هل جاء القصف الصاروخي لبناية في قلب دمشق ردا على تدمير ناقلتين إسرائيليتين في بحر العرب الأسبوع الماضي؟
اذا كان الهجوم الصاروخي الإسرائيلي الذي استهدف بناية سكنية في حي “كفر سوسة” في العاصمة السورية دمشق، وادى الى استشهاد خمسة واصابة خمسة عشر آخرين معظمهم من المدنيين جاء بهدف الرد على غارة بالمسيرات على ناقلتي نفط إسرائيليتين وليست واحدة في بحر العرب الأسبوع الماضي تُرجِح معظم شركات الأمن البحري وقوف ايران خلفها، بأنه يمكن الجزم بأن هذا الهجوم الصاروخي الإسرائيلي لم يحقق أهدافه، او معظمها على الأقل، ويعكس حالة من اليأس والإحباط في دولة الاحتلال.
الإعلان عن الهجوم على الناقلتين الاسرائيليتين لم يأت من ايران، التي تنفذ عمليات عسكرية انتقامية عديدة ضد دولة الاحتلال، سواء عسكرية تقليدية ام سيبرانية، دون إعلان، وانما جاء من قبل بنيامين نتنياهو اثناء الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء اليوم الاحد، فايران تقول وتنفذ وتؤذي، وضرباتها الانتقامية تلحق اضرارا كبيرة بالعدو المستهدف وفي هذه الحالة “إسرائيل”، تتجنب “المباهاة”، ولا تهتم مطلقا بمنتقديها على وسائل التواصل الاجتماعي الذين يكررون دائما عدم ردها على الاعتداءات الإسرائيلية خاصة على مخازن أسلحة لها في العمق السوري.
شركة الأمن البحري البريطانية المتخصصة “أمبري انتليجنس” أكدت ان طائرات مسيرة إيرانية على الأرجح هاجمت ناقلتين إسرائيليتين وسفينة إماراتية في بحر العرب، وقد أصيبت الناقلتان بصواريخ اطلقتها المسيرات الإيرانية، وهذا يعني ان جميع الناقلات والسفن الإسرائيلية المتوجهة لشرق آسيا او العائدة منها، باتت غير أمنة، الامر الذي سيلحق خسارة مادية كبيرة بدولة الاحتلال واقتصادها اذا وضعنا في الاعتبار ان 85 بالمئة من الصادرات الإسرائيلية تمر عبر هذا الخط البحري، ونحن لا نتحدث هنا عن الاضرار المعنوية التي لا تقل أهمية في ظل الحرب النفسية المتصاعدة.
ما تخشاه دولة الاحتلال هو نمو وانتشار ودقة المنتوج الصناعي الحربي الإيراني بشكل متصاعد، وعبر الجنرال يواف غالنت وزير الدفاع الاسرائيلي يوم الجمعة الماضي عن هذا القلق عندما قال “ان ايران توسع انتشار أسلحتها المتطورة خارج المنطقة بالرغم من الحظر، وتجري حاليا مباحثات لبيع طائرات مسيرة وذخائر دقيقة لأكثر من 50 دولة”.
العميد ركن محمد رضا آشتياني وزير الدفاع الإيراني رش الكثير من الملح على الجرح الإسرائيلي عندما أعلن الأربعاء الماضي ان ارتفاع حجم انتاج المنتجات الدفاعية الإيرانية تضاعف ثلاث مرات بالقياس بالعام الماضي، وارتفاع صادراتها خمس مرات في الفترة نفسها.
اذا عدنا للهجوم الإسرائيلي على حي كفر سوسة في دمشق، فما زالت المعلومات الرسمية، من الجانبين سواء السوري او الإسرائيلي شحيحة جدا، فلو كان هذا الهجوم يستهدف اغتيال شخصية عسكرية إيرانية او لبنانية او فلسطينية، لما صمت الجانب الإسرائيلي طوال هذا الوقت، ولأعلن انتصاره الكبير مثلما فعل اثناء اغتياله للسيد سمير القنطار ومثله الحاج عماد مغنية، مضافا الى ذلك ان السيد اكرم العجوري قائد الجناح العسكري لحركة “الجهاد الإسلامي” الذي قيل ان أسرته تعيش في المبنى المستهدف اكد انه بخير وعلى قيد الحياة، وليس متواجدا في العاصمة السورية، والشيء نفسه يقال أيضا عن السيد زياد النخالة قائد حركة “الجهاد الإسلامي”.
نجد لزاما علينا التذكير في هذه العجالة ان حركة “الجهاد الاسلامي” توعدت بالرد بالصواريخ على أي عملية اغتيال تستهدف قيادييها من قبل دولة الاحتلال، واطلقت 4000 صاروخ وقذيفة على تل ابيب عندما اغتالت دولة الاحتلال قائدها الميداني بهاء أبو العطا في قطاع غزة قبل أربعة سنوات تقريبا، القاعدة نفسها، أي الانتقام الفوري يلتزم بها “حزب الله” اللبناني، واكد قائده السيد حسن نصر الله الامر نفسه في خطاباته الأخيرة، وهذا ما يفسر عدم اقدام دولة الاحتلال على اغتيال أي من قادة الحزب في السنوات الأخيرة، واذا تبين لاحقا ان احد القيادات الفلسطينية او اللبنانية او الإيرانية استشهد في هجوم “كفر سوسة” فمن غير المستبعد ان يكون الرد فوريا وسريعا.
ايران ترد بقوة وصمت وتوجع، وكذلك “الجهاد الإسلامي”، ولا نستبعد ردا مفاجئا من “حزب الله” في المستقبل المنظور على بدء دولة الاحتلال سرقة الغاز اللبناني من حقل “كاريش” وتصديره الى أوروبا في انتهاك سافر لإتفاق ترسيم الحدود البحرية.. والله اعلم.
صحيفة رأي اليوم الألكترونية