واللـه العظيم عيب! (ضياء الفاهوم)

 
ضياء الفاهوم

 

معذور كل إنسان يبكي حزنا على ما يتعرض له أهل سوريا الحبيبة من سفك دماء غزيرة فاق حدود التصور والتحمل وتسبب بتهجير عشرات الألوف منهم من منازلهم ليعيشوا في مخيمات في الدول المجاورة وفي ربوع أخرى منها وفي أماكن متعددة من العالم .
ولكن اللوم كل اللوم يقع أولا على كاهل كل مسؤول سوري أو ثائر لا يتوقف عن سفك دم أخيه دون أخذ بعين الاعتبار أنه بذلك يدمر بلاده وييتم أطفالها ويرمل نساءها ورجالها ويحول بلاده إلى بلاد تسيل فيها الدماء بغزارة دون رحمة أو شفقة ويجعل سوريا الجميلة بلادا لا يحتمل العيش فيها نظرا للعنف الرهيب الذي يجتاح كل ربوعها .
الذي ما زال يجري في سوريا منذ عام ونصف تقريبا والذي يشيب له الولدان يستدعي تضافر الجهود العربية والإسلامية والدولية السريع لتخليصها مما ابتليت به من ظلم شديد القسوة وآلام مبرحة لمن بقي حيا حتى الآن من مذابحها وكأن المتقاتلين من جميع الأطراف قد فقدوا إنسانيتهم وعقولهم وحسهم الوطني وكافة ما يميز الإنسان عن غيره من خلق الله.
لقد كشفت اضطرابات الأوضاع في سوريا إلى أعلى درجة من درجاتها عدم اهتمام مجلس الأمن الدولي إلا بأمن وسلام الدول الكبرى وعن مماطلة ممجوجة للأمم المتحدة في مساعيها لإنهاء الأزمة المدمرة في سوريا بكافة الصور والأشكال وإلا فماذا يفعل المكلف بمحاولة إيجاد حل للاقتتال بين الإخوة في سوريا الأستاذ الأخضر الإبراهيمي حتى الآن خارج سوريا ؟ ألم يكن من الواجب الإنساني الملح أن يكون قد وصل إلى دمشق لإجراء ما يمليه عليه ضميره وعروبته وإسلامه وإنسانيته ومسئولياته الدولية تجاه دولة عضو في الأمم المتحدة يعاني شعبها الأمرين؟
هل كانت الأمم المتحدة والمسمى مجلس الأمن الدولي الخاضع بذل للدول الكبرى الخمس الدائمة العضوية فيه سيماطلان هكذا لو أن الاضطرابات الدامية التي تشهدها سوريا لأكثر من أربعمائة يوم قد حدثت في دولة أخرى يهم المسئولين في المنظمة الدولية ومجلس أمنها أن يوقفا سفك الدماء فيها؟
أليس من العيب أكثر ألا تهب الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي وكل التجمعات الإقليمية والدولية والإنسانية في ربوع الأرض لإنقاذ الشعب السوري مما يعانيه ويحطم آماله في العيش بحرية وكرامة بعيدتين كل البعد عن أطماع الطامعين في إخضاع بلاده إلى ما يريدون لها من ويل ودمار ؟ والله عيب ! أليس من العيب أيضا على المتقاتلين بكل شراسة من جميع الأطراف ألا يتفقوا على وقف سفك الدماء ومن ثم الحوار الخالي من التهديد والوعيد من أجل إحدى أحلى بلاد الدنيا ؟ والله العظيم عيب !
لحقيقة أن النظام الدولي كله أصبح بحاجة إلى تغيير بعد أن تباطأ كثيرا في الإسهام بفعالية من أجل حماية شعب كريم من شعوب العالم طغى فيه الإخوة الأعداء أيما طغيان على كافة أبناء وطنهم وآثروا مناصبهم ومواقعهم على مصالح شعبهم الذي أصبح يعاني كثيرا من عذابات نفسية وجسدية لا يعلم إلا الله متى يستعيد عافيته منها.
اللهم يا نصير المظلومين كن مع سوريا وشعبها الشقيق وأنقذهما مما ابتليا به ومكّن الإخوة السوريين ومن يحبون سوريا من وقف سفك الدماء الغزيرة فيها و إعادة إعمارها ولا تسمح لأعداء الإنسانية أن يواصلوا إشعال الفتنة المدمرة بين أهلها والتي توقع الصهيوني الداهية هنري كيسنجر قبل بضعة أشهر أن يشمل تفاقمها الكثير من بلاد منطقة الشرق الأوسط ويكون سببا في إشعال مزيد من النيران في المنطقة قد يتطور إلى حرب عالمية ثالثة .

صحيفة الدستور الأردنية

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى