هل ستشتعل الحرب في غزّة بشهر رمضان؟..
في قطاع غزة، بات السؤال الوحيد الذي يدور بين المواطنين المحاصرين “برًا وبحرًا وجوًا” منذ أكثر من 16 عامًا، ويشغل بالهم وتفكيرهم أكثر من أي شي آخر، هو “هل ستكون الحرب في رمضان؟، في ظل التصعيد السياسي والميداني المُشتعل وغير مسبوق في الضفة الغربية والقدس، والمتوقع انتقاله لغزة في أقرب وقت.
المؤشرات جميعها تُدلّل على أن جولة التصعيد القادمة لا مفر منها، فهي متشابهة كثيرًا مع المؤشرات التي سبقت جولة التصعيد الأخيرة على قطاع غزة، فإجراءات حكومة الاحتلال الإسرائيلي العنصرية من قتل وتدمير وإعدامات وهدم وتهجير وتجنيس للمقدسات وغير من الجرائم، نفسها التي جرت في نهاية المطاف قدم المقاومة للدخول في المعركة.
ورغم أن الوسيط المصري يحاول بكل ثقله ويُمارس الضغوطات بأوسع أشكالها لمنع اقتراب ساعة المواجهة أو حتى تأجيلها قدر المستطاع، إلا أن حديث الميدان والتصعيد الإسرائيلي الحاصل والمتصاعد لمرحلة خطيرة للغاية، سيكون في النهاية أقوى بكثير من الوعود والتهديدات التي تصدح داخل الغرف المغلقة.
“إيتمار بن غفير” وزير الأمن القومي في الحكومة الإسرائيلية، اتخذ اليوم خطوة جديدة من شأنها أن تُشعل التوتر خلال شهر رمضان بقرار صادم جديد، فكشفت وسائل إعلام عبرية عن محادثة بين بن غفير وقادة في الأجهزة الأمنية في دولة الاحتلال، حول اقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى المبارك، في العشر الأواخر من رمضان.
بن غفير اعتبر خلال المحادثة المُسربة أنه يجب السماح للمستوطنين باقتحام المسجد الأقصى خلال العشر الأواخر من شهر رمضان، بينما حذرت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية من خطورة هذه الخطوات في ظل المخاوف من اندلاع مواجهة جديدة مع الفلسطينيين.
وفي السياق، كشفت هيئة البث الإسرائيلي أن بن غفير وجه قادة الشرطة في دولة الاحتلال إلى الاستمرار في عمليات هدم المنازل والمنشآت التجارية والزراعية، في مدينة القدس المحتلة، خلال شهر رمضان، وذكرت الهيئة أن شرطة الاحتلال اعتادت على تجنب الهدم، خلال رمضان، لمنع انفجار الأوضاع.
وتتخوّف الأوساط الأمنية والعسكرية في دولة الاحتلال من اندلاع مواجهة جديدة مع الفلسطينيين، في شهر رمضان، في ظل ظروف تراكمت في السنوات الماضية زادت من هذا الاحتمال على غرار ما حصل في أيار/ مايو 2021، خاصة بعد تصاعد الحراك الثوري في الضفة المحتلة، في الشهور الماضية، وتوسعه إلى مناطق جديدة، واحتمالات دخول المقاومة في غزة على خط المواجهة، بشكل مباشر.
وتُواجه إجراءات بن غفير بانتقادات وسخرية من قيادات في مختلف المستويات الإسرائيلية خاصة بعد إعلانه عقب عملية الشهيد حسين قراقع، عن إطلاق عملية “السور الواقي 2″، وهو ما اعتبرته قيادات أمنية وعسكرية سابقة وحالية في دولة الاحتلال تعبيراً عن الافتقار لــ”الخبرة” لدى وزير الأمن القومي.
الأمر لم يتوقّف عند بن غفير فقط حول المواجهة والحرب التي تقترب كثيرًا من غزة، فرئيس حركة “حماس” في الخارج خالد مشعل، رسم أخطر سيناريوهات لجولة تصعيد قادمة حين أكد بان شهر رمضان على القطاع سيكون ساخنًا.
وقال مشعل، في تصريحات له نشرتها مواقع تابعة لحركة “حماس”، إن “الأمور ذاهبة إلى التصعيد في شهر رمضان المبارك ونحن مقبلون على أيام ساخنة”، مشددًا، على وجوب توحد الفلسطينيين في أرض المعركة، مؤكداً أن الميدان يوحد الجميع.
ويرى أن الفلسطينيين يواجهون ما وصفها بـ”حكومة البلطجيين”، وهو ما يستدعي وفق رؤيته موقفاً فلسطينياً موحداً كموقف المقاومة في نابلس وجنين وغزة.
وأوضح أن موقف حركة “حماس” ثابت في أنه لا استرداد للوطن إلا بالمقاومة بأشكالها كافة، داعياً الأمة أن يكون لها سهم في تحرير فلسطين.
الجدير ذكره هنا أنه في شهر رمضان من كل عام، تزداد حملة الاعتداءات التي يشنها المستوطنون بحماية من شرطة الاحتلال الإسرائيلي ضد أبناء شعبنا أثناء تأديتهم صلاة التراويح في داخل وباحات المسجد الأقصى، والاعتكاف في آخر أيام الشهر الفضيل، الأمر الذي يثير استفزاز مشاعر المسلمين والفلسطينيين، فيما يكثف جيش الاحتلال من عدوانه وتصعيده وجرائمه، الأمر الذي يدفع غزة للرد بالصواريخ على تلك الجرائم، فيما يكون التصعيد عنوان الأبرز بعد ذلك.
وفي هذا الصّدد يقول المحلل السياسي، مصطفى الصواف، إن “حديث مشعل هو قراءة للواقع الموجود الآن في القدس والضفة الغربية وكلها عوامل لإحداث تصعيد، والجميع توقع أن يكون شهر رمضان مع استمرار الاعتداءات بحق المقدسيين وأهالي الضفة هي التي ستشعل أية انتفاضة قادمة.
وأضاف: “لذلك عملية التصعيد هي جارية نتيجة ما يقوم به الاحتلال وهو تحذير لكل العالم كي يعي جيدًا بأن الاحتلال يعمل بكل ما لديه من قوة من خلال إجراءاته على الأرض إلى تصعيد عمل عسكري سواء كان في الضفة أو كل الساحات الفلسطينية”.
وأكمل الصواف: “اعتقد قطاع غزة ليس منفصلًا عن القدس والضفة الغربية وأراضي 48، كما وبات جزءً من كل ما يجري الآن في الساحة الفلسطينية، وهذا ما حذر منه قادة الاحتلال بأن القطاع يراقب ويعد العدة للمواجهة، ودخوله على خط المواجهة وارد”.
وكانت قد ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية عن مسؤولين في جيش الاحتلال، إنه تقرر تعزيز كتيبة الضفة الغربية والقدس بثلاث كتائب إضافية مع قرب شهر رمضان المبارك وازدياد وتيرة العمليات في الآونة الأخيرة.
وقبل ذلك، أكد معارضو حكومة بنيامين نتنياهو، من أبرزهم سابقه في المنصب، يائير لبيد، وكذلك وزير الجيش السابق، بيني غانتس، أن ما تقوم به الحكومة التي تضم الوزيرين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش قد تدفع لجولة من التصعيد مع الفلسطينيين.
وقالت وسائل إعلام إسرائيلية، أنّ المؤسسة الأمنية الإسرائيلية عاجزة عن إيجاد ردٍ تكتيكي أو استراتيجي لمواجهة موجة العمليات الفلسطينية المرتقبة، وقال محلل الشؤون العربية في القناة “13” الإسرائيلية، تسفيكا يحزكليي، “دائماً هناك خشية في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، فمثلاً شهر رمضان حوّلته حماس إلى شهر الجهاد، لذلك نحن خائفون دائماً”.
وخاضت إسرائيل آخر حرب استمرت 56 ساعة في غزة في آب/ أغسطس 2022 ضد الجهاد الإسلامي في فلسطين، وفي العام السابق ضد حماس، وأقسمت الجماعتان على “تدمير إسرائيل” والدخول بحرب جديدة دون حدود، لكنهما تلتزمان بهدنة ممتدة بحكم الواقع تمت بوساطة مصرية في 2021.
ويبقى السّؤال هُنا.. هل سيكون شهر رمضان موعدًا للحرب وجولة تصعيد جديدة؟..وكيف سيكون؟ وما هي مفاجآت المقاومة؟
صحيفة رأي اليوم الألكترونية