هل باتت المِلاحة في البحر الأحمر تحت رحمة “أنصار الله”؟
سيطرت قوّات خاصّة تابعة لحركة “أنصار الله” الحوثيّة على سفينة ترفع علم دولة الإمارات العربيّة المتحدة وجرّتها إلى ميناء الحديدة فجر اليوم في تطوّرٍ عسكريّ يُنبِئ بأنّ العام الجديد 2022 سيكون حافلًا بالتّصعيد العسكريّ على جميع الجبَهات في الحرب اليمنيّة.
العميد تركي المالكي، المتحدّث باسم التحالف العسكري، قال إن السّفينة القادمة من جزيرة سوقطرة كانت تحمل معدّات وأجهزة طبيّة، لإقامة مُستشفى في جازان، لكن نظيره اليمني العميد يحيى سريع كذّب هذه الادّعاءات، ونشر صُورًا وفيديوهات للسّفينة داخِل الميناء بعد السّيطرة عليها، أظهرت وجود دبّابات ومدرّعات وأسلحة على متنها، الأمر الذي إذا تمّ التّأكُّد من وقائعه، وهي تبدو صحيحة، سيُشَكِّل حرجًا كبيرًا للتّحالف بإثبات اختِراقه لقرارات الأمم المتحدة التي تحظر إرسال أسلحة لأطراف الصّراع على أرض اليمن.
***
اللّافت أيضًا أن اعتراض هذه السّفينة، والسّيطرة عليها، تزامن مع إعلان التحالف السعودي عن تصدّي دفاعاته الجويّة لطائراتٍ حُوثيّة مُسيّرة كانت تستهدف القاعدة العسكريّة في مدينة الطائف شمال غرب المملكة، واستِعادة قوّات “أنصار الله” حسب بياناتها للمواقع التي خسرتها في مُحافظة شبوة جنوب مأرب قبل أيّام.
إذا تأكّدت رواية العميد يحيى سريع المتحدّث العسكري باسم حركة “أنصار لله” بأن هذه السّفينة المُحتَجزة إماراتيّة عسكريّة وأن الأسلحة والدبّابات التي كانت على متنها قادمة من أبوظبي عبر جزيرة سوقطرة، ومُتوجّهة إلى فصائل تابعة لها على السّاحل الغربيّ اليمني، فإنّ هذا التطوّر قد يكون بداية النّهاية، لاتّفاق هُدنة سرّي “غير مكتوب” بين حُكومتيّ صنعاء وأبوظبي، جنّب الإمارات أيّ هجمات صاروخيّة حوثيّة طِوال السّنوات السّبع الماضية.
امتِلاك حركة “أنصار الله” الحوثيّة هذه الإمكانيّات العسكريّة التي تُؤهّلها للسّيطرة على سُفُن في مياه البحر الأحمر، تَطَوُّرٌ خطير في الحرب اليمنيّة المُستمرّة مُنذ سبع سنوات، وهذا يعني أن وحداتها الخاصّة المُزوّدة بزوارقٍ سريعة، وقُدرات عالية على الرّصد والمُتابعة، يُمكن أن تتحكّم بالمِلاحة البحريّة في البحر الأحمر، ومضائقه، خاصَّةً باب المندب.
لا نستطيع أن نستبعد العلاقة بين عمليّة السّيطرة على هذه السّفينة الإماراتيّة، وتطوّرات الحرب في مأرب، ومُحافظة شبوه المُجاورة، وأحدث فُصولها تقدّم القوّات المُوالية للإمارات في هذه المُحافظة، وإبعاد مُحافظها السّابق محمد بن عديو، واستِبداله بآخَر بتوصيةٍ إماراتيّة، الأمر الذي شكّل ضربةً قويّةً لحزب الإصلاح الإخواني، وأحدث خللًا في ميزان القِوى في المنطقة.
***
دولة الاحتِلال الإسرائيلي ستكون حتمًا الأكثر قلقًا من هذا التّصعيد العسكريُ في جنوب البحر الأحمر لأن أكثر من 80 بالمِئة من صادراتها تمر عبر هذا الخطّ البحريّ، سواءً لدول شرق آسيا، أو القارّة الإفريقيّة، الأمر الذي يضع جميع سُفنها التجاريّة، وربّما العسكريّة، عُرضَةً وهدفًا في المُستقبل المنظور لعمليّاتٍ مُماثلة، وبمعنى آخَر أن تُصبِح السّفن الإسرائيليّة تحت رحمة صواريخ وزوارق “أنصار الله”.
اليوم الهدف سفينة إماراتيّة، وربّما يكون الهدف غدَا سفينة إسرائيليّة، ولعلّه من المُفيد التّذكير بأنّ الهُجوم بالطّائرات المُسيّرة على إحدى النّاقلات الإسرائيليّة في بحر عُمان قبل أربعة أشهر وفي ذروة حرب السّفن كان “حُوثيًّا” وليس إيرانيًّا، حسب بيانات الحُكومة البريطانيّة التي تعهُدت بِرَدٍّ انتقاميّ جماعيً، وأرسلت قوّات خاصّة إلى مُحافظة المهرة اليمنيّة المُجاورة لسَلطنة عُمان لحماية السّفن الأمريكيّة والإسرائيليّة، ومُطاردة مُنفّذي الهُجوم المذكور.
العام الجديد سيكون حافِلًا بالمُفاجآت سواءً في حرب اليمن، أو على الجبهات الأُخرى في فِلسطين والعِراق ولبنان.. وأوّل الغيْث قطرة.. والقادم أعظم.
صحيفة رأي اليوم الألكترونية