تحليلات سياسيةسلايد

نتنياهو في ورطة والأبواب تُغلق بوجهه والجميع تركوه وحيدًا..

يُسابق زعيم حزب “الليكود” بنيامين نتنياهو الزمن، لإزالة الحمل الثقيل الذي أُلقي على كتفيه قبل أيام، بعد توكيله رسميًا من قبل الرئيس الإسرائيلي، بمهمة تشكيلة حكومته السادسة الأكثر تعقيدا وجدلا خلال السنوات الأخيرة الماضية.

نتنياهو في موقف لا يُحسد عليه كثيرًا، فجميع الطرق التي يمكن أن يسلكها نحو كرسي رئاسة الحكومة، قد أغلقت في وجهه، وبات الآن يُقاتل وحيدًا وضعيفًا على كافة الجبهات، من أجل تحقيق الهدف الذي كان يتمنى حدوثه قبل إعلان فوزه بانتخابات “الكنيست”.

الجميع توقع أن لا يكون طريق مشاورات تشكيلة الحكومة الإسرائيلية أمام نتنياهو ورديًا بل ستحيط به الكثير من العقبات والأشواك من كل جانب، لكن الواقع الآن في ظل محاولة الأحزاب اليمينية المتطرفة والمتشددة استغلال الفرص للحصول على وزارات سيادية وحساسة ومفصلية، ستخلق أزمات داخل إسرائيل وخارجها وخاصة مع الحليف الأبدي الإدارة الأمريكية برئاسة جو بادين، أصبح أكثر تعقيدًا وغموضًا.

وأدّى فوز “اليمين” بأغلبية واضحة في الانتخابات التي جرت في الأول من نوفمبر، وأنهت ما يقرب من أربع سنوات من الجمود السياسي، إلى ارتفاع سقف التوقعات داخل حزب “الليكود” بزعامة نتنياهو بإبرام تحالفات سريعة مع الأحزاب الدينية-القومية التي تشارك الحزب أفكاره وتوجهاته.

لكنّ انقسامات ظهرت بين “الليكود” وحزب “الصهيونية الدينية” القوي الذي يعارض قادته المتشددون قيام دولة فلسطينية ويدعون لضم الضفة الغربية، وهي وجهات نظر تتعارض بشكل مباشر مع توجهات الإدارات الأميركية المتعاقبة.

وأبرز تلك العقبات التي ظهرت أمس، حين أعلن حزب “القوة اليهودية” الذي يتزعمه المتطرف إيتمار بن غفير، عن وقف مفاوضات تشكيل حكومة الاحتلال الجديدة مع حزب الليكود.

كعكة الحكومة

وبحسب موقع “واي نت” العبري، فإن حزب بن غفير اتهم الليكود بزعامة بنيامين نتنياهو بالتراجع عن الاتفاقات التي تم التوصل إليها في الأيام الأخيرة وخاصة المتعلقة بتولي وزارة النقب والجليل.

وقال مسؤولون من حزب بن غفير، إن تعزيز النقب والجليل هي ضمانة انتخابهم، وأنه تم انتخابهم لرعاية سكان بئر السبع ونتيفوت وعسقلان وسديروت وكذلك أطراف الجليل.

وسبق ذلك أن أعلن حزب الصهيونية الدينية الذي يتزعمه بتسلئيل سموتريتش شريك بن غفير، عن تعثر المفاوضات مع الليكود الذي يرفض أن يتنازل عن حقيبة الحرب الإسرائيلية لصالحه، والاتهامات التي يوجهها حزب نتنياهو ضد سموتريتش وشن حملة ضده في شبكات التواصل الاجتماعي.

ويطالب نواب الصهيونية الدينية بأن يتولى زعيم الحزب بتسلئيل سموتريتش منصب “وزير الدفاع” حتى يتسنى للحزب التأثير على السياسة ذات الصلة بالضفة الغربية، التي يخضع أكثر من نصفها للسيطرة العسكرية الإسرائيلية الكاملة ويطالب الفلسطينيون بأن تكون جزءا من دولتهم المستقبلية، ويطالب حزب “اليكود” في الوقت نفسه بالاحتفاظ بالمنصب الرفيع.

وقال النائب عن حزب ليكود ميكي زوهر لراديو كان “لا تزال هناك تباينات واختلافات فيما يتعلق بسموتريتش. وآمل أن يتم حل الأمر قريبا”، مشيرا إلى أن حقيبة الدفاع هي “الأهم” لليكود.

وذكرت النائبة عن الصهيونية الدينية أوريت ستروك أن حزبها سيقبل أيضا حقيبة المالية لكنه غير مستعد لقبول أي منصب لا يضمن له “تأثيرا حقيقيا” على إنشاء مستوطنات في الضفة الغربية.

وأضافت لمحطة كان “إنه (نتنياهو) لا يعاملنا كشركاء، وإنما كأحمال زائدة”.

وحتى منصب المالية سيثير المشاكل لنتنياهو، الذي سبق أن صرح قبل الانتخابات بأن ليكود سيحتفظ بالحقائب الثلاث الكبرى وهي الدفاع والمالية والخارجية.

وتعتبر معظم الدول المستوطنات غير قانونية، وهو ما ترفضه إسرائيل، فيما يؤكد الفلسطينيون أن توسيع المستوطنات يحول بينهم وبين إقامة دولة تتمتع بمقومات البقاء.

وبغض النظر عن الحقائب التي سيشغلها حزب الصهيونية الدينية، فإنه يبدو أن الحكومة القادمة ستكون الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل، الأمر الذي سيضع نتنياهو تحت ضغط لحفظ التوازن الدبلوماسي بين ائتلافه وحلفائه الغربيين.

تشاؤم وخلافات

وحاليا يسود التشاؤم معسكر اليمين الإسرائيلي بعد تحول فرضية فشل نتنياهو في تشكيل حكومة إلى فرضية واقعية، مع تعثر جهود توزيع الحقائب الوزارية على شتى أحزاب اليمين.

يذكر أنه بقي حتى الآن نحو ثلاثة أسابيع للفترة الممنوحة لنتنياهو، لتشكيل الحكومة، لكن الحزب “يأمل بأن تنتهي هذا الأسبوع الأزمة في المباحثات الائتلافية، وتعجيل الاتصالات لإقامة الحكومة الجديدة”، بحسب “i24” الإسرائيلي.

وفلسطينيًا دعا رئيس الوزراء محمد اشتية، العالم إلى رفض الاستيطان والقتل والدمار، وتدفيع إسرائيل ثمن سياساتها العدوانية الممنهجة بحق شعبنا الفلسطيني.

وقال رئيس الوزراء في كلمته بمستهل جلسة الحكومة اليوم الإثنين، في رام الله، “إذا كانت مفاوضات تشكيل الحكومة في إسرائيل مبنية على من يبني مستوطنات أكثر، ومن يريد أن يسهل إطلاق النار علينا أكثر، ومن يريد أن يصادر أرضنا أكثر، فإنها بذلك تحضر لإعلان حرب علينا يقودها غلاة المستعمرين، وأمام هذا المشهد الذي يضم أحزابا تريد أن تشعل فتيل القتل والدمار. مطلوب من العالم الآن أن يقول بصوت عالٍ أنه يرفض هذه السياسة، وأنه جاهز لتدفيع إسرائيل ثمن هذه السياسة العدوانية الممنهجة بحق شعبنا”.

واعتبر اشتية أن ما جرى في تل الرميدة، وباب الزاوية، وشارع الشهداء في الخليل، نموذجا لما سوف تتجه نحوه الأمور من تصعيد تتلاشى فيه المسافة بين الجيش والمستوطنين، فهم فريق واحد.

وكان موقع “أكسيوس” (Axios) الأمريكي نقل عن مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين، بعد إعلان نتائج انتخابات الكنيست (البرلمان) مطلع الشهر، قولهم إنه من غير المرجح أن تتعامل إدارة الرئيس جو بايدن مع العضو المتطرف في الكنيست إيتمار بن غفير، الذي يتوقع أن يتولى منصبا وزاريا رفيعا في الحكومة الإسرائيلية المقبلة.

وذكر الموقع أن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، ومستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، ألمحا إلى احتمال عدم العمل مع بن غفير وغيره من المتطرفين اليمينيين، وذلك خلال اجتماعهما مع الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ في واشنطن.

وفي هذا الصدد قال الخبير في الشؤون الأمريكية، أسامة أبو ارشيد، إنه “لن يكون هناك أي شكل من أشكال التصعيد ما بين إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدين، وبين الحكومة الإسرائيلية القادمة التي سيقودها نتنياهو”.

ورأى أن إدارة بايدن لا تنظر إلى تعيين سموتريتش وبن غفير بكثيرٍ من الإيجابية، مبيناً أن ذلك “لن يمنع من التعامل مع الحكومة القادمة بالنسبة للبيت الأبيض”، مضيفًا “اختيار شخصيات إسرائيلية متطرفة في الحكومة الإسرائيلية القادمة؛ لن يؤثر على سير العلاقات الدبلوماسية ما بين واشنطن وتل أبيب؛ لجهة أن العلاقات الأمنية الاستراتيجية بينهما كبيرة وعميقة جداً”.

وبيّن أن اختيار سموتريتش وبن غفير يمثل المعادل الموضوعي للعنصرين البيض والسود في الولايات المتحدة، من خلال إطلاق تصريحات تتعلق بتفوق البيض على السود، وسموتريتش وبن غفير يؤمنان بتفوق اليهود على غيرهم.

وأشار إلى أن “هناك أصواتاً عديدة في الحزب الديمقراطي، لا سيما الأجيال الجديدة، بدأت تأخذ مواقف حادة تجاه إسرائيل، وتنتقد السياسة الإسرائيلية بصورة لافتة، بل وتتعاطف مع الفلسطينيين، وهذا سيؤثر على التحالف الديمقراطي بشكل عام”.

وذكّر أبو ارشيد بالتوتر الذي حصل سابقاً بين باراك أوباما (الرئيس الأمريكي الأسبق) ونتنياهو، خاصة فيما يتعلق بالاتفاق النووي مع إيران، مضيفاً أنه “رغم كل الخلافات؛ بقيت العلاقات مستمرة بين الإدارتين الأمريكية والإسرائيلية”.

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى