من يبدأ بإشعال فتيل الحرب العالمية الثالثة في الشرق الأوسط (علي أكبر أسدي)
علي أكبر أسدي*
تخطط تركيا لبدء الحرب على سوريا وتسعى لسحب القوات السورية من مراكز المدن باتجاه الحدود بهدف تشتيت الجيش وجعله ينتشر على مساحات واسعة وبعيدة مما يهيئ فرصة مناسبة لإعادة بناء قوات المعارضة العسكرية وتنظيم صفوفها من جديد. لكن تسعى سوريا قبل الدخول في الحرب إلى إثارة المشاعر الوطنية والعربية لإيجاد حالة انسجام لمواجهة العدوان الخارجي.
في أعقاب مقتل 5 مواطنين أتراك أثر سقوط قذائف هاون أُطلقت من داخل الأراضي السورية على أحد المدن التركية الحدودية في 3 تشرين الأول قامت تركيا بقصف مواقع في الأراضي السورية مما صعد من مستوى التوتر بين تركيا وسوريا خاصةً بعد اتسام علاقاتهما بالعدائية على مدى العامين الماضيين بعد بدء الأزمة الداخلية السورية.
استمرار الاشتباكات وتبادل إطلاق النار طوال عامين من الخلافات والتوتر الشديد أدى إلى بروز احتمال نشوب حرب بكل معنى الكلمة (من العيار الثقيل) بين هذين البلدين الجارين؛ القضية التي لم تلفت نظر المراقبين السياسيين في المنطقة وتفرز تحذيرات مهمة بخصوص احتمال ظهور بوادر حرب فحسب بل صاحبها ردود فعل ومواقف سريعة من قبل القوى والتحالفات في المنطقة والعالم.
نظراً لأهمية التحولات السورية والدور التركي بما يجري والتبعات المحتمل حدوثها في المنطقة في حال الاشتباك الجدي بين تركيا وسوريا وخصوصاً تأثيرها على مصالح إيران وأمن المنطقة تحظى دراسة وتحليل الاشتباكات الدائرة بين تركيا وسوريا بأهمية كبيرة جداً لتقييم مدى إمكانية نشوب حرب بين الطرفين.
وفي هذا السياق يمكن طرح السؤال المهم؛ نظراً للاشتباكات الحدودية الجارية بين تركيا وسوريا هل هناك احتمال لنشوب حرب بين البلدين؟ سنتناول في هذه الدراسة هذا الأمر وسنبحث الأطر المتوفرة لنشوب حرب بين تركيا وسوريا وما هي العوائق التي يمكن تصورها بهذا الخصوص.
معطيات نشوب الحرب:
خلال دراسة الأطر المتوقعة لنشوب الحرب يجب الأخذ بعين الاعتبار الدوافع والمؤشرات المحتملة لكلا البلدين لبدء أي شكل من أشكال الحرب أو تصعيد الاشتباك. بعبارة أخرى يجب بحث جدوى هذا العمل لكل من تركيا وسوريا في خضم الظروف الداخلية وتحولات المنطقة و المعادلات الدولية والاصطفافات وتقييم المصالح المحققة و المكاسب الحاصلة لبدء حرب والدخول في اشتباك بين دولتين جارتين.
1-دوافع تركيا لبدء الحرب:
بدراسة المحفزات المحتملة لتركيا والعوامل التي يمكن أن تشجع هذا البلد على بدء حرب مع سوريا يمكن الإشارة إلى 3 عوامل مختلفة:
على الصعيد الداخلي: یمکن أن تترجم مساعي الحكومة التركية لتعزيز الشرعية والاعتبار الداخلي على أنه أحد المؤشرات للرد على الهجمات وتصعيد الاشتباك. في حين أن تركيا قبل عدة أشهر تلقت ضربة قوية من سوريا عندما أسقطت الأخيرة طائرتين حربيتين تركيتين فوق أجواء البحر المتوسط ولم تستطيع تركيا الرد بقوة على سوريا لذلك فإن عدم الرد على الهجمات الجديدة يضر بمكانة وهيبة الحكومة التركية.
بناءً على هذا تحتاج تركيا لاتخاذ مواقف وإجراءات لرأب الصدع الذي أصاب الرأي العام الداخلي التركي حیث يعتقد البعض أنه عندما يسمع الأتراك أن بعض من مواطنيهم قد قتل على أيدي السوريين سيغضبون وبالتالي ستجبر الحكومة التركية على التعامل مع الأمر بكل حزم لتخفيف حدة غضب الشارع التركي. ومع تصاعد الانتقادات لسياسة حكومة أردوغان داخل تركيا فإن هذه الحكومة تسعى عبر ردها على الهجمات وتصعيد التوتر بنوع من أنواع استعراض القوة للحد من الأثار التي خلفتها الانتقادات على عدم الرد وظهور الحكومة بموقف الضعيف العاجز أمام الرأي العام التركي. لذلك فإن المساعي لزيادة الاعتبار والهيبة وتقليل الانتقادات الداخلية تستوجب أن تذهب تركيا باتجاه تصعيد التوتر وتسعير الاشتباك ويعتبر القرار الذي أقره البرلمان التركي المبني على السماح للجيش التركي بالتدخل العسكري في سوريا مؤشراً واضحاً على هذا الأمر.
على صعيد المنطقة:
نظراً للمحاولات المتتالية للتدخل في سوريا وتغيير نظام الحكم فيها خلال العاميين المنصرمين تأمل تركيا من خلال تصعيد حدة الاشتباكات والحرب الدائرة بتسريع وتيرة الأحداث في الأزمة السورية بما يعزز من مكانتها ودورها في المنطقة؛وبهذا المفهوم سيكون الهدف من وراء إشعال حرب ولو كانت محدودة سحب القوات السورية باتجاه الحدود وتخلية الساحة الداخلية لمسلحي المعارضة للعمل بشكل مؤثر داخل المدن السورية.
هناك تصور آخر يقول: أنه في حال أظهرت تركيا مزيداً من الحزم تجاه سوريا سيؤدي الأمر إلى تعاظم مكانتها على صعيد المنطقة، ومع مرور قرابة العامين على بداية الاضطرابات السورية لم تحظ تركيا بأي مكاسب ملموسة ذات قيمة بالرغم من الدور الرئيسي الذي تلعبه في الأحداث والعمليات. وتعتقد تركيا أن تصعيد الاشتباكات والحرب ستشكل نقطة عطف في مواجهة أكثر جدية مع دمشق وسينعكس هذا الأمر على موضوع تغيير النظام.
كذلك يمكن أن يستحضر موضوع تصعيد التوتر مع سوريا تدخل حلف الناتو والمجتمع الدولي ويزج بهم في خضم الأزمة السورية بشكل مؤثر وفاعل وهذا الأمر يجعل تركيا من الناحية السياسية والعسكرية في مكان أفضل ويمكّنها من تحسين موقعها إقليمياً ودولياً.
2-بواعث ومحفزات سوريا لبدء الحرب:
يمكن الإشارة إلى عدة عوامل محتملة لتصعد سوريا من حدة الاشتباكات وبدء الحرب مع تركيا:
الاحتمال الأول: قيام سوريا بتصعيد الاشتباك في حرب تندلع مع تركيا سينتج عنه تحريك للمشاعر الوطنية وإثارة الحمية العربية وربما يدفع هذا الأمر تيارات المعارضة الداخلية لاتخاذ مواقف متطابقة مع الحكومة لتشكيل نوع من أنواع الانسجام والاتحاد النسبي على صعيد الداخل السوري لمواجهة التهديدات الخارجية وإذا تحقق هذا الأمر سينعكس على حدة الأزمة والاحتجاجات في الداخل مما يشكل مخرجاً لتجاوز الظروف الحالية في هذا البلد.
الاحتمال الثاني : تصعيد مستوى التوتر سيكون رسالة واضحة من قبل دمشق للاعبين الإقليميين وللقوى العظمى من أنه في حال استمرار الأزمة في سوريا فهناك إمكانية لتتحول هذه الأزمة الداخلية إلى أزمة تجتاح المنطقة برمتها مما سيشكل تهديداً مباشراً لأمن المنطقة ولمصالح كل الحكومات والدول.
ويمكن توجيه رسالة إلى تركيا مفادها أن الأزمة السورية يمكن أن تتسبب في إدخال تركيا في أزمة أكبر وأعقد من الأزمة الحالية التي تواجهها دمشق. بالإضافة إلى ما ذكر آنفاً يمكن التركيز على حقيقة هامة أن الحرب في حال وقعت ستوسع الهوة بين العرب والأتراك وسيتعاظم مستوى دعم الرأي العالم العربي للحكومة السورية.
موانع نشوب الحرب:
سنبحث معوقات نشوب حرب بين تركيا وسوريا وعوامل الردع وسنشير إلى المؤشرات التي تمنع وقوع الحرب:
1-موانع تركيا لبدء الحرب:
كما أشرنا سابقاً يمكن تصور بعض العوامل والأطر لبدء الحرب التركية على سوريا لكن على ما يبدو معوقات بدء الحرب أكثر مما تستوعبه قوالبها وسياقاتها وخصوصاً بما يتعلق بعوامل الردع التي تمنع تركيا من الذهاب إلى خيار الحرب الكاملة ويمكن الإشارة إلى (3) مؤشرات تتعلق بالصعيد الداخلي و الإقليمي والدولي:
-على الصعيد الداخلي: هناك ( (4موانع تقف في وجه تركيا:
المعارضة الشعبية، التبعات الاقتصادية للحرب، تبعات الحرب على أمن المنطقة وتأثيراتها على شرعية الزعماء السياسيين لحزب العدالة والتنمية.
يحظى الدعم الشعبي والشرعية التي يمنحها الشعب لبدء واستمرار الحرب بأهمية حياتية كبيرة لكلا البلدين حيث أن الرأي العام التركي يعارض نشوب حرب مع سوريا أو أي دولة أخرى من دول الجوار وتعتبر هذه القضية عامل ردع مهم و مؤثر.
في الوقت الراهن ليس لدى المسؤولين الأتراك أي دعم أو شرعية شعبية لخوض حرب مع سوريا ويظهر هذا في الاحتجاجات والمعارضة الشعبية الرافضة للحرب. هناك قضية مهمة أخرى تتمثل في التبعات والآثار الجدية المترتبة على الاقتصاد التركي في أي حرب تقع حيث ستطيح بكل النجاحات التي تحققت خلال العقد الماضي على الصعيد الاقتصادي وخصوصاً أن أي حملة عسكرية أو عمليات إرهابية تحدث في المناطق الاقتصادية التركية ستتسبب في فرار السياح ورؤوس الأموال الأجنبية التي حققت لحكومة العدالة والتنمية هذا الازدهار الاقتصادي.
على الصعيد العسكري والأمني الجيش التركي ليس لديه جهوزية للدخول في حرب ستكون نفقاتها وخسائرها العسكرية مكلفة وباهظة الثمن كما يجب التأكيد على قضية مهمة تتمثل في التحدي الأمني الذي يوجده الأكراد. الأتراك متخوفون أنه في حال حدوث "الاعتداء" ستتفاقم مشكلاتهم مع الأكراد لأن المسؤولين السوريين سيمدون بشكل علني وغير علني الأكراد بالسلاح ليفتحوا بذلك جبهة ثانية.
هناك قضية أخرى تتمثل في الشرعية الوطنية والشعبية للدولة الإسلامية التركية. ففي العقود الماضية كان للإسلاميين حظوظ قليلة للوصول إلى السلطة لكنهم تمكنوا خلال الدورة الحالية الممتدة من (2002 حتى الآن) البقاء في السلطة. وفي حال أدخلوا تركيا في حرب سيعرضون موقعهم للخطر وسيواجهون اتهاماً بأنهم (إسلاميي تركيا) طلاب حروب ولا يجب بقاءهم في السلطة أكثر مما سنحت لهم الفرصة.
على صعيد المنطقة يجب الأخذ بعين الاعتبار تأثيرات الحرب المحتملة على استقرار وأمن منطقة الشرق الأوسط وعلاقات تركيا ومنافسيها مع باقي حكومات المنطقة. بالرغم من وقوف السعودية وقطر إلى جانب تركيا في جبهة مواجهة التحولات الجارية في المنطقة لكن بصفتهما منافسان فلن يكونا حزينين بإضعاف تركيا. وفي حال اتسع نطاق الحرب بين تركيا وسوريا ستتأثر العلاقات التركية مع العالم العربي وسيترتب عليها نتائج عكسية ويمكن أن تؤدي إلى تشويه صورة تركيا أمام العرب.
كما يدرك الأتراك جيداً بأن الحرب مع سوريا ستوتر علاقاتها مع إيران والعراق وفي حال نشبت الحرب فإن الظروف لن تكون كما تتوقع تركيا.
وعلى تركيا في حال قررت خوض الحرب أن تواجه ردود فعل النظام الدولي والقوى العظمى حيث أن حلفاء تركيا وداعميها المحتملين من الغرب وحلف الناتو غير متفقين على موقف واحد، ومن جهة أخرى هناك تهديدات من قبل القوى الداعمة للحكومة السورية كروسيا والصين.
بالرغم من أمريكا وحلفائها الغربيين يرغبون بتغيير النظام في سوريا لكن على ما يبدو هذه الأماني والرغبات لا تعني تقديم الدعم الكامل لكل السياسات التي تتبعها تركيا بهذا الخصوص ومنها بدء الحرب، وهذا شيء يدركه السياسيون الأتراك جيداً نظراً إلى السياسات الغربية المتبعة في الماضي بهذا الخصوص والمواقف الجديدة تشير إلى هذا الأمر.
عندما فقدت تركيا مقاتلة حربية بنيران الدفاعات الجوية السورية على ساحل البحر المتوسط. صدر عن حلف الناتو بيان تهديد أعلن فيه عن دعمه لعضو قديم في الحلف. وتكرر بيان حلف الناتو حين سقطت قذائف الهاون من الأراضي السورية على قرية "آقجي قلعه" الحدودية في حين أن الأمين العام لحلف الناتو حاضر دائماً وبشكل مباشر للظهور أمام كاميرات الصحفيين ليقول أن الناتو لا يسعى للتدخل العسكري في سوريا.
بعد تصاعد التوتر بين تركيا وسوريا عقد حلف الناتو اجتماعاً طارئاً وكانت نتيجة الاجتماع كالتالي "حلف الناتو يدعم تركيا" في حين لو نظر الحلف إلى ما قام عليه سيعرف أن أحد أعضائه وحلفائه تعرض لهجوم من قبل دولة ليست عضو في الناتو وهذا يستدعي بحسب الالتزامات الداخلية شن هجوم على الدولة المهاجمة. لكن الحلف اكتفى بالدعم اللفظي لأنه يدرك جيداً أن الدخول في حرب مع سوريا لن يصعد من الأجواء الأمنية للنظام الدولي فحسب بل من الممكن أن يصيب روسيا بالحساسية وهناك احتمال لتحريك مجسات وحساسات القنابل النووية الروسية.
كما أن مواقف الاتحاد الأوربي والمسؤولين الأوربيين لم توجد مؤشرات إيجابية على البدء بالحرب. "كاثرين أشتون" مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوربي ضمن إدانتها للهجوم بقذائف الهاون على الأراضي التركية طالبت الطرفين بضبط النفس. وقالت في جزء من بيانها أيضاً: "ادعو الطرفين إلى ضبط النفس وسأستمر بمتابعة دقيقة للأوضاع".
كما طالبت المستشارة الألمانية "آنجيلا ميركل" بالتروي وقالت: "نقف إلى جانب تركيا، نرتبط مع تركيا على كافة الصعد برأيي الحذر هي الكلمة الوحيدة التي تدعمها برلين بشكل جدي". في المحصلة الدعم الغربي للحرب على سوريا غير متوفر في حين تعارض بشدة كل من الصين وروسيا المغامرات التركية ببدء بالحرب وقد أعلنتا مراراً عن معارضتهما لهذا الأمر.
2-موانع سوريا لبدء الحرب:
بما يخص العوامل الرادعة والموانع التي تقف في وجه سوريا لبدء الحرب، فإن هناك عوامل مختلفة وهذه العوامل مجتمعة أقوى من رغبة دمشق ببدء الحرب. أول استدلال يعود إلى أن نشوب الحرب بين سوريا وتركيا سيرفع من النفقات السياسية والاقتصادية والعسكرية لدمشق مما سيصاعد من المشكلات الداخلية لهذا البلد ولن تتمكن الحكومة من إدراة الأزمة الداخلية بشكل جيد، لأن الاشتباك بين سوريا وتركيا سيؤدي إلى إقحام عدد كبير من القوات العسكرية في الحرب وهذا يعني تهيئة أجواء مناسبة لتعزيز قوة المعارضة الداخلية المسلحة مما سيجعل الداخل السوري مسرحاً لعملياتها الإرهابية دون رادع.
ونظراً لقوة الجيش التركي فمن الممكن أن تدمر الهجمات العسكرية الكثير من المنشآت الاقتصادية والعسكرية السورية مما سيجعل هذا البلد يواجه أزمة حادة.
أعربت الحكومة السورية عن أسفها لسقوط قذائف هاون داخل الأراضي التركية ومقتل عائلة تركية جراء ذلك وأعلنت عن تعاطفها مع أهالي الضحايا كما أعرب المسؤولون السوريون عن أسفهم لما حدث ووعدوا بتجنب وقوع هكذا حوادث في المستقبل.
وبالرغم من لمس سوريا للعداوة التركية وباقي دول المنطقة ودعمهم للمعارضين والمسلحين لكن الحكومة السورية ما تزال تأمل إلى حد ما بتحسن الأوضاع واحتواء الأزمة ولا ترغب أن تصل المواجهة إلى نقطة اللاعودة.
على الصعيد الإقليمي والدولي لا ترغب سوريا ببدئها الحرب مع تركيا أن تفتح المجال لقوى ضاربة مثل الناتو والغرب للتدخل في أزمتها الداخلية وتوسيع جبهتها. كما أن دمشق تواجه معارضة لبدء الحرب مع تركيا من قبل الدول الداعمة لها مثل روسيا والصين وإيران حيث لا ترغب هذه الدول أن تدخل الحكومة السورية الحرب لأنه من الممكن أن تظهر مشكلات كبيرة وبالتالي نفقات مالية أكبر.
النتيجة:
الحرب المحتملة بين تركيا وسوريا أحد الأحداث التي لن تؤدي فحسب إلى دخول المنطقة في أزمة واسعة النطاق مصحوبة بحالة فوضى جدية وعدم استقرار بل من الممكن أن تتحول إلى تحدي عالمي إذا ما تدخلت القوى العظمى فيها.
بناءً على هذا الأساس فإنه من الضروري إدراك تبعات وأثار نشوب هكذا حرب مما يقضي باتخاذ سياسات وإجراءات ترتبط بأمن المنطقة وبالمصالح الوطنية للاعبين الإقليميين.
تظهر المؤشرات في البلدين إلى أن هناك محفزات و عوامل رادعة هي التي تجعل من وقوع الحرب أمراً ممكناً أو غير ممكن. على كل بالرغم من أنه لدى سوريا وتركيا دوافعهما ومحفزاتهما لتصعيد الاشتباكات وبالرغم من وجود بعض المعطيات لبدء الحرب لكن قبل أن يبدأ البلدين بحرب شاملة بكل معنى الكلمة يرغبان بإظهار قوتهما وعرض عضلاتهما وإيجاد تهديدات تكون مؤثرة على ذهن وأداء الطرف المقابل لأن هناك موانع سياسية جدية تحول دون اتخاذ قرار قطعي من قبل دمشق وأنقرة ببدء الحرب.
نظراً لظروف البلدين وكون ساحتهما الداخلية قابلة لتلقي الضربات بالإضافة إلى المشكلات المتفاقمة ووجود معارضة على صعيد المنطقة وعلى الصعيد الدولي لعدم تصعيد احتمال نشوب حرب، وفي حساب منطقي وعقلاني فإن دمشق وأنقرة في الظروف الحالية لا تعتبران الدخول في حرب تصب في صالحهما كما تعتبران أن الخسائر المترتبة على أي نوع من أنواع الحرب أكبر بكثير من المكاسب والفوائد المحتملة لها.
*باحث في جامعة طباطبائي
موقع برهان الإيراني