تحليلات سياسيةسلايد

من يفوز بإسطنبول يفوز بتركيا..

خالد الجيوسي

هو بمثابة إعلانٍ أوّلي لعلّه لنيّته تحقيق التغيير في حزب الشعب الجمهوري المُعارض، فبعد الخسارة بالانتخابات الرئاسيّة، والبرلمانيّة التركيّة الأخيرة، أيقن أكرم إمام أوغلو أن رئيس حزبه كمال كليتشدار أوغلو لن يستطيع هزيمة الحزب الحاكم، حيث نتائج انتخابات مُخيّبة للآمال، بعد فوز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بولايةٍ ثالثةٍ لخمس سنوات، ما يعني أن التغيير وجب، وهو أي التغيير تحدّث عنه إمام أوغلو تلميحاً، وتصريحاً.

يعود أكرم إمام أوغلو للواجهة الإعلاميّة مع تصريحات بدت للبعض مُغمغمة حول إعلان ترشّحه الصريح لرئاسة بلديّة إسطنبول من جديد، لكنّ الرجل عاد وتحدّث مُجدّدًا عن التغيير، حين قال بأن عمليّة التغيير داخل الحزب (الشعب الجمهوري) مُهمّة للغاية، وما أسعى إليه هو تحقيق ذلك”.

وقال إمام أوغلو في تصريحات الثلاثاء، إنه يسعى للدفاع عن إسطنبول وعدم خسارتها في الانتخابات البلديّة التي ستجرى في آذار/ مارس المقبل، مُشيرًا إلى أنه يتّجه وزملاؤه في حزب الشعب الجمهوري إلى تشكيل تحالف مع الأحزاب الأخرى أُسوةً بالعام 2019.

هذا التحالف الذي أشار إليه إمام أوغلو هو الذي شكّل الفارق في انتخابات البلديّة العام 2019، وجاء كالصّدمة للحزب الحاكم، فاسطنبول لم تخرج عن حزب الرفاه، ثم العدالة والتنمية بعد فوز أردوغان برئاسة بلديّة إسطنبول العام 1994، وهو ما يُفسّر حرص الرئيس أردوغان لحشد أنصاره للانتخابات المحليّة القادمة، فيما كان لا يزال يحتفي بفوزه بانتخابات الرئاسة والبرلمان الأخيرة، وأهميّة إسطنبول تحديدًا، فيما تبدو بلديّة أنقرة أيضاً بعيدة المنال عن انتزاعها من الحزب الحاكم وحُلفائه، ورئيسها الحالي منصور ياواش.

ولكنّ رئيس البلديّة الذي نجح في انتزاع إسطنبول معقل الحزب الحاكم في انتخابات البلديّة الأخيرة، لم يُعلن صراحةً عن ترشّحه لرئاسة البلديّة بشكلٍ صريح، الأمر الذي وضع تصريحاته في سياق رغبته بالصّعود إلى رئاسة الحزب، فيما لم يغب التلميح عن رغبته برئاسة البلديّة من جديد.

ثمّة قناعة في تركيا، بأن من يفوز بإسطنبول، يستطيع الفوز بتركيا، وهي مقولة معروفة للرئيس أردوغان، يُؤمن بها أكرم إمام أوغلو فيما يبدو، حيث الرئيس أردوغان فاز ببلديّة بإسطنبول العام 1994 عن حزب الرفاه، ثم بات رئيساً لتركيا، وقال إمام أوغلو في ذلك السياق، من يفوز بإسطنبول يفوز بتركيا”، مشيرًا إلى أن الفوز بها سيشكل نجاحا سياسيا كبيرا، حيث إن العمدة الذي يفوز برئاسة بلديتها يحصل على فرصة لخدمة واحدة من أجمل المدن في العالم.

ومن المُهم للمُعارضة التركيّة أن تُواصل انتزاعها لرئاسة بلديّة إسطنبول مع اقتراب موعدها (7 أشهر من الانتخابات المحليّة)، فيما يستعدّ الحزب الحاكم لإعادة سطوته على إسطنبول، التي كان سبق له التشكيك بنتائج انتخابات بلديّتها حين فازت المُعارضة، وطلب الإعادة، ودعا أكرم إمام أوغلو الأتراك قائلاً: “أدعو جميع مواطنينا للسير معًا في انتخابات 31 آذار/ مارس العام القادم؛ من أجل إرساء ديمقراطيتنا، وبصفتي رئيسًا للبلديّة أرى أن هذا النضال مع رؤساء البلديّات الأخرى مسؤوليّة تاريخيّة”.

ولم يعد يقبل أكرم إمام أوغلو مسألة وجود حزبه الشعب الجمهوري في المرتبة الثانية فيما يبدو بعد حزب العدالة والتنمية بقيادة أردوغان، فخاطب بشكلٍ لافت أعضاء الحزب لا يمكن للحزب أن يخسر الانتخابات بعد الآن، ولا ينبغي أن يخسرها، لا يمكن أبدًا أن نتباهى بأنه الحزب الثاني في تركيا، ولا ينبغي قبول ذلك”، وأضاف من الضروري أن تفوز المعارضة الاجتماعية والسياسية بقيادة حزب الشعب الجمهوري في الانتخابات المحلية، يجب علينا الفوز ليس فقط برئاسة البلديات بل أيضًا بالمجالس البلدية”.

ولا يعترف رئيس حزب الشعب الجمهوري الحالي كمال كليتشدار أوغلو نظرًا لتصريحاته بوجود آراء تطلب التغيير، ويعزو الأمر إلى كونه جدل صحافي جرى إدخاله للحزب، ولا يبدو أنه مُقتنعٌ بضرورة التغيير الكامل، إلا أن “ابنه” كما كان يصفه أكرم إمام أوغلو عاد وشدّد في المؤتمر الصحفي الذي عقده على عمليّة التغيير الكامل داخل الحزب، مشيرًا إلى أن ذلك ليس بالأمْر السّهل، وسيُواصل مُساهمته في هذا التحوّل بالطّرق المُمكنة والأكثر فاعليّة، وهذا التصريح يشي بوجود عقبات داخل حزب الشعب الجمهوري للتغيير الكامل، والأهم يطرح تساؤل حول الخطوات التي يُمكن لأكرم إمام أوغلو اتباعها أو ما وصفه بالطرق المُمكنة، وهل يتجنّب الصدام، أم يذهب لتأسيس حزب جديد يرأسه، وهو أمر تردّد في تقارير صحفيّة، مُرتكزًا على شعبيّته التي استطاع من خلالها انتزاع اسطنبول من حزب أردوغان، في حين فشل كليتشدار أوغلو بانتزاع تركيا من رئاسة أردوغان.

وعليه، تُطرح تساؤلات حول ما إذا كان كليتشدار أوغلو سيترشّح مجددًا لرئاسة حزبه الشعب الجمهوري، في حين حتى الآن لم يقل ما إذا كان سيترشّح في مُؤتمر الحزب هذا الخريف.

وتُجمِع الأوساط السياسيّة التركيّة المُعارضة، بأنه لا يُمكن لها أن تُنافس على بلديّة إسطنبول بدون أكرم إمام أوغلو، وإذا تمكّن الأخير من الفوز برئاسة بلديّة إسطنبول للمرّة الثانية، فسيكون طريقه أمام الترشّح لانتخابات الرئاسة العام 2028 مفتوحاً.

يُذكر أن أكرم إمام أوغلو، البالغ من العمر 52 عامًا، كان قد فاز برئاسة بلديّة إسطنبول في العام 2019.

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى