وما تزال المواطنة هي الحل …!!!
وما تزال المواطنة هي الحل …الشرق الأوسط العربي ..مهد الانسان والأبجدية والحضارة .. فسيفسفاء حقيقية .. تقوم على تنوع الأديان والقوميات والطوائف… أرض يتكلم عنها تاريخها ،وتشهد عليها معابدها وآثارها التي تعتبر الأقدم والأعرق في العالم كله … استطاع هذا المجتمع السكاني الغني أن يعيش ويعتاش ويتعايش مع بعضه ضمن عقد اجتماعي قائم على التفاهم والألفة واحترام الأخر … دون أي نزاع أو صراع أو أحقاد رغم ما مر على هذه المنطقة من هجمات شرسة ،ونزاعات وحروب واحتلال ..وقف الجميع يداً واحدةً في دحر العدو، ومجابهة سمومه وأحقاده ..وتمكنوا من بناء شراكة حقيقية فيما بينهم ،وتعاونوا على إعمار بلدانهم وازدهارها ..
ومع بداية القرن العشرين و في ظل التقلبات الكبيرة والحساسة التي عانت منها هذه المنطقة من زرع الكيان الصهيوني في قلبها من جهة .. وفي ظل حكم الأنظمة الاستبدادية الاقصائية من جهة أخرى..بدأت حركة الهجرة والنزوح الى العالم الجديد والى دول الخليج بحثاً عن فرص العمل وعن الاستقرار والأمان وهرباً من الظلم والفقر هجرة طالت العقول والشباب ورؤوس الأموال..
واليوم وفي ظل ما حدث في لبنان، وما زال يحدث في العراق، والذي بدأ الأن يظهر جلياً في سوريا من محاولات احياء النزعات الطائفية واللعب على الحساسيات المذهبية بين مكونات هذا الشعب الغني والمتنوع دينياً وطائفياً… تزداد المخاوف على وجود الأقليات وفي مقدمتها الوجود المسيحي يوماً بعد يوم ، وتتعالى الأصوات المطالبة بحماية الأقليات ومسيحيي الشرق .. فما يحدث من عنف واقتتال وفوضى وفلتان أمني يخيفهم و يدفعهم للرحيل والهجرة .. مثلهم مثل أقرانهم في الوطن من باقي الطوائف والقوميات .. ولكن بحكم كون تعداد المسيحيين في هذه المنطقة قليل نسبياً وهجرتهم ملحوظة .. بدأت الأصوات تتعالى من الغرب ومن حكماء العرب أنفسهم بضرورة حماية هذا الوجود والحفاظ عليه..
وهنا نسأل ماذا قدم الغرب الذي يطالب بحماية الأقليات وخاصة مسيحيي الشرق سوى تسهيل تأشيرات الدخول والهجرة ..؟؟؟ وماذا قدم لوقف وتيرة العنف المتصاعد سوى دعم الاقتتال الأهلي وتعزيز الانقسام الطائفي بدعم طرف على حساب أخر ومده بالسلاح والمال والدعم الاعلامي ..؟؟؟ فعلى ما يبدو هذه عملية تهجير وإخلاء منظم ليس فقط لمسيحيي الشرق بل للعقول والكفاءات والشباب من كل الأطياف .. بسياسة ممنهجة ومدروسة تهدف لتفتيت المجتمع العربي المتنوع دينياً الى كانتونات طائفية ان لم تكن على الأرض فهي نفسية ، وتفريغه من كوادره الفكرية والعلمية …
اذا وعى الجميع هذه الحقيقة ، وأدركوا أن في دولة المواطنة لا وجود لأكثرية وأقلية قائمة على أساس طائفي انما الأكثرية هي أكثرية فكرية بتنوع طائفي .. ووعوا حقيقة المخطط الغربي المناط به تفريغ الشرق من سحره وروحانيته، بضرب أسس العيش المشترك القائم منذ آلاف السنين ، والتركيز على أن الأقليات (( رغم اعتراضي على التسمية لأنها تقزم وتحجم دور شريحة مهمة وفاعلة من الشعب والتي كثر استخدامها مؤخراً لتفتيت الشعب)) بثقلهم الفكري وليس العددي هم جزء أساسي وأصيل من نسيج المجتمع العربي وهم أهل الأرض وشركاء الوطن … ودورهم الوطني في بناء شراكة قوية بين جميع مكونات المجتمع هو صمام الأمان وحجر الأساس لوحدة الوطن وتماسكه ….. عندها فقط يتمكن المجتمع العربي نفسه من حماية نسيجه المتنوع ليمارس دوره كشريك حقيقي في صنع القرار وبناء وطن أفضل يتسع للجميع … .. وما تزال المواطنة هي الحل …!!