مُستشرِقٌ إسرائيليٌّ: انعدام إستراتيجيّةٍ لترامب سيؤدّي لإشعال الحرب وروسيا
ما زالت الأوضاع المُتوترّة جدًا في الخليج العربيّ بين أمريكا وإيران تطغى على المشهد السياسيّ والإعلاميّ في كيان الاحتلال الإسرائيليّ، علمًا أنّ رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، أصدر تعليماته الصارِمة لجميع الوزراء بعدم الإدلاء بأيّ تصريحٍ حول هذه القضيّة، واكتفي هو بنفسه بإطلاق تصريحٍ واحدٍ جاء فيه أنّ الدولة العبريّة لن تسمح للجمهوريّة الإسلاميّة في إيران بالحصول على أسلحةٍ نوويّةٍ، على حدّ تعبيره، وهو الأمر الذي ما زال يُكرّرّه منذ أكثر من عقدين من الزمن، كما ذكرت صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة، صباح اليوم الثلاثاء.
على صلةٍ بما سلف، نشر المُستشرِق الإسرائيليّ، د. تسفي بارئيل، الذي يعمل مُحلّلاً لشؤون الشرق الأوسط في صحيفة (هآرتس) العبريّة، نشر صباح اليوم الثلاثاء مقالاً زعم فيه أنّ إيران تطمح في الوصول إلى الحافّة مع واشنطن، ولكنّها ليست معنيّةً بخوض مُواجهةٍ عسكريّة معها، لافتًا إلى أنّ التصعيد مع واشنطن من شأنه أنْي دفع المُواطنين الإيرانيين للتظاهر ضدّ النظام الحاكِم، وبذلك يقضي على العملية الدبلوماسيّة الإيرانيّة التي تتميّز بالتهديد، على حدّ تعبيره. واستدرك المُستشرِق الإسرائيليّ قائلاً إنّ عدم وجود إستراتيجيّةٍ للرئيس الأمريكيّ، دونالد ترامب، هي التي ستؤدّي لإشعال فتيل الحرب بين الدولتين، كما نقل عن مصادره واسعة الاطلاع في تل أبيب.
من ناحيته قال الجنرال بالاحتياط يوسي كوبرفاسر، وهو الرئيس السابق لشعبة الأبحاث في الاستخبارات العسكريّة وهو اليوم باحث في مركز القدس للشؤون العامّة والسياسات، قال في مقالٍ نشره بصحيفة (يسرائيل هايوم)، قال إنّه كما هو منتظر، تقف روسيا والصين إلى جانب إيران، وفي هذه الأثناء يستمر الغضب في الساحة الداخليّة الإيرانيّة على خلفية الضائقة الاقتصاديّة، وأنّ خبراء نوويون في الغرب يواصلون نشر تحليلات عن الأرشيف النوويّ الإيرانيّ تُوضِح مدى تقدم المشروع النوويّ العسكريّ الإيرانيّ حتى سنة 2003، ومدى عدم مسؤولية الوكالة الدولية للطاقة النووية فيما يتعلق بالاتفاق النووي.
وشدّدّ على أنّ الهدف الأعلى للنظام الإيرانيّ هو المحافظة على بقائه، وإنقاذ الاتفاق النوويّ الذي يمنحه القدرة على أنْ يُنتِج من دون إزعاجٍ ترسانةٍ كبيرةٍ من السلاح النووي خلال 11 عامًا، لافِتًا أنّه في طهران يتخوفون من أنّ الهدف من الضغوط الأمريكيّة التسريع في استبدال النظام، وليس فقط كبح إيران عن الحصول على سلاح نووي، وكبح تطلعاتها إلى الهيمنة الإقليميّة.
وتابع: في داخل القيادة الإيرانيّة يدور جدل بشأن سبل مواجهة الضغط الأميركي: المطروح هو شدّ الحزام الماليّ، ومحاولة ابتزاز أوروبا، من خلال التهديدات، للتعويض عن الخسائر الاقتصاديّة المتوقعة نتيجة العقوبات، وردع الأمريكيين من خلال التهديدات العسكرية لهم ولحلفائهم، انطلاقًا من الافتراض أنّ ترامب وأقسامًا من إدارته لا يريدون تصعيدًا.
ورأى الجنرال أنّه ليس أكيدًا أنّ التصريحات الإيرانيّة الأخيرة تكشف حسمًا واضحًا، ومن المحتمل أنّ التهديدات المُوجهّة إلى الغرب هي بالون اختبار، في تقدير الإيرانيين أنّهم قادرون على الامتناع من تنفيذها. مع ذلك فإنّ هذه التهديدات تدفع بالنظام إلى مسار من شأنه مفاقمة ضائقته: اضطرار أوروبا إلى التحرك نحو التنصل من الاتفاق، وازدياد فرص التصعيد، طبقًا لأقواله.
وأردف كوبرفاسر: يبدو أنّ الإيرانيين يُفضِّلون انتظار نتائج الانتخابات المقبلة للرئاسة الأمريكيّة قبل أنْ يتخذوا قرارًا، على أمل أنْ يأتي محل ترامب رئيس ديمقراطيّ يعيد الولايات المتحدة إلى الاتفاق، مع ذلك، يعتقد خامنئي أنّه من دون ردٍّ مُباشرٍ على تفاقم التهديدات، ستتآكل مكانة النظام وسط الإيرانيين، وستشكل الضائقة الاقتصادية خطرًا على استقرار النظام، ولكن من المعقول أنّ طهران ستسعى للامتناع في المرحلة الحالية من أنْ تتحدّى عسكريًا بصورةٍ مُباشرةٍ أمريكا، انطلاقًا من إدراكها حدود قوتها وقابليتها للتأثر بالقدرات العسكريّة الأمريكيّة.
وأكّد كوبرفاسر في مقاله، الذي نقلته للعربيّة “مؤسسة الدراسات الفلسطينيّة”، أكّد: يبدو أنّ هذا الإدراك هو في أساس اتخاذ القرارات في الولايات المتحدة، ويريد الأمريكيون إخراج الإيرانيين من توازنهم، من خلال إجبارهم على اتخاذ قرارات قبل المعركة الانتخابية، ووضعهم أمام معضلة: هل يتمسكون بالاتفاق أمْ يخرقونه تمامًا ويعرّضون بقاء نظامهم للخطر، أوْ يخضعون للضغوط ويوافقون على طرح الاتفاق على البحث من جديد، لافتًا إلى أنّه في هذه المرحلة يرفض الإيرانيون الخضوع، لكن فشل جهود الخروج من الضائقة والغليان الداخليّ يُمكِن أنْ يجبرهم على السير في هذا الاتجاه.
واختتم كوبرفاسر قائلاً إنّه يتعيّن على إسرائيل دعم أمريكا في جهودها لمنع إيران من الحصول على سلاحٍ نوويٍّ، وينبغي لها أنْ تكون مُستعدّةً لإمكان انعكاس ارتفاع التوتر عليها، وأنْ يؤدي ذلك إلى التصعيد في مواجهة التنظيمات التي تدور في فلك إيران وعلى رأسها حزب الله، والجهاد الإسلاميّ وحماس، على حدّ قوله.
صحيفة رأي اليوم الألكترونية