من نحن المتكلمون بالعربية
جاء في آخر الأخبار أن السلطات اللبنانية أمرت عشرين ألفا من اللاجئين السوريين في لبنان بالخروج من البلاد ، وهكذا يبدو أنها بدأت بالتخلص منهم دفعة وراء دفعة على أساس أن سوريا صارت بلدا آمنا للجميع ، و هذا غير صحيح تماما إذ ما تزال هناك مخاوف من تجدد القتال و الخراب و الإرهاب هنا أو هناك …
تذكرنا هذه الأخبار بما صنعه السوريون حين تدفق اللاجئون اللبنانيون على سوريا لما إقتحم الجيش الإسرائيلي جنوب لبنان و احتل العاصمة بيروت، و كيف استقبل السوريون هؤلاء اللاجئين بكثير من روح المودة و الترحاب ، و أن معظمهم نزلوا ضيوفا على العائلات السورية في معظم المدن السورية و ليس في الخيام العتيقة التي نصبتها السلطات في لبنان للاجئين السوريين بسبب كثرتهم – كما قيل – و مزاحمتهم للعمال اللبنانين … فما سرّ هذه الظاهرة الإجتماعية في الإختلاف بين الموقفين اللبناني و السوري من مشكلة اللجوء مع أن هذه الظاهرة لم تحدث مثلا مع الأردن و العراق و تركيا و عدد من الدول الأوربية حيث لجأ كثير من السوريين إلى تلك الدول و لم تجبر أية دولة من هذه الدول اللاجئين السوريين حتى الأن على الخروج من ديارهم و العودة إلى وطنهم الذي غدا أمنا كما يقال …
ليس لهذه الظاهرة من تفسير إلا لأن مشاعر القرابة و الصداقة و الحضارة التقدمية باهتة ، و ضعيفة جدا بين الأقطار المسماة عربية بدءا من اليمن إلى السعودية و دول الخليج العربي – كما تسمى – إلى لبنان و مصر و دول المغرب العربي ، مع أننا ما نزال نتغنى دوما في كتاباتنا النثرية و الشعرية و أحاديثنا و حواراتنا العادية بأهمية منظمة الجامعة العربية و روابط الصداقة المتينة بين الأقطار التي أنشأتها في حين أن هذه المشاعر القومية باتت حبرا على ورق و أن مفهوم العروبة بمعناه الواقعي الحقيقي لم يعد له وجود مقنع و إنما هي مظاهر مزيفة أو رومانسية بمعناها المجازي الخيالي لا تعبر فعلا عن شعب عربي واحد بقدر ما تعبر عن شعوب متباعدة متخاصمة تستخدم اللغة العربية الفصحى في معاملاتها الرسمية و صحفها و مجلاتها و مؤلفاتها الإبداعية الأدبية و الفكرية و لكنها في حياتها الواقعية اليومية تستخدم لغة عامية خاصة يكاد الزائر العربي الجديد على القطر الذي يزوره لا يفهم المعنى المقصود بسهولة في الحوار العادي المتداول بالعامية و التي بدأت تزاحم الفصحى في نشر بعض الصحف و الكتب كما في الجزائر و المغرب و موريتانيا …
و الآن هل يحق لنا إذن أن نطرح هذا السؤال الصعب الإجابة عليه : هل نحن المتكلون باللغة العربية أمة واحدة ذات رسالة خالدة ؟!