تحليلات سياسيةسلايد

واشنطن تخشى التصعيد: المقاومة لا ترتدع

عاد الهدوء ليخيّم على خطوط التماس الفاصلة بين مناطق سيطرة الجيش السوري وتلك التي تسيطر عليها «قسد»، بعد ارتفاع وتيرة التصعيد، على خلفية تكرار الاعتداءات الأميركية على مقرّات ومواقع تابعة للقوات الرديفة للجيش السوري، والتي قوبلت بردّ هذه الأخيرة من خلال القصف المتكرّر للقاعدتَين الأميركيتَين في حقلَي العمر وكونيكو. وكانت القوات الرديفة تعمّدت التصعيد ضدّ الأميركيين في التنف ودير الزور، لإيصال رسالة مفادها بأنها ماضية في استهداف الوجود الأميركي غير الشرعي في سوريا، لإجبار القوات المحتلة على الخروج من هذا البلد.

ويبدو أن الأميركيين أدركوا وجود نوايا تصعيدية ضدهم، يمكن أن تصل إلى حد استهداف دورياتهم البرية، في ظل تكثيف القصف على قواعدهم في دير الزور والحسكة والتنف. وعلى هذه الخلفية، اتخذت واشنطن العديد من التدابير لمواجهة التصعيد، من خلال تكثيف الطائرات المروحية والمسيّرة دورياتها في أجواء الحسكة ودير الزور، وإطلاق بالونات حرارية للمراقبة، بالتوازي مع الطلب من «قسد» تعزيز نقاطها على امتداد الجهة الشرقية من نهر الفرات، لمنع تسلُّل أي من عناصر المقاومة إلى المنطقة. كما أصدرت قيادة القوات الأميركية تصريحات للإشارة إلى خطورة الوضع في البلاد، إذ أعلنت حالة الطوارئ في كلٍّ من سوريا والعراق، ووضعت قواتها في حالة التأهُّب، خشيةً من أيّ تصعيد إضافيّ محتمل ضدّها. وبحسب القيادة الأميركية الوسطى التي قيّمت الوضع في سوريا، فإن «التصعيد بلغ ذروته خلال الأيام الماضية وبدأ بالتراجع»، مؤكدة «(أننا) سنرد على أي هجوم يستهدف قواتنا في المنطقة». وربما تريد الولايات المتحدة، من لغة التهديد هذه، منع محاولة إطلاق مقاومة شعبية منظمة ضدها، لما يمكن أن تشكله من خطر على وجودها في المنطقة، أولاً؛ وللتعبير للروس، ثانياً، عن استيائها بسبب الاستهداف المتكرر للطيران الروسي لفصائل موالية لها في منطقة التنف، وبأنها ستبقى على أهبّة الاستعداد للرد، بقصف القوات الرديفة السورية، في محاولة لخلق معادلة ميدانية تتناسب مع حجم التهديد ضدها. ومن غير المستبعد أن يكون الأميركيون قد أوعزوا للإسرائيليين بتصعيد القصف على سوريا، كما حصل في الاعتداء الأخير على مصياف، للتأكيد أن أي استهداف لوجودها في الشرق السوري، سيقابَل بتصعيد في مختلف الجبهات السورية الأخرى.

ومن هنا، فإن العدوان الإسرائيلي الأخير، والذي أتى بعد يوم واحد من الاعتداءات الأميركية على دير الزور، بدا متكاملاً ومؤازراً للأميركيين. وعلى رغم أن الولايات المتحدة تعمّدت تكثيف اعتداءاتها العسكرية أخيراً، لكنها أرادت، في الوقت ذاته، إرسال رسالة مفادها بأنها  لا تريد التصعيد، لإدراكها خطورته في ما لو استمر نشاط المقاومة الشعبية ضدها. ومع أن الهدوء عاد نسبياً إلى المنطقة، منذ مطلع الأسبوع الجاري، إلا أن الاحتياطات التي عملت واشنطن على اتخاذها، توحي بأن التصعيد ضدها سيتكرر في أي لحظة، بخاصة في ظل إجماع ثلاثي «أستانا» على ضرورة خروج الولايات المتحدة من سوريا. وفي هذا الإطار، أفادت مصادر ميدانية، «الأخبار»، بأنه «وعلى رغم الخسائر التي تسبّب فيها القصف الأميركي على عدة مواقع للقوات الرديفة في دير الزور، إلا أنها لن تؤثر في الإصرار على تحقيق هدف إخراج الأميركيين من سوريا»، لافتةً إلى أن «ما تفعله المقاومة الشعبية، من استهداف للقواعد غير الشرعية للاحتلال الأميركي، هو هدف مشروع، لكون الأميركي محتلاً ويتواجد من دون موافقة الحكومة الشرعية». وتوقعت المصادر أن يستمر التصعيد ضد الأميركيين في ظل التوافق السوري – الروسي – الإيراني – التركي، على ضرورة إنهاء الوجود الأميركي في سوريا، لكونه يشكّل عقبة أمام أي حل للأزمة، مرجّحةً أن «تكون المقاومة الشعبية رأس حربة في استهداف الوجود الأميركي، بالتوازي مع نشاط متوقَّع للطيران الروسي لاستهداف الفصائل المسلحة، ما سيشكل عامل ضغط على الأميركيين، سيصعب عليهم مواجهته

 

 

صحيفة الاخبار اللبنانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى