نعم.. إسرائيل تُؤيّد حل “الدولة الواحدة” لشَعبين ولكن في الأردن وليسَ في فِلسطين المُحتلّة..
أثارت التّصريحات التي أدلى بها الدكتور عمر الرزاز، رئيس وزراء الأردن، إلى صحيفة “الغارديان” البريطانيّة ونشَرتها يوم الثلاثاء حالةً من الجدل في الأوساط الأردنيّة والفِلسطينيّة خاصّةً الفقَرة التي قال فيها “إنّ الأردن يُمكن أن يَنظُر بشَكلٍ إيجابيٍّ إلى حلّ الدولة الواحِدة لشَعبين لتسوية النّزاع “الفِلسطيني الإسرائيلي” إذا ما كانت ستتساوى فيها الحُقوق الإسرائيليّة والفِلسطينيّة
ربّما يكون الدكتور الرزاز من بين المَسؤولين العرب القلائل الذين تجاوزا حلّ الدولتين، وقفَزوا إلى حلّ الدولة الواحدة، هذا إذا لم يَكُن الشّخص الوحيد على حدّ علمنا، فهذا “الحَل”، أيّ حل الدولة الواحدة، لم يَرِد مُطلقًا في الأدبيّات والمُبادرات الرسميّة العربيّة، بِما في ذلك مُبادرة السّلام العربيّة حيثُ كانت الجُملة الأثيرة إلى قُلوب الزّعماء العرب ووزراء خارجيّتهم، وبيانات قِممهم، هي “التسّمك بحلّ الدولتين، وقِيام الدولة الفِلسطينيّة المُستقلّة، وعاصِمتها القدس على حُدود الرابع مِن حزيران (يونيو) عام 1967”.
ربّما لهذا السّبب أوضح الدكتور الرزاز أنّه يتحدّى أن يقبل أيّ مسؤول إسرائيلي، وخاصّةً بنيامين نِتنياهو بهذا الحل المَشروط بالمُساواة في واجباتِ المُواطنة والحُقوق السياسيّة فالذين يُؤيّدون حلّ الدولة الواحدة بالشّروط التي أشار إليها الدكتور الرزاز يَنسون الطّبيعة العُنصريّة للسّلطة ومُعظم المُجتمع الإسرائيلي، مثلما ينسون قانون القوميّة اليهوديّة الذي أقرّه الكنيست قبل عام، ونصّ على أنّ هناك قوميّة واحدة على الأرض الفِلسطينيّة المحتلّة وهي القوميّة اليهوديّة، أي أنّ المُواطنة في إسرائيل هي حقٌّ لليهود فقط، ولا مكان فيها للعرب كمُسلمين ومسيحيين، الأمر الذي يُسقِط “وهم” المُقاومة الديمغرافيّة والتفوّق العددي السكّاني الفِلسطيني.
الحديث عن حلّ الدولة الواحدة لم يَعُد ورقةَ تهديد لدولة الاحتلال الإسرائيلي، وتخويف المسؤولين السّياسيين فيها، لأنّ مَن يطرحونها يَفترِضون أنّ إسرائيل “دولة ديمقراطيّة يتساوى المُواطنون فيها بالحُقوق والواجبات، وليسَ دولة تُطبّق أسوأ أنواع النّظم العُنصريّة في التّاريخ.
نعَم إسرائيل تُؤيّد حلّ الدولة الواحدة “لشَعبين”، بعد تطبيق صفقة القرن وضمّ مُعظم الضفّة الغربيّة وغور الأردن، لأنّها تُريد هذه “الدّولة الواحدة” في الأردن وليس في فِلسطين المُحتلّة، وعُنوانها الأبرز والأقوى هو “الترانسفير”، أي طرد أكبر عدد مُمكن مِن الفِلسطينيين إلى الضفّة الشرقيّة، حيثُ الوطن البديل، ونأمل أن يَعِي الدكتور الرزاز والمَسؤولون الأردنيّون الآخرون هذه الحقيقة، وليسَ لدينا أيّ شك بأنّهم كذلك أو هكذا نأمَل.
باختصارٍ شديد نقول إنّه في الأصل كانَ الاحتلال الذي هو أساس المشاكل والمصائب التي حلّت بالأمّة العربيّة والشّعب الفَلسطيني جُزء منها، وما الحديث عن “الضّم” إلا مُحاولة مدروسة لدفع الفِلسطينيين والعرب لنِسيانه (أي الاحتلال) والانشِغال بالمُصطَلح الجديد “الضّم”، مثلما نجحوا في استِخدام مُصطلح الدولة الفِلسطينيّة المُستقلّة لتغييب الحُقوق الفِلسطينيّة الشرعيّة في أراضِ عام 1948، وعلى رأسِها حقّ العودة.
الإسرائيليّون يُطلِقون المُصطلحات ونحنُ نقع في مِصيَدتها، ونعمَل على ترديدها مِثل “الببّغاء”، وهُنا تَكمُن أحد أبرز مآسينا الكُبرى.
صحيفة رأي اليوم الالكترونية