تحليلات سياسيةسلايد

هذا هو سر اشتعال النيران بين نتنياهو ومصر.. توتر وتهديد وتصعيد غير مسبوق في العلاقات..

نادر الصفدي

مصر هي من حولت غزة إلى سجن كبير”.. كانت هذه التصريحات المفاجئة التي صدرت عن رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، كفيلة لتُشعل نار التوتر بين “تل أبيب” والقاهرة، وتدخل التصعيد في دائرة غير مسبوقة قد تُبعثر أوراق المنطقة بأكملها.

 

تصريحات نتنياهو التي أغضبت القاهرة كثيرًا، حاول فيها وبكل “خبث” أن يرمي الكرة في ملعب مصر ويظهرها بانها شريك رئيسي مع “تل أبيب” في حصار غزة والتضييق على سكانه منذ سنوات طويلة، فيما سارعت الأخيرة بالإعلان عن عقد قمة عربية طارئة على أراضيها لبحث الملف الفلسطيني، وخاصة ما يطرح من مخططات أمريكية وإسرائيلية لتهجير سكان غزة.

القاهرة سارعت بإصدار بيانًا صارمًا للرد على تصريحات نتنياهو ووضع حد لها، لكن هذا الأمر طرح العديد من التساؤلات حول توقيت وهدف نتنياهو من إطلاق تصريحاته، خاصة بعد حديث عن تهديد القاهرة بإلغاء اتفاقيات رسمية وقعت مع “تل أبيب” حال التصعيد وتنفيذ مخططات تهجير الفلسطينيين.

الإعلام العبري تطرق لملف التوتر الحاصل بين القاهرة و”تل أبيب”، وأكدت العديد من المواقع الإسرائيلية، أن هناك خلافات كبيرة بين نتنياهو والسيسي حول ملف معبر رفح وإدارته وكذلك حدود غزة الجنوبية مع مصر، وعدم قدرة الجيش المصري في منع تهريب الأسلحة لغزة عبر الأنفاق المنتشرة أسفل الأرض، وصعوبة السيطرة على الشريط الفاصل، وكذلك موقف القاهرة الرافض وبكل حزم لمخطط تهجير سكان غزة لدول أخرى.

والجمعة الماضية، وصل وفد أمني اسرائيلي إلى القاهرة يوم لإجراء مباحثات عاجلة حول قضية الترتيبات الأمنية على الحدود المشتركة.

جاءت الزيارة على خلفية تصاعد التوتر بين البلدين في أعقاب الحرب في غزة ونشر القوات المصرية في المنطقة “ج”، وأشارت التقارير إلى أن الطرفين ناقشا خلال الاجتماعات عددًا من القضايا الأمنية الحساسة، بما في ذلك مستقبل محور “فيلادلفيا” والتعديلات الضرورية لاتفاقيات “كامب ديفيد”.

ونقل كبار المسؤولين المصريين رسالة حازمة للوفد الإسرائيلي، بحسب قناة “العربي” القطرية مفادها أن أي انتهاك للاتفاق من قبل إسرائيل سيقابل بخطوة مماثلة من قبل مصر، حتى لو أدى ذلك إلى إلغاء الاتفاق.

وأثار الجانب الإسرائيلي عدداً من التحفظات بشأن نشر القوات المصرية في المنطقة (ج)، والتي تم تعريفها كمنطقة منزوعة السلاح في اتفاقيات السلام.

وفي الوقت نفسه، أثار الممثلون الإسرائيليون ضرورة تحديث الملاحق الأمنية لاتفاقيات كامب ديفيد، مدعين أن بعض بنودها لا تتكيف مع الواقع الأمني الحالي.

وقالت مصادر مصرية إن القاهرة لا تعارض من حيث المبدأ مناقشة تحديث الاتفاق، لكنها تشترط ذلك باختيار “التوقيت المناسب” و”خلق الأجواء المناسبة” حتى لا يتعرض الاتفاق برمته للخطر.

وفي بيان شديد اللهجة، عبرت وزارة الخارجية المصرية عن استهجانها التصريحات التي أدلى بها نتنياهو في وسائل إعلام أميركية ووصفتها بأنها “ادعاءات وتضليل متعمد”.

وقالت الوزارة في بيان “تؤكد مصر على أن تلك التصريحات تستهدف التغطية وتشتيت الانتباه عن الانتهاكات الصارخة التي ارتكبتها إسرائيل ضد المدنيين وتدمير المنشآت الحيوية الفلسطينية من مستشفيات ومؤسسات تعليمية ومحطات كهرباء ومياه الشرب، فضلا عن استخدام الحصار والتجويع كسلاح ضد المدنيين”.

وأضافت “تعرب مصر عن رفضها التام لأية تصريحات تستهدف تهجير الشعب الفلسطيني إلى مصر أو الأردن أو السعودية، وتعرب عن تضامنها مع أبناء غزة البواسل الذين يتمسكون بأرضهم رغم كل ما يتعرضون له من أهوال للدفاع عن قضيتهم العادلة والمشروعة، كما تؤكد على التمسك بالثوابت المصرية والعربية الراسخة والمرتكزة على حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته على حدود الرابع من يونيو/حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية”.

وفي مقابلة بثتها قناة “فوكس نيوز” الأمريكية ليلة السبت – الأحد، قال نتنياهو إن قطاع غزة “سجن مفتوح”، زاعما أن مصر هي التي تمنع الفلسطينيين من مغادرته “طوعا”، رغم تأكيد وإصرار الفلسطينيين في القطاع باستمرار تمسّكهم بأرضهم ورفضهم مخططات التهجير.

وزعم نتنياهو أن الفلسطينيين في غزة يريدون أن يغادروا القطاع، مدعيا أنه تلقى طلبات عديدة من فلسطينيين لمغادرة غزة حتى قبل اندلاع الحرب في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

واستدرك رئيس الوزراء الإسرائيلي: “لكن مصر لا تسمح لهم بالمغادرة، لو أعطيتموهم الخيار سيغادرون”، وفق مزاعمه.

وزعم أن “البعض (الفلسطينيين) كانوا يقدمون رشاوى لحراس البوابة (معبر رفح).. وهكذا خرج الأثرياء للغاية، لكن أولئك الذين أرادوا المغادرة لم يتمكنوا من ذلك”.

من جانبها، أدانت منظمة التحرير الفلسطينية، الاثنين، ادعاءات نتنياهو بأن مصر هي التي تمنع الفلسطينيين من مغادرة قطاع غزة طوعا عبر معبر رفح، معتبرة ذلك “تضليلا وتشويها لحقيقة أن المشكلة في الاحتلال وحصاره لهم”.

وقال أمين سر اللجنة التنفيذية للمنظمة حسين الشيخ في بيان: “ادعاءات نتنياهو تجاه جمهورية مصر العربية تضليل وتشويه لحقيقة أن المشكلة في الاحتلال الإسرائيلي وحصاره للشعب الفلسطيني وليس في مصر التي عملت خلال سنوات طويلة على مساعدة وإسناد شعبنا سياسيا وماديا ومعنويا”.

وأشار الشيخ إلى أن “مصر وقفت موقفا مشرّفا في منعها تهجير الشعب الفلسطيني من وطنه ودعمت صموده وثباته على أرضه”، وتابع: “التحية لمصر، قيادةً وشعبا”.

ويبقى التساؤل.. هل مصر شريك بحصار غزة؟ وما وراء تصريحات نتنياهو؟

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى