ناقوس الخطر يدق باب الطفولة
أية عماد الدبوسي
تطالعنا كل يوم وسائل الاعلام عن مشاريع و حلول لهذه الحرب العبثية في سوريا عن طريق إيجاد مخارج و تسويات ..
و تحت قصف المدافع وهدير الطائرات يتم التحدث والتخطيط من قبل الدول والشركات عن كيفية إعادة الإعمار لما هُدم بهذه الحرب المجنونة وما سيجنونه من أرباح.
لكن هناك أصوات تتعالى من عدة منابر إلا أنها و للأسف تكون ضعيفة وتكاد لا تصل لأذن قائلها… أطفالنا من يهتم بهم ؟؟
فنتيجة لهذه الحرب التي كان وقعها و أثارها مدمرة على البشر والحجر ، كانت آثارها أقسى و أكثر فتكاً على أطفالنا، فهم جيل المستقبل الذي نعول عليهم للمساهمة في إعادة بناء هذا الوطن المدمر والمثقل بالجراح.
و تجار الحرب استغلوا براءة الأطفال إما بتجنيدهم، أو بتشويه أفكارهم بمعلومات مغلوطة و عدائية وكره الآخر أو الإتجار بهم ، ناهيك عن خروج آلاف مؤلفة منهم من كنف المدارس إلى حياة التشرد والتهجير والعمل في ظل ظروف خالية من الإنسانية ومن أبسط حقوق الإنسان.
أليس هذا مدعاة لدق ناقوس الخطر للقادم من الأيام ؟؟
و من أكبر تأثيرات الأزمة على نفسية الطفل ما شاهده من عنف وأعمال وحشية وصور مؤثرة إن كان على شاشات التلفاز أو على أرض الواقع أو حتى عند فقدانه أحد المقربين منه بصورة مفاجئة كان من العوامل الأساسية في عدائيته وعنفه مع أقرانه والقريبين منه أو السبب في خوفه الدائم و عزلته.
فما هي الوسيلة التي ستقنع الطفل الذي يشاهد أعمال القتل والحرق والسرقة أمام عينيه كأنه عمل مباح بأن هذا العمل خاطئ ؟؟
والمنزل، الذي يعتبر الخلية الأولى في التربية ، أصبح للأسف مشوهاً في كثير من الأحيان، فالوالدين الذين قاما بزرع المثل العليا والقيم والمبادئ في عقل الطفل تتحطم عند قيامهما بعمل لا يمت لهذه المبادئ بصلة، والمشكلة تكمن في أن ما يقومان به يختزن في ذاكرة الطفل باعتباره من المسلمات الصحيحة الواجب اتباعهما بها.
فلقد استوقفتني خلال الأزمة الأخيرة التي مرت بها دمشق من إنقطاع المياه وحرمان ساكنيها منها، بعض المظاهر السلبية. فدمشق الآن إلى حد ما في فترة إستقرار أمني والأمور الحياتية فيها شبه مستقرة، إلا أننا نستيقظ يومياً على أصوات مشاجرات بين الجوار في الأبنية المتلاصقة، حيث يقوم الواحد منهم بسرقة خزان مياه الآخر بطرق مختلفة، لكن المؤسف في هذا الأمر أنهم يستعينون بأطفالهم الصغار لحمل ما يقومون بسرقته ، وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على النهج التربوي الذي يتلقاه هؤلاء الأطفال من ذويهم ..
فكيف سنقنعهم بأن ما تم فعله من قبل والديهم هو عمل خاطئ و مخالف للدين و القانون و لحسن الجوار !؟.
أليس هذا مدعاة لدق ناقوس الخطر وإعلان النفير العام لوضع خطط وبرامج إعادة بناء لهذا الطفل على الصعيد التربوي والنفسي والأخلاقي قبل إعادة إعمار الحجر ؟؟
سؤال برسم التربويين و المثقفين و الغيورين على هذا الوطن !!!..