هل ينجح ترامب في تنصيب نفسه رئيساً دون انتخابات رئاسيّة؟
يُواصِل الرئيس الأمريكيّ دونالد ترامب إظهار معرفته بكُل ما يُحيط به من مُلمّات، وأزَمات، واتّهامات، ويسعى جاهِدًا للالتِفاف عليها، علّه قد ينجح في مُواصلة حُكم بلاده، لكنّه أخيرًا بدا أنّه أقحم نفسه في حُقول الطب، على وقع عاصفة فيروس كورونا، التي تضرب بلاده، وتقتل الآلاف يوميّاً، وسط اتّهامات أمريكيّة له بالتّراخي، والفشل في إدارة أزمة الفيروس التّاجي القاتل.
الرئيس ترامب، اقترح الخميس، دراسة تأثير المُطهِّرات كعلاجٍ مُحتملٍ للعدوى بفيروس كورونا، وهو ما جعله محط سُخرية للإعلام الأمريكي، ويبدو أنّ “الرئيس الأشقر” قد استوحى كلامه من مسؤولٍ في وزارة الأمن الداخلي الأمريكيّة “عن قُدرة المطهّرات مثل المُبيّضات على قتل فيروس كورونا على الأسطح”، ودفعه في الغالب إلى الاعتقاد أنّ جسم الإنسان مثل الأسطح، حيث قال: “أرى أنّ المُطهِّرات تقتل الفيروس بدقيقة، دقيقة واحدة”، وتساءل هل هُناك طريقة يُمكننا من خلالها فعل شيء من هذا القبيل، عن طريق الحقن في الداخل أو التطهير، (يقصد حقن الإنسان بمواد التطهير، علّها تقتل الفيروس خلال دقيقة).
ويُنظَر بطبيعة الحال إلى الرئيس الأمريكي من قبل بعض شعبه، بصفته قدوة، قد تدفع الكثير من الجهَلة، والباحثين عن لقاح للفيروس، وتحديدًا من أنصاره، لتجربة مُقترحه، وحقن أنفسهم بمواد التطهير، وبالرّغم من أنّ ترامب نصَح خلال إيجازه الصحفي اليومي في البيت الأبيض المُخصّص لكورونا، أنه يجب عليك العودة للأطبّاء، لكنّه قدّم المُقترح كما وصفه بالمُثير للاهتمام، ويجب التحقّق منه، وعزّزه بأنّ الفيروس يُصيب الرئتين، ويُؤذيها بشدّة، وهو ما أوحى للكثير، بأنّه يُؤمِن بافتراض صحّة مُقترحه القاتل، ودفع الخُبراء والأطبّاء للتّحذير منه، على اعتبار أنها طريقة لقتل النفس، لما تحتويه المطهّرات من موادٍ سامّة، وخطيرة.
صحيفة “الواشنطن بوست” رصدت بدورها، عددًا من تغريدات الأطبّاء، التي حذّروا فيها الناس بشدّة من مغبّة تجربة مُقترح ترامب، وهو ما يَشِي بتهديد الأخير حتى لصحّة الناس العامّة، وتقديمه “الفتاوى” الطبيّة دون استشارة الأطبّاء والعلماء بحسب مُنتقدين.
50 ألف وفاة حتى مساء الخميس، سجّلتها الولايات المتحدة الأمريكيّة بفيروس كورونا، ومع اتّجاه دول العالم لفرض الحظر، والتفكير مليّاً قبل إعادة الحياة لطبيعتها، كإجراءٍ احترازيّ منعاً لتفشّي الفيروس، يُواصل الرئيس الأمريكي الراغب بعودة الحياة إلى طبيعتها، وخاصّةً في شقّها الاقتصادي، مُقترحاته للتخلّص من الفيروس، وإلى جانب المطهّرات، ادّعى أنّ فيروس “كوفيد-19″، يموت من التعرّض لأشعة الشمس المُباشرة في دقيقةٍ واحدة، ولكنّه اشترط أن يتعرّض الجسم للتأثيرات القويّة للضوء فوق البنفسجي، ودعا مُواطنيه للاستمتاع بالشمس، لكنّ الأخيرة تمنع انتشار الفيروس كافتراض علمي غير مُثبت، ولا تقتله بجسد المُصاب بحسب الخبراء، وردّت ديبوراه بريكس مسؤولة إدارة ملف أزمة كورونا على الرئيس مُباشرةً خلال مُؤتمره الصحفي، بالقول إنّ أشعة الشمس ليست علاجاً مُحتملاً للفيروس.
وبالرغم أنّ الرئيس ترامب، يسعى جاهدًا للوصول إلى لقاح للفيروس، بشتّى الطرق غير العلميّة والدقيقة التي يقترحها، وسط انتقادات الخبراء، ويَنظُر له كمُدمِّرٍ لاقتصاد بلاده، أمام ارتفاع أعداد العاطلين عن العمل إلى 26.4 مليون شخص، يكون الفيروس أيضاً عقبة واضحة له في ظِل تفشّي الفيروس للفوز، وقد يستغلّها أيضاً للبقاء في البيض الأبيض.
ويُحذِّر مُنافسه المُرشّح الديمقراطي جو بايدن، من تلك الفرضيّة بشكلٍ غير مُباشر، وأن يُحاول الرئيس ترامب تأجيل انتخابات الرئاسة (59) نوفمبر المُقبل 2020، سعياً للفوز بولايةٍ ثانية، وطرح مُبرِّر يمنع إجراءها، وهي الطريقة الوحيدة بحسب بايدن التي يُمكن لترامب من خلالها الفوز، وليس أفضل من مُبرِّر كورونا لذلك يفترض مُعلِّقون.
وتُطرَح تساؤلات، حول طريقة التصويت المُثلى في الانتخابات الرئاسيّة بعيدًا عن التجمّعات، وصناديق الاقتراع، في ظل تعطّل الانتخابات التمهيديّة أساساً التي يُفترض إجراءها في الأشهر الست الأولى من العام الجاري، والتخوّف من رفع معدّل الإصابة بالفيروس الذي يجد فيها (التجمّعات) ضالّته للبقاء والتمدّد، وهو ما يدفع بعقد المُؤتمرات والمُناظرات الافتراضيّة، واقتراحات التصويت عن بُعد، أو عن طريق البريد المُفعّل بخمس ولايات، لكن الرئيس ترامب يرى أنها تُفسح المجال للتزوير، وهو ما قد يشي بنواياه تقديم حجّة خوفه من انتشار العدوى في صُفوف الناخبين، ودعوته تأجيل الانتخابات، فيما لو واصل كورونا حصده المُخيف للأرواح، وبالرغم أنّ ترامب ماطل في اتّخاذ الإجراءات الاحترازيّة، وحاول التّقليل من خُطورته في بدايته، حين شبّهه بالانفلونزا الموسميّة.
الولايات المتحدة الأمريكيّة، تحكمها تشريعات وقوانين، وتأجيل الانتخابات الرئاسيّة تعد سابقة لم تشهدها البلاد من قبل، فالرئيس الأمريكي (أيّاً كان)، وبالرغم من صلاحيّاته المُطلقة والهائلة التي يتمتّع بها طِوال فترة ولايته، فإنه وبحسب القوانين، لا يستطيع تأجيلها، أو إلغائها بأمرٍ تنفيذيّ، وهو ما يطرح تساؤلات حول اطّلاع ترامب على تلك القوانين، ودستور بلاده، حيث ينص الدستور الأمريكي أن يُؤدِّي الكونجرس الجديد القسَم في الثالث من يناير، وتبدأ الفترة الرئاسيّة الجديدة في 20 يناير، حيث انتخب الرئيس الأمريكي الحالي العام 2016، ودامت ولايته أربعة أعوام.
وبحسب صحيفة “نيويورك تايمز”، فإنّ موعد الانتخابات العامّة تم تحديده بموجب القانون الفيدرالي الذي ظلّ ثابتاً مُنذ العام 1845، ولتغيير الموعد، يتطلّب تغييرًا في القانون الفيدرالي، وهذا يعني بحسب الصحيفة تقديم تشريع جديد، يحتاج إقرار الكونغرس، وتوقيعه من الرئيس، وهُناك إمكانيّة بأن يجري رفضه أمام القضاء، وهو ما يُصعِّب مهمّة تأجيل الانتخابات، لكنّ الصّحيفة بالرّغم من صُعوبته، لا تستبعد حُصوله، وسط عقبات تطرحها حول اختيار موعد بديل للانتخابات، وبالتّالي قد يمر تاريخ تنصيب الفائز بالانتخابات الرئاسيّة الأمريكيّة الثّابت كُل أربعة أعوام، وهذا العام 20 يناير 2021 تحديدًا مُرور الكِرام.
صحيفة رأي اليوم الألكترونية