هل بدأت دورة ارتفاع سعر النفط؟

شهدت بداية الأسبوع ارتفاع أسعار النفط إلى اكثر من ٦٠ دولاراً لبرميل البرنت. ومن أهم أسباب هذا الارتفاع عاملان أساسيان: تصريح ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان عن ضرورة تمديد اتفاق خفض الإنتاج كي تعزز المكاسب، وتصريح وزير النفط السعودي خالد الفالح ورئيس «أوبك» الحالي أن السعودية منفتحة على جميع الخيارات وقوله إن «الرئيس بوتين اتفق معنا وأبلغنا استعداده لتمديد اتفاق خفض الإنتاج حتى ٢٠١٨ إذا تم الاتفاق على ذلك وإذا كان الخيار الأفضل».

لا شك في أن التعاون بين السعودية وروسيا، أكبر منتجين للنفط من «أوبك» وخارجها، على خفض الإنتاج، لعب وسيلعب دوراً أساسياً في منع هبوط الأسعار، وقد أقر بذلك أمين عام «أوبك» محمد باركندو بقوله ان السعودية وروسيا كانتا قائدتي مبادرة استعادة استقرار السوق النفطية، متمنياً أن يبقى ذلك طيلة عام ٢٠١٨.

والعامل الآخر الذي يلعب دوراً أساسياً في تحسين مستوى سعر النفط هو نمو اقتصادات العالم الغربي في أوروبا الذي بلغ أعلى مستوى منذ عشر سنوات، وأيضاً النمو في أسواق الصين والهند والدول الصاعدة. فالنمو الاقتصادي يؤدي إلى زيادة الطلب على النفط. ووضع السوق النفطية الآنية يعكس طلباً مرتفعاً على المنتجات النفطية بسبب تحسن النشاط الاقتصادي. والثقة بالتعاون السعودي- الروسي في تنظيم السوق النفطية لمنع تدهور الأسعار حتى نهاية ٢٠١٨ تدفع إلى التفاؤل بأن أسعار النفط ستبقى عند مستوى ٦٠ إلى ٦٥ دولاراً للبرميل.

وإشارة الفالح إلى أن اتفاق خفض الإنتاج سيبقى طالما هو ضروري يشير إلى أن «أوبك» خلال مؤتمرها الوزاري المقبل في فيينا في ٣٠ الشهر الجاري ستمدد هذا الاتفاق مع الدول خارج «اوبك» حتى نهاية السنة المقبلة. فالاتفاق الساري حالياً بتخفيض ١,٨ مليون برميل في اليوم بين ٢٤ دولة من «أوبك» وخارجها هو حتى نهاية آذار (مارس) ٢٠١٨ ولكن تصريح بوتين ينبئ بتمديده، خصوصاً أن الفالح بصفته رئيس الدورة الوزارية لـ «أوبك» لا يمكنه تأكيد ذلك قبل انتهاء مشاوراته مع جميع الوزراء في المنظمة وخارجها.

ولكن الخطر في ارتفاع الأسعار أن تبدأ بعض الدول الملتزمة بتخفيض إنتاجها حالياً بشكل صارم بتناسي التزاماتها من أجل بيع المزيد من النفط وتحقيق أرباح آنية مستفيدة من أسعار نفط مرتفعة. فالتزام دول «أوبك» وخارجها جيد حتى الآن، خصوصاً روسيا التي لها تاريخ في عدم الالتزام بتخفيض حصصها الإنتاجية.

ولكن روسيا بوتين بحاجة ماسة إلى أسعار نفط مرتفعة. ورؤساء شركات النفط في روسيا كلهم مقربون من الرئيس الروسي ولن يخلوا باتفاقهم معه على المساهمة في تحسن الأسعار. فبوتين يقود حرباً مكلفة في سورية وهدف الحكومة الروسية هو عودة النمو الاقتصادي القوي وتحسن سعر النفط يعطي الموازنة الروسية دفعة إذ إن مستوى سعر برميل النفط الذي بنيت عليه الموازنة كان بين ٤٠ إلى ٤٤ دولاراً.

بعد ان ارتفع سعر برميل النفط الى اكثر من ٦٠ دولاراً في سوق لندن يوم الإثنين تراجع بعض الشيء بسبب ارتفاع صادرات نفط العراق من الجنوب بحوالى ٢٢٠ الف برميل في اليوم للتعويض عن توقف بعض الإنتاج من حقول كركوك بسبب الأحداث مع الأكراد. وذكرت بعض الوسائل الإعلامية أنه لدى تسلم السلطات العراقية حقول كركوك تم إيقاف الضخ منها لان الأكراد غيروا كل منظومة المنشآت فيها مما دفع السلطات العراقية إلى إيقافها.

أما الأمر المقلق لمستقبل سعر النفط فهو زيادة النفط الصخري الأميركي الذي يبقى العامل الذي سيمنع سعر النفط من الارتفاع إلى مستويات أعلى إلى ٩٠ دولاراً وأكثر. حتى إذا ارتفع الطلب على النفط واستمر النمو الاقتصادي لان الشركات الأميركية ستستمر في زيادة إنتاج النفط الصخري. ولكن عموما دخلت الآن الدول المنتجة للنفط دورة أسعار نفط تتحسن. وقد نرى أن سعر النفط سيستمر عند معدلات ما بين ٦٠ و٦٥ دولاراً للبرميل للفترة المقبلة وإذا تم تمديد اتفاق الدول الأعضاء في «أوبك» وخارجها إلى نهاية ٢٠١٨ مثلما هو متوقع قد تبقى أسعار النفط عند هذا المستوى لأن النفط الأميركي قد يحد من صعودها إلى أكثر من ذلك.

صحيفة الحياة اللندنية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى