هل سيلتهِم القرش إسرائيل؟ الكيان يخشى مفاجأةً جديدةً لحزب الله والجيش أسير صدمة
تعيش إسرائيل حالةً من الخشية والقلق العارميْن بسبب حزب الله، فمن ناحية تتوجّس من عدم تمكّنها استخراج الغاز من حقل (كاريش) المتنازع عليه مع لبنان، بسبب تهديدات الأمين العّام حسن نصر الله، وإمكانية اندلاع مواجهةٍ بين الطرفيْن، ومن الجهة الأخرى، فإنّ عدم الإيفاء بوعدها باستخراج النفط والغاز في أيلول (سبتمبر) القادم سيعود عليها بخسائر اقتصاديّةٍ هائلةٍ لارتباطاتها مع شركاتٍ للبيع، كما أنّها قد تفقد الفرصة الذهبيّة لاستغلال ارتفاع أسعار الطاقة لدرّ أرباح كبيرةٍ على خزينتها.
مُضافًا إلى ذلك، فإنّ تأجيل استخراج الطاقّة من حقل (كاريش) سيجعلها أضحوكةً أمام الرأي العّام في الكيان، لأنّ حصول لبنان على مترٍ مُربّعٍ وحادٍ جنوب الخّط 23 سيُعتبر انتصارًا بكلّ المقاييس لبلاد الأزر عامّةً ولحزب الله خاصّةً، كما أنّ هذا الانتصار، سيؤكِّد تضليل تهديدات كبار قادتها السياسيين والأمنيين، ويُفقِدهم مصداقيتهم، وخصوصًا القائد العّام للجيش، الجنرال أفيف كوخافي، الذي هدّدّ اللبنانيين بحرب غيرُ مسبوقةٍ وطالبهم بمغادرة بيوتهم حال اندلاع المواجهة، وفق ما قاله في الذكرى الأربعين لحرب لبنان الأولى عام 1982.
الخبراء، المحللون والمعلقون في الإعلام العبريّ يُجمِعون على أنّ الكيان في ورطةٍ، وأنّه لا يستطيع مواصلة حالة التأهّب على الحدود مع لبنان لفترةٍ طويلةٍ بسبب مشاغل أخرى للجيش يتعيّن عليه القيام بها، كما أنّهم يؤكّدون بأنّ الوضع في الشمال قاب قوسيْ أوْ أدنى من الانفجار، ويُحذّرون من أنّ حزب الله قد يُرسِل هذه المرّة مُسيّراتٍ مسلحةٍ لضرب حقل (كاريش)، فيما يُشير قادة جيش الاحتلال إلى أنّ المفاجأة التي كانت من نصيبهم في العام 2006 عندما أسر حزب الله جنديين، قد توعد وبقوّةٍ في هذا الأيّام، على حدّ تعبيرهم، وأنّ عملية الأسر ستقود لحربٍ تمامًا كما حصل في العام 2006.
علاوة على ذلك، يُقّر الخبراء، الذين يتعمِدون على مصادر أمنيّةٍ وعسكريّةٍ رفيعةٍ في تل أبيب، يُقّرون بأنّ إسرائيل تأخذ على محملٍ من الجدّ تهديدات حزب الله الأخيرة، والتي أكّد من خلالها الأمين العّام للحزب، حسن نصر، بقدرة المقاومة على الوصول إلى ما بعد كاريش، وهو المصطلح الذي يقُضّ مضاجع الإسرائيليين ويُذكّرهم بهزيمتهم في حرب لبنان الثانية 2006، عندما أطلق نصر الله مقولته المشهورة (ما بعد، بعد حيفا)، والتي ما زالت عالقةً في أذهان الإسرائيليّة، قيادةً ومُستوطنين.
وفي هذا السياق أكّد المُحلِّل العسكريّ يوآف ليمور في صحيفة (يسرائيل هايوم) أنّ دولة الاحتلال وبعد أنْ أرسل حزب الله قبل أسبوعيْن مُسيّراته إلى حقل (كاريش)، سيُعاوِد الكرّة، ولكن هذه المرّة سيقوم بإرسال مسيّراتٍ مسلحةٍ، لذا فإنّ جيش الاحتلال رفع درجة التأهّب تحسبًا لذلك، وفق ليمور، الذي اعتمد على محافل أمنيّةٍ رفيعةٍ بتل أبيب.
ليمور لم يكّن الوحيد الذي حذّر من هذا التصعيد الخطير، فنقلاً عن مصادر وازنةٍ في المؤسسة الأمنيّة والسياسيّة الإسرائيليّة، كشف محلل الشؤون العسكريّة في صحيفة (هآرتس) العبريّة، عاموس هارئيل، النقاب عن أنّ سوق الغاز الإسرائيليّة “بدأت بالبحث عن بدائل من بدء أعمال التنقيب عن الغاز في حقل (كاريش)، التي كان من المخطط أنْ تبدأ في شهر أيلول (سبتمبر) القادم، خشيةً عدم حدوث ذلك جرّاء التصعيد”، على حدّ تعبيره.
هارئيل، أحد الأبناء المدللين للمؤسسة الأمنيّة، تابع:”خطر التصعيد بين إسرائيل ولبنان بشأن آبار الغاز في البحر المتوسط، ارتفع بصورة كبيرة، فحسن نصر الله وجد فأسًا جديدة للحفر، أيْ الخلاف بشأن الحدود البحرية بين الدولتين، ويبدو أنّه لا ينوي التوقف في الوقت القريب”، لافتًا إلى أنّ هذا هو السبب “وراء عمليات جس النبض حيّال شركات طاقة أُخرى”.
وأوضح أنّه “بحسب الخطّة الأصليّة، بدء التنقيب في (كاريش) كان من المفترض أنْ يسمح لمجموعة الشركات الأُخرى، التي تشغل حقل (لفيتان)، بأنْ تطلب السماح لها بتحويل جزء من الغاز الذي تقوم باستخراجه إلى السوق المصرية، حيث ستكون الأسعار أعلى. وفي الآونة الأخيرة، تمّ تمرير رسائل لهذه الشركات، مفادها أنّ هذه الخطوة من الممكن أنْ تؤجَّل، إذا صمّم حزب الله على تصعيد الجبهة في أيلول (سبتمبر)”.
المحلل العسكريّ أكّد، نقلاً عن مصادره الرفيعة في تل أبيب، أنّ تقديرات الاستخبارات بشأن احتمال اندلاع حرب شاملة ما بين إسرائيل وحزب الله ما زالت منخفضة، ولكن المشهد على الحدود مع لبنان بات مُعقدًا في الفترة الأخيرة، إذْ أنّ حزب الله يقوم بإطلاق التهديدات المختلفة في قوّتها بالأسابيع الأخيرة، وأضاف:”في ساعات الظهر من 02.07.22 حدث شيءٌ كبيرٌ عندما قام الحزب الله بإرسال ثلاثةٍ من مُسيّراته لتصوير حقل (كاريش)، الواقع في المياه الإسرائيليّة، الواقعة المفصليّة انتهت دون قتلى أوْ جرحى من الطرفيْن، ولكن لا يُمكِن مرور مرّ الكرام على ما جرى”، كما قال.
وتابع أنّه “مقارنةً مع السنوات التي تلت حرب لبنان الثانية في العام 2006، فإنّ اليوم وتيرة الأحداث على الحدود مع لبنان آخذة بالارتفاع، ومع دخول العامِل الاقتصاديّ الذي يُقدَّر بمليارات الدولارات، فإنّ مبلغ المراهنات ارتفع بشكلٍ مُخيفٍ وكبيرٍ”، على حدّ تعبيره.
ضابطٌ رفيع المستوى: ما زلنا نعيش صدمة الـ2006 عندما فاجأنا حزب الله وأسر جندييْن
المحلل نقل عن ضابطٍ رفيع المُستوى بجيش الاحتلال قوله أنّ الجيش ما زال يعيش تجربة الصدمة التي كانت من نصيبه عندما فاجأ حزب الله الجيش وقام بأسر جندييْن إسرائيلييْن يوم 11.07.2006، أي قبل يومٍ من اندلاع حرب لبنان الثانية، حيثُ قال: لم يكُن لدينا معلوماتٍ عن الأسر، ولذا فإنّ الجيش يخشى استعادة التجربة، أيْ أسر جنودٍ ومن ثمّ الانزلاق إلى الحرب، طبقًا لأقواله.
من ناحيته عبّر البروفيسور دانئيل سوبلمان، الباحث في جامعة (هارفارد)، عن قلقة العارم من أنْ يقوم حزب الله بحرب استنزافٍ ضدّ إسرائيل، ومن خلالها يتحوّل حقل (كاريش) إلى شبيهٍ بحريٍّ لمُستوطنات (غلاف غزّة)، التي تتعرّض لقصف المقاومة منذ عقديْن ونيّف.
حزب الله سيُحوّل (كاريش) لشبيهٍ بحريٍّ لـ(غلاف غزّة) الذي تتعرّض لقصف المُقاومة الفلسطينيّة
وتابع في تحليلٍ نشره بصحيفة (هآرتس) أنّ حرب الاستنزاف تهدِف لعرقلة وتأخير، أوْ حتى منع المنصّة من العمل، دون الانزلاق إلى مواجهة واسعة مع إسرائيل، وهذا التأخير، شدّدّ لا يتساوق مع الأهداف الإسرائيلية التي تطمح للعب دور في حلّ أزمة الطاقة في العالم، التي نتجت بسبب العمليّة الروسيّة الخاصّة في أوكرانيا، والمحاولات الأوروبيّة الحثيثة للاستغناء عن الغاز الروسيّ، هذا بالإضافة للاستفادة الماديّة المغرية في ظلّ أسعار الغاز المرتفعة.
إلى ذلك، لفت المحلل العسكريّ ألون بن دافيد في (معاريف) العبريّة إلى أنّه في الأسابيع الأخيرة تأكّد أنّ حزب الله يرى بالاتفاق الذي ستتوصّل إليه لبنان وإسرائيل فرصةً لتحسين موقعه كحامي لبنان، ولذا فإنّه يقوم بالتصعيد ليُظهِر أنّه الوحيد القادر على منح الحكومة اللبنانيّة من التنازل عن ممتلكاتٍ لبنانيّةٍ لإسرائيل، طبقًا لأقواله.
بن دافيد، وهو المُحلِّل العسكريّ في القناة الـ13 بالتلفزيون العبريّ أضاف أنّه عندما “نرى حجم القوّة العسكريّة التي أقامها حزب الله على الحدود ومهارة هذه القوّات، فإنّه يتحتّم على إسرائيل الاستعداد لمفاجأةٍ جديدةٍ من حزب الله”، مُضيفًا أنّ الحزب تمكّن من مفاجأة إسرائيل بعملية الأسر عام 2000 عملية الأسر عام 2006، لذا، أكّد المحلل فإنّ فرضية العمل الإسرائيليّة يجِب أنْ تكون بأنّ حزب الله سيفاجئنا مرّةً أخرى، كما قال.
صحيفة رأي اليوم الألكترونية