توايتي. وتدل هوية المبعوث ومنصبه على المقاربة الأميركية للمحادثات مع تركيا، بصفتها عضواً في «حلف شمال الأطلسي»، إذ لا يتبع الجنرال القيادة المركزية المسؤولة عن شرقي الفرات، كذلك فإنه كان قائداً للقوات الأميركية في منطقة نينوى العراقية قبل أكثر من 12 عاماً حين شهد شمال غرب العراق توتراً كردياً ـــ عربياً، ويمتلك علاقات جيدة مع قادة العشائر العربية الكبرى في شرق سوريا وغرب العراق.

 

 

صحيفة الاخبار اللبنانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى