معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى: تنامي النشاط العسكري والأمني للصين في الشرق الأوسط وشمال افريقيا
تحت عنوان “التعامل مع الوجود الأمني للصين في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا” نشر معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى مقالا اشترك في كتابته كلا من غرانت روملي المتخصص في الشؤون العسكرية والأمنية في الشرق الأوسط وكارول سيلبر مديرة أبحاث في معهد واشنطن، المقال يسلط الضوء على ثلاث مسائل هامة للغاية تعكس تحولا مضطردا في الاتجاهات السياسية في منطقة الشرق الأوسط وتحديدا لدى دول عربية تعتبر شريكة تقليدية للولايات المتحدة، اهم تلك النقاط هي أولا سيطرة سردية ان الولايات المتحدة باتت تنسحب من منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا وهذا يحتم على تلك الدول التعامل بشكل اكثر انخراطا مع الصين ويطالب الكاتبان ان تنتبه الولايات المتحدة لهذه السردية وتعمل على ابطالها . وثانيا التنامي العسكري والأمني للصين في هذه المنطقة، وثالثا تحول الشركاء وعلى رأسهم حلفاء الولايات المتحدة العرب نحو التعاون العسكري مع الصين.
وجاء في مقدمة المقال “ستستمر الحكومات في المنطقة في تحقيق التوازن بين بكين وواشنطن، لذلك يجب على صانعي السياسات في الولايات المتحدة التركيز على قلب الميزان لصالح واشنطن، ومواجهة رواية الانسحاب الأمريكي، وتجنب التصعيد غير الضروري مع الصين” .
ويقول الكاتبان “ان الصين نشرت فرق عمل بَحْرية لمكافحة القرصنة في المياه الدولية. لكن الصين تسعى أيضاً إلى تعزيز صورتها كقوة عالمية وأظهرت استعداداً متزايداً لإبراز قوتها العسكرية خارج حدودها. وفي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تجلت هذه المساعي في شبكة لا تعد ولا تحصى من الاستثمارات في الموانئ والمجمعات الصناعية، والتي – على الرغم من أنها تمت أولاً بمصلحة تجارية – يمكنها أيضاً خدمة الأصول العسكرية الصينية في المستقبل، نظراً لضبابية الخطوط الفاصلة بين الصناعة والجيش. كما تضمنت جهوداً متواضعة، بل متنامية، لبيع المنصات العسكرية في الأسواق المتخصصة في المنطقة. وتمثل هذه الجهود الثلاثة مجتمعة – الانتشار العسكري، والاستثمارات في البنية التحتية الحيوية، ومبيعات الأسلحة – جوهر الوجود الأمني الصيني في المنطقة.
ويشير المقال الى المناورات العسكرية التي قامت بها القوات العسكرية الصينية بالاشتراك مع ايران وتلك التي اشتركت فيها مع السعودية ومصر. كما أشار للاستثمار الصيني في الموانئ والمجمعات الصناعية ويقول الكاتبان انه “على الرغم من أن ذلك مصمم لتنمية التجارة، الا أنه يدعم أيضاً الأصول البحرية الصينية ويساعد الصين على توسيع وجودها العسكري في المنطقة.
ويلحظ المقال في معهد واشنطن مسألة جديدة في المنطقة وهو مبيعات الأسلحة الصينية واستعداد الصين لمشاركة التكنولوجيا العسكرية الحساسة لدول المنطقة ويشير الى شراء الأردن الطائرات بدون طيار من الصين بعد رفض طلبه لشراء طائرات مسيّرة من الولايات المتحدة. ويشير كذلك الى التعاون العسكري الصيني السعودي و الخطط المشتركة بين البلدين لإنتاج طائرات مسيّرة . كما يذكر المقال التقارير التي تحدثت عام 2021 عن أن السعودية كانت تنتج صواريخ باليستية بدعم تكنولوجي صيني.
وخلص المقال الى ان دول الشرق الأوسط سوف تسعى إلى تحقيق التوازن في علاقاتها مع الولايات المتحدة والصين وبالتالي سوف يشكل الوجود الأمني المتزايد للصين في المنطقة معضلة للولايات المتحدة وشركائها.
ويختم المقال بمطالبة الولايات المتحدة ان تكون على دراية برواية الانسحاب الأمريكي في المنطقة، وأن تبذل قصارى جهدها لمواجهة هذه الرواية من خلال تكثيف وجودها الدبلوماسي على الأرض، وتنسيق الزيارات رفيعة المستوى، وإعطاء الأولوية للاحتياجات الأمنية لشركائها. ومن خلال قيامها بذلك، بإمكان الولايات المتحدة تجنب التصعيد غير الضروري مع الصين، والحفاظ على شبكتها الإقليمية من الشراكات الدفاعية، وإيجاد طريقة نحو وجود مستدام طويل الأجل في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
صحيفة رأي اليوم الألكترونية