نوافذ شعرية| الوقت (مقطع) (أدونيس)

 

أدونيس

حاضِنًا سُنبلةَ الوقتِ ورأسي برجُ نارٍ:
ما الدّمُ الضّاربُ في الرّملِ, وما هذا الأفولُ?
قُلْ لَنا, يا لَهَبَ الحاضِرِ, ماذا سنقولُ?
مِزَقُ التّاريخِ في حُنجرتي
وعلى وجهي أماراتُ الضّحيّهْ
ما أَمَرَّ اللّغةَ الآنَ وما أضيقَ بابَ الأبجديّهْ.
حاضنًا سنبلةَ الوقتِ ورأسي برجُ نارٍ:
جُثَثٌ يقرؤُها القاتِلُ كالطُّرْفَةِ / أَهْراءُ عِظامٍ,
رأسُ طِفْلٍ هذه الكتله, أم قطعةُ فَحْمٍ?
جسَدٌ هذا الذي أشهدُ أم هيكلُ طينٍ?
أَنحني, أرتُقُ عينين, وأَرفو خاصِره
ربّما يُسعفُني الظنُّ ويَهديني ضياءُ الذّاكره
غيرَ أنّي عبثًا أَسْتقرىءُ الخيطَ النَّحيلْ
عبثًا أجمعُ رأسًا وذراعينِ وساقين, لكيْ
أكتشفَ الشّخصَ القتيلْ
حاضِنًا سنبلةَ الوقتِ ورأسي برجُ نارٍ:
… / كَشَفَ البهلولُ عن أسرارِهِ
أَنّ هذا الزّمَنَ الثّائرَ دُكّانُ حِلّيٍ,
أنّه مُسْتَنْقَعٌ ( … )
كشفَ البهلولُ عن أَسْرارِهِ
سيكونُ الصِّدقُ موتًا
ويكون الموتُ خُبْزَ الشّعراءْ
والذي سُمّي أو صارَ الوطَنْ
ليس إلاّ زمنًا يطفو على وجهِ الزَّمَنْ.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى