وثيقة لـ«هآرتس»: باراك خطط مع شارون لشن حرب خاطفة على لبنان وسوريا في 1982
تظهر وثيقة كتبها اللواء إيهود باراك في العام 1982 حينما كان عضواً جديداً في هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي، خطة مخادعة لشن حرب على لبنان وسوريا فيها تحايل على أعضاء الحكومة والجمهور.
وكشف المعلق الأمني في صحيفة «هآرتس» أمير أورن عن هذه الوثيقة التي اعتبرها ترمي إلى تحقيق أهداف شخصية بينها تقريب أرييل شارون من رئاسة الحكومة وتسهيل تسلم باراك لرئاسة الأركان.
ويشير أورن إلى أن هذه الوثيقة شكلت أساساً للحرب التي شنها شارون على لبنان في العام 1982، تحت شعار «سلامة الجليل». وكتب أن الوثيقة عمدت إلى رسم حيلة لتمرير الحرب على الجمهور وعلى الجيش وتقريباً على معظم الحكومة الإسرائيلية.
في العام 1982 كان باراك جنرالاً جديداً في هيئة الأركان تولى منصب رئاسة شعبة التخطيط، وكان على علاقة جيدة مع رئيس وحدة الأمن القومي في وزارة الدفاع الجنرال أبراهام تامير، وعلاقة سيئة مع رئيس الأركان الجنرال رفائيل إيتان. واستغل باراك العلاقة مع تامير للالتفاف على إيتان والتقرب من وزير الدفاع أرييل شارون، على أمل تسهيل تعيينه رئيساً للأركان في العام 1983.
وسلّم باراك لشارون عبر تامير أسس الوثيقة عشية خروج حكومة مناحيم بيغين لعملية «أورانيم» التي تدحرجت لتغدو حرب لبنان. وقد نشرت بعض تفاصيل هذه الوثيقة في العام 1999، ما أدهش دان شومرون الذي كان رئيساً للأركان حينما كان باراك نائباً للرئيس، وحاول القفز عنه في العام 1987، فقال: «كنت أظن أنني أعرف كل ألاعيب باراك».
وتقع الوثيقة في 1200 كلمة، وتعبر عن فلسفة كاتبها السياسية والعملانية وهي فلسفة تندفع لاستخدام قوة «كثيفة وهائلة» من أجل خلق «واقع جديد» يبلور الوعي و«صورة الواقع».
والوثيقة تعرض هنا لتزيد فهم حرب لبنان وشخصية إيهود باراك، الذي أوصى بحرب خيار من أجل تحسين الوضع الاقتصادي، و«الثقة بالنفس» وتعميق «روابط المجتمع الإسرائيلي».
وجاء في الوثيقة أن «عملية أورانيم لا يمكنها تحقيق هدفها الأدنى منع احتمال فني لإطلاق المخربين نيران المدافع على أراضينا – من دون السيطرة على مناطق بحوزة السوريين. فالأهداف الأوسع للعملية، تدمير البنى في عموم الأراضي اللبنانية بما فيها بيروت، والتواصل مع المسيحيين، تستلزم تقريباً السيطرة على مناطق المخربين حتى بيروت، والارتباط بالمسيحيين تقريباً يستلزم الصدام مع السوريين في لبنان. وفضلاً عن ذلك، وحتى إذا كان بالوسع تنفيذ ذلك عسكرياً، فإن السيطرة على مناطق المخربين حتى بيروت والارتباط مع المسيحيين من دون الصدام مع السوريين، فإن من المشكوك فيه تحقيق تغيير دائم في بنية الحكم في لبنان (هيمنة مسيحية) تصمد حتى بعد خروجنا (بعد ستة شهور مثلاً)، إذا لم نرسخ في ذهن كل الجهات في لبنان (بمن في ذلك المسيحيون) وفي ذهن السوريين تفوقنا على السوريين في استخدام القوة».
وتضيف الوثيقة أنه «إلزامي تأكيد السيطرة الجوية، بغية تسريع وتيرة القتال، وواقع استمرار وجود منظومات صواريخ أرض جو في البقاع، بشكل يعرض على المدى البعيد للخطر ردعنا ليس أقل من حرية طيراننا في البقاع الشرقي، وهذا يشكل عامل تحفيز إضافياً للعمل ضد السوريين، حال تنفيذ عملية في لبنان. وبحسب رأيي ليس حكيماً تقييد سلاح الجو، إذا عمل ضد الصواريخ أرض جو، بالعمل فقط ضدها في البقاع. إذ يفضل استخدامه ضد كل منظومة الدفاع الجوي واستغلال النتائج لاستخدام واسع لسلاح الجو والقوة البرية في مواجهة القوات البرية السورية أو في هضبة الجولان». ويزيد باراك أنه «بنظرة إلى الوراء من انتهاء الصدام مع السوريين سيكون العامل الحاسم في صورة الواقع هو نجاحنا في هزيمتهم خلال وقت قصير، وبأقل الخسائر ومن دون التعلق بمخزونات ووسائل القتال الأميركية فور انتهاء القتال. وستكون مسألة المخربين في لبنان حينها، مجرد حدث هامشي في أهميته حرك خطوة أوسع».
ويتابع «من الجائز أننا نعيش وضعاً تاريخياً فريداً، السوريون معزولون وحلفاؤهم المحتملون سينضمون إليهم متأخرين جداً، إذا انضموا. والموقف الأميركي تجاه عملية ضد سوريا سيتقرر وفق نتائج الصدام الأولي. فإنجاز جزئي وتورط يقودان إلى ضغط هائل من أجل الانسحاب الفوري وربما مواصلة التراجع في مواضيع أخرى بيننا وبين السوريين واللبنانيين. أما إنجاز فوري وتدمير منظومات الدفاع الجوي والسيطرة على طريق بيروت دمشق والارتباط بالمسيحيين على الساحل والبقاع وتدمير القوات وإخراج الجيش السوري عن توازنه، فكلها أمور ستدفع الأميركيين إلى تشخيص الواقع الجديد وتركيز جهودهم مع زبون السوفيات على حافة الهزيمة».
ويعدد باراك الموانع والمخاطر الثلاثة كالضغط الأميركي وغياب الإجماع الداخلي والخوف من أن حرباً كهذه ستوقف الحرب بين إيران والعراق، ما قد يضرب عملية السلام مع مصر.
ويقول إن هذه الموانع «ضبابية» على المدى البعيد ينبغي دراستها في ضوء الضائقة السياسية والاقتصادية وحالة المجتمع الإسرائيلي وثقة إسرائيل بنفسها. ويعتبر أن هذه الموانع تتطلب التحضير لعملية كما في حرب العام 1967 ضد سوريا، تتطور عبر سلسلة أحداث سريعة: «عملية مخربين، عملية ضد مخربين أو ضد الدفاعات الجوية وتدهور سريع، يفاجئ السوريين والولايات المتحدة وليس نحن، بضربة شاملة ضد السوريين، وحديث مسبق، لطيف ومعقد جداً مع الأميركيين، من دون أن نكشف كامل نياتنا، وانتظار صابر لتوقيت مناسب، يمكن فيه تحقيق إجماع داخلي واسع يبرر بدء العملية (ضد الدفاعات الجوية أو المخربين) على خلفية الوضع الشامل».
ويشدد باراك على أهمية ظروف البدء وسرعة تدمير القوات السورية خلال 72 ساعة والوصول إلى خط بيروت دمشق عبر إثارة غبار معركة، ما يمنع ردوداً ناجعة من جانب الدول العربية.
ويرى باراك أن استعدادات المعركة لا ينبغي أن تطول عن 5-7 أيام لأن السوريين سيكتشفونها، وطالب ببدء الاستعدادات في أيار 1982 والعمل على توفير التمويه المناسب بحيث لا يعرف بالخطة سوى خمسة أو ستة ضباط من دون أن يعرفوا النيات الكاملة.
عموماً، طالب باراك باستغلال أي «استفزاز» من جانب الفلسطينيين للبدء بـ«أورانيم متدحرج»، وأنه «بطرق غير مباشرة يمكن التأثير على نشوء سلسلة تخلق ذرائع لعمل ضد المخربين».
وأشار إلى أنه «في ضوء إشكالية البحث في استخدام القوة من أجل تغيير وضع سياسي، من الجائز أن يتعذر على المستوى السياسي البحث في ذلك صراحة وخلال التشخيص الواضح للأهداف، وبديهي أن هذا لا ينبغي أن يبحث مع المستوى العسكري بمصطلحات التوجيه المقصود، بل بتعابير احتمالات أدراج، توفر ردوداً على التطورات».
صحيفة السفير اللبنانية