مقترح مصري جديد قيد النقاش | إسرائيل متمسّكة بإدامة الحرب

على الرغم من الإشارات الإيجابية التي تلقّتها القاهرة من واشنطن، أول أمس، بالتزامن مع زيارة رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، إلى الولايات المتحدة، تجري المحادثات بشأن وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بإيقاع «أبطأ بكثير» من ما كانت تأمله مصر، وخصوصاً في ما يتعلق بإدخال المساعدات إلى القطاع. ويأتي ذلك في وقت لا يزال فيه المقترح المصري المعدّل كإطار لصفقة تهدئة جديدة، قيد المناقشة مع الجانب الإسرائيلي، علماً أنه يتضمّن تهدئة لمدة تصل إلى 70 يوماً، في مقابل إفراج المقاومة عمّا بين 7 و10 أسرى إسرائيليين أحياء لديها، إلى جانب عدد من الجثث.
وبحسب مسؤول مصري تحدّث إلى «الأخبار»، فإن «إسرائيل تريد تسلّم نصف أسراها الأحياء على الأقل، في مقابل الموافقة على هدنة لشهرين، يتخلّلها حصول قطاع غزة على قدر يسير من المساعدات التي تسمح بتسيير الحياة مؤقّتاً، ودخول مفاوضات مفتوحة من دون قيود حول المرحلة المقبلة». وإذ يُقدّر عدد الأسرى الإسرائيليين الأحياء إلى ما قبل استئناف العدوان على القطاع بنحو 22 شخصاً على الأقل، تأمل القاهرة في أن «يكون هذا العدد كافياً لإطالة أمد التهدئة المؤقّتة، وخصوصاً في ظل التقديرات المصرية بوقوع سيناريوات سيئة على المستوى الإنساني في القطاع، مع اكتمال تسليم الأسرى». ويضيف المسؤول أنه «في ظل عدم وجود رغبة إسرائيلية في إنهاء الحرب، من شأن تطبيق المقترح المصري، تأجيل استكمالها، وسط آمال في تحقيق مكاسب مستقبلية ما قد تضمن إنهاءها».
وفي وقت عكفت فيه القاهرة، خلال اليومين الماضيين، على مواصلة الاتصالات مع تل أبيب بشكل مكثّف، حول مقترحها، لم تُصدر إسرائيل أي موقف رسمي منه حتى الآن، فيما تواصل دعمها العلني لمقترح المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، والذي ينص على إطلاق سراح الأسرى على دفعتين، تشمل الأولى 11 أسيراً حياً و16 جثماناً. وترى مصر أن الأعداد التي تطلب إسرائيل الإفراج عنها «مبالغٌ فيها، خصوصاً في ظل رفض الجانب الإسرائيلي الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين من أصحاب المحكومات العالية في مقابل ذلك»، وفقاً للمسؤول. ويضيف الأخير أن القاهرة «تنتظر رداً إسرائيلياً بشأن بعض النقاط التي جرى نقاشها، وبينها طريقة إدخال المساعدات». وفيما «طلبت إسرائيل تعديلات على مسألة تواجدها العسكري في غزة بموجب الاتفاق، من المنتظر أن تُبحث هذه الأمور مع الفرق الفنية المعنية بالتفاوض على مستويات متوسطة، خلال الساعات المقبلة»، وفقاً للمصدر نفسه.
وفي هذا الوقت، استكمل الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، زيارته إلى القاهرة أمس، حيث رافقه نظيره المصري، عبد الفتاح السيسي، إلى منطقة العريش بالقرب من الحدود مع غزة. ووسط تجمّع الحشود الشعبية في العريش ورفح، تفقّد ماكرون تجهيز المساعدات، ومستشفى العريش، والتقى عدداً من المرضى والجرحى الفلسطينيين والطواقم الطبية والإغاثية. ومن هناك، أشار إلى أن غزة يعيش فيها مليونا شخص «محاصر»، رافضاً أن يتم التحدّث عنها كـ«مشروع عقاري»، في إشارة إلى آمال الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في تحويل القطاع إلى «ريفييرا الشرق الأوسط»، وهو رفض رأى مسؤولون مصريون، في حديثهم إلى «الأخبار»، أنه يعكس «دعماً فرنسياً واضحاً للموقف الفلسطيني حتى في ظل رفض الاعتراف بسلطة المقاومة على القطاع، الأمر الذي تسعى القاهرة للبناء عليه إيجاباً على الصعيد العالمي».
وإذ دعا ماكرون إلى استئناف إدخال المساعدات إلى غزة «في أسرع وقت ممكن»، مؤكداً أن ذلك هو «أولوية الأولويات»، ومنبّهاً إلى أن «الوضع اليوم في غزة لا يمكن التساهل معه. وهو لم يكن أبداً بهذا السوء»، فقد ثمّن المسؤولون «اهتمام ماكرون بالجانب الإنساني بصورة لافتة وحرصه على الحديث مع الأطفال المصابين». وفي هذا الإطار، يعوّل المصريون على الدور الفرنسي في «إدخال مساعدات إنسانية لصالح الفلسطينيين فور تطبيق التهدئة، والدفع أوروبياً في الاتجاه نفسه».
وبحسب المسؤولين المصريين، فإن نظراءهم الفرنسيين تحدّثوا عن خطط للتحرك من أجل الضغط على إسرائيل أوروبياً على نطاق أوسع، مع تأكيد رفض أي مخططات لتهجير الغزيين، وتطمينات إلى أن باريس ستدعم تمويل إعادة إعمار القطاع، بالإضافة إلى المساعدات الإغاثية التي ستُرسل لدعم بقاء الفلسطينيين في أراضيهم. ويأتي ذلك وسط حديث عن ترتيب تفاهمات مشابهة في القريب العاجل، مع رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، والمستشار الألماني فريدريش ميرتس.
صحيفة الاخبار اللبنانية