واشنطن توقظ المعارضة من «الحلم الأوكراني»: لا تسليح… ولا تغيير في مسارات الحلّ
خلق تزامن غير مقصود بين اجتماع دوري عقدته الولايات المتحدة مع أطراف في الحرب السورية، واندلاع الحرب الأوكرانية، صورة غير واقعية لمجريات الأحداث ومساراتها على الساحة السورية، حيث تولّدت انطباعات في بعض غرف المعارضة في الفنادق التركية بأن انزلاقاً ما إلى الحرب الأوكرانية سيحدث في سوريا، الأمر الذي حاولت المعارضة الدفع في اتّجاهه عبر رفعها وتيرة نشاطها وزيادة حدّة تصريحاتها المعادية لروسيا، والتي وصلت إلى حدّ المطالبة بـ”سلاح نوعي” على غرار السلاح المُقدَّم إلى أوكرانيا، بالإضافة إلى تسليم مقعد سوريا في الأمم المتحدة لـ”الائتلاف السوري”. وكان الأخير سعى إلى عرقلة الجهود العربية التي تقودها دول عدّة، على رأسها الجزائر والإمارات، لإعادة سوريا إلى مقعدها في “جامعة الدول العربية”، علماً أن هذا المسار ما زال قيد التبلور، ولم يصل بعد إلى صيغته النهائية، في ظلّ المعارضة القطرية الواضحة لعودة دمشق، والتردّد السعودي، وهو ما دفع الأمين العام للجامعة، أحمد أبو الغيط، إلى ترك هذه المسألة لِما ستؤول إليه العلاقات الثنائية بين الدول العربية. وفي الاتّجاه نفسه، أكدت دمشق، مرّات عدّة خلال الأسابيع الماضية، أن العلاقات السورية – العربية تحظى بأولوية على مسألة عودة سوريا إلى مقعدها في الجامعة، التي تمّ تحديد موعد قمّتها المقبلة في الجزائر في الأول والثاني من شهر تشرين الثاني المقبل.
ويتزامن النشاط الإعلامي المتزايد لـ”الائتلاف السوري” المعارض، مع احتدام الصراع بين روسيا من جهة، و”حلف شمال الأطلسي” بقيادة الولايات المتحدة من جهة أخرى، الأمر الذي ساهم بدوره في رسم سيناريوات لمواجهات في مناطق تنازع عدّة، من بينها الساحة السورية التي تشهد حضوراً عسكرياً أميركياً في الشمال الشرقي، وروسياً كبيراً في القاعدتَين الروسيتَين في الساحل، بالإضافة إلى الانتشار الروسي على جبهات عدّة أخرى. وفي هذا السياق، كشفت مصادر سورية معارضة، لـ”الأخبار”، أن حالة “جسّ نبض” أجرتها المعارضة للقوى الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، لمحاولة استكشاف التغيّر المحتمل في سلوك هذه القوى في سوريا، ومدى إمكانية تخلّيها عن المسارات السياسية الحالية وإعادة إحياء مشاريع سابقة، من بينها عمليات تسليح الفصائل السورية، أو الدفع لفتح جبهات قتال جديدة بهدف تشتيت روسيا. لكن الردّ الغربي جاء، بحسب المصادر، بأن “هذا الأمر غير وارد، ولا يمكن حدوثه لاعتبارات عديدة، أبرزها المشهد الشديد التعقيد للساحة السورية من جهة، واختلاف الظروف السياسية المحيطة بسوريا من جهة أخرى”.
وأضافت المصادر أنه على رغم الإعلان الأميركي الصريح عن دعم مسارات الحلّ السياسية التي يقودها المبعوث الأممي إلى سوريا، غير بيدرسن، وعلى رأسها “اللجنة الدستورية” التي تتحضّر لعقد جولة سابعة بعد أقلّ من أسبوعين، إلّا أن معارضين سوريين حاولوا البحث مجدّداً عن طريقة لخرق المشهد السياسي، وتقديم الشمال السوري ساحة لمواجهات تستنزف موسكو، ما تطلّب توضيحات أميركية مشدّدة نقلها نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون المشرق العربي في مكتب شؤون الشرق الأدنى، إيثان غولدريتش، لـ”الائتلاف”، خلال اجتماع في مدينة إسطنبول التركية يوم الثلاثاء الماضي. وجاءت هذه التوضيحات، وفق المصادر، لـ “إيقاظ المعارضة من أحلامها”، إلّا أنها أثنت في الوقت نفسه على النشاط المتزايد لـ”الائتلاف”، وحثّته على مواصلة إصدار البيانات وإجراء اللقاءات السياسية لضمان استمرار حضور الملفّ السوري على الساحة، حتى وإن لم يصل إلى أيّ نتيجة مباشرة. ومن بين النصائح التي قدّمها غولدريتش لـ”الائتلاف” أيضاً، التركيز في المرحلة المقبلة على الملّف الإنساني، الذي يمكن استثماره بشكل كبير مع اقتراب انتهاء التمديد التلقائي لآلية إدخال المساعدات إلى سوريا، الأمر الذي يمهّد لمواجهات دبلوماسية روسية – أميركية، في ظلّ الرغبة الأميركية في استمرار إدخال المساعدات عبر الحدود، والإصرار الروسي على إغلاق الحدود وتوزيع المساعدات عبر خطوط التماس من الداخل السوري.
وأمام حالة الجمود التي تشهدها الساحة السورية، والدفع الأميركي لخطّة بيدرسن، تتوقّع واشنطن أن يشهد الاجتماع المقبل لـ”اللجنة الدستورية”، في الواحد والعشرين من الشهر الحالي، تقدّماً، وإن كان طفيفاً، في وضع صيغة مبدئية لمسودة دستور توافقي، يمكن أن تشكّل أرضية لفتح الباب أمام مسار سياسي طويل للحلّ. وهي الملاحظات نفسها التي نقلها المبعوث الأميركي لـ”الائتلاف”، الذي تمّ إبلاغه بـ”التخلّي عن أحلامه”، والاستعداد للمشاركة في اجتماعات اللجنة في جنيف.
صحيفة الاخبار اللبنانية