مي سليم…. نسمة الدراما السورية
تشبه الممثلة السورية الشابة مي سليم (الصورة) مواطنتها الممثلة إمارات رزق إلى درجة كبيرة، كما تبدو في بعض صورها كأنها شقيقة النجمة كاريس بشار. ورغم أنّها تحب تمثيل زميلتيها، إلا أنّها تفضّل ألا تشبه أحداً وأن يكون لها بصمتها الخاصة. متخرجة «المعهد العالي للفنون المسرحية» سنة 2014 من خلال مشروعَي تخرّج، الأوّل عرض ارتجالي مع جهاد سعد بعنوان «هستريا» والثاني «خارج السيطرة» (نص وائل قدور وإخراج سامر عمران)، يمكن وصفها بطريقة كلاسيكية. لطيفة الحضور إلى درجة توازي نسمة صيف عليلة.
عفوية مثل الأطفال تماماً، ليس في أدائها على الشاشة وحسب، بل حتى في تعاطيها مع من حولها. لكنّ عفويتها تضعها في بعض الأحيان في مواقف محرجة. وحساسيتها الزائدة تجعلها غالباً تعتكف بعيداً عن صخب العالم وتلوّثه. تعزي الممثلة الشابة نفسها دائماً نتيجة الظروف الحالكة بأن المستقبل أمامها ولا شيء فاتها حتى الآن طالما أنّها تملك الطموح والشغف بمهنتها وحياتها. تملك من دمشق ذكريات موغلة في الحميمية، وخصوصاً تلك التي حملتها من المعهد، يوم لمعت عيون أهلها ألقاً وهي تجسّد شخصيتها على الخشبة في مشروع تخرّجها، ويوم أصيب زميلها بعرض آخر كانت تحضره وزيرة الثقافة، وتركت دماؤه أثرها على أرضيّة المسرح، ويوم بدأت تتعرّف إلى أبناء دفعتها في السنة الأولى. كل ما سبق، إلى جانب «عقد إيجار» حالي وموثّق لدى الجهات الحكومية لبيت صغير جداً في حيّ الشعلان الدمشقي العريق، تمضي معظم وقتها في تنظيفه، وكأنها على حافّة «وسواس قهري» بالنظافة، وممارسة هواية الطبخ لضيوف كثر يملأون المكان الصغير تفاصيل وأحلاماً ومشاريع متناثرة. من عربة تقطع دربها الوعرة في شام المعارك والقذائف والتهالك الاقتصادي والغلاء المعيشي. حكمتها الشهيرة تفضي إلى ما يأتي: «هل هناك عاقل يجمّد نقوده بثمن منزل، وكيف يمكن لأي منّا أن يقود سيارة في هذا الازدحام المروري؟». هي تعرف تماماً أنها تختلق مبررات أمام نفسها عن غياب أساسيات الحياة التي تعتبر في سوريا رفاهية، حتى ولو لصاحب مهنة إبداعية. سطع نجمها الموسم الماضي مع المخرج المرموق حاتم علي بدورها في «العرّاب ــ تحت الحزام» (كتابة خالد خليفة وأحمد قصّار). التجربة علّمتها كثيراً وأفسحت أمامها مجالاً صغيراً لمقارعة الكبار في مسلسل وربما مشهد واحد. سبق هذه التجربة مشاركة عابرة في «رفّة عين» (أمل عرفة والمثنى صبح)، ثم «عناية مشددة» (كتابة علي وجيه ويامن الحجلي، وإخراج أحمد إبراهيم أحمد) و«بلا غمد» (قصة بشار أبو قورة وكتابة عثمان جحى ومؤيد النابلسي، وإخراج فهد ميري)…
أما على صعيد «الفنّ السابع»، فشاركت في ثلاثة أفلام حتى الآن هي: «الرابعة بتوقيت الفردوس» لمحمد عبد العزيز، و«ليليت السورية» لغسان شميط، و«رجل وثلاثة أيّام» مع جود سعيد. مع ذلك، لا يزال دربها طويلاً. في حديث مع «الأخبار»، تحكي مي سليم عن العقبات التي تواجه الممثل الشاب هذه الأيام، وتلخصها بالقول: «قلّة الإنتاجات قياساً مع سنوات السلم، من ناحية الكم والنوع، وغياب مجموعة من صنّاع الدراما المهمين عن البلد، وتراجع حسّ المغامرة بالوجوه الجديدة عند معظم المنتجين، وانتشار ظواهر مرضية وسلبية مثل الشللية والوجوه المكرّسة دوناً عن غيرها». وتضيف سليم: «لكن ما سبق لا يلغي أن هناك شباباً أخذوا فرصاً لم يستثمروها، وآخرين نجحوا واستحالوا نجوماً وأسماء لامعة على مستوى الوطن العربي». إضافة إلى ذلك، ترشّح الممثلة الصاعدة لقائمة الصعوبات «شحّ الميزانيات وضعف الأجور والتحكّم بالممثلين الجدد، على اعتبار أنّهم يحتاجون إلى فرص وظهور بأي طريقة». كل ذلك يجعل من وجهة نظر محدّثتنا الأمور صعبة وتحتاج إلى حرب حقيقية ليستحق الإنسان مكانه، لكنّ بالمقابل فإنّ الأمر على هذا النحو يفرض «ضرورة التمسّك بقواعد ثابتة وتكريس تقاليد معيّنة، وجدية إضافية في التعامل مع المهنة وعدم الرضوخ لشروط السوق التي تملى على المنتج وتطلب منه إنجاز أعمال هابطة في بعض الأحيان».
صحيفة الأخبار اللبنانية