يوم الشعر العالمي.. من يعيد الروح إلى شجرة الأحلام

قد تكون هي سمة الزمن الذي يدفعنا إلى الاحتفاء بكلّ شيء، وإلى تخصيص يوم عالمي كي نستذكر ما لا ننساه أصلا. من هذه «الأيام» التي أعلنتها «الأونيسكو» منذ سنين قليلة «اليوم العالمي للشعر»، (يوم 21 آذار من كلّ عام)، لتطلق معه التظاهرات والأنشطة المختلفة، المتعلقة.. بالشعر. ربما في إعلان «الأونيسكو» يومها، رغبة «في تقليل هذه الحصة المظلمة من الحياة» التي نعيشها، أي في إعادة بعض ألق مفقود لفن أساسي، يذهب حالياً في نوع من الغياب، أقصد أنه يبدو عند عديدين وكأنه يفقد حضوره الكبير الذي كان يعرفه في الحِقَب الماضية.

ثمة بلدان أيضا، أطلقت منذ سنوات تظاهرة «ربيع الشعراء»، لتقدم فيها أنشطة متنوعة تتراوح بين الأمسيات المختلفة والندوات وإصدارات الكتب، ولقاءات مع الجمهور في الساحات العامة والمنازل وأنفاق المترو وحتى في المستشفيات والمصحات إلى غيرها من الأماكن. والهدف؟ جعل الناس أكثر قرباً من الشعر والشعراء. أو لنقل «إعادة» صوغ العلاقة بين القارئ والشعر.

كثيرون يفرحون بهذه النشاطات. هذا حقهم. لكن أيضا يحق لنا – وقبل أن تأخذنا النشوة إلى أقصى مداها – أن نسأل: هل يمكن جعل الشعر سلعة مثله مثل غيره، وتخصيص يوم عالمي له للاحتفال به عبر الخطب الرنانة؟ هل نستطيع أن نحوّل هذه «المادة» الوجودية إلى شيء عادي أشبه بالخضروات والمأكولات لنقيم لها الأعياد الوطنية والعالمية؟ أو حتى لنحوله إلى «مادة علاجية»؟

بالتأكيد يقف الشعر على مسافة بيّنة من ذلك كله. من قال لنا إنه بحاجة إلى هذا «الدعم» كي يقف على قدميه، أي كي يستمر في الحياة. في الأصل، من أين هذه البدعة في طرح المشكلة على هذا النحو: لا شعر من دون جمهور؟ ومن قال أيضاً إن الجمهور غائب إلى هذا الحد الذي نفعل «المستحيل» للبحث عنه؟ أضف إلى ذلك، أن السؤال الحقيقي الذي يجب أن يطرح: هل فعلا لا تستقيم القصيدة إن لم يكن لها هدف مسبق؟ أليس هدف الشعر يكمن في الشعر نفسه، أي أن «المتعة» تكمن في متعة القصيدة، وليس في البحث عن أي مسوغات لها؟

لهذا ثمة سؤال: هل علينا أن نحتفي بالشعر في يومه فقط؟

يبدو الجواب صعباً، بمعنى من المعاني، على الذين «تورطوا» في هذه المسألة، بمعنى أنهم خصّوا وجودهم بهذا «الحيّز المدهش» الذي نذروا له كلّ شيء. فالشعر بالنسبة إلى كثيرين ممّن يكتبونه ليس مناسبة سنوية، ينتهي بعدها «الاحتفال» ويعودون لاحقاً إلى بيوتهم. بل هو «مناسبة» مستمرة، دائمة، لا تتوقف لحظة. بهذا المعنى، يبدو الشعر، بالنسبة إليهم، وكأنه «العيش في الشعر»، فيما لو استعرنا عبارة الشاعر الفرنسي يوجين غيوفيك، الذي لخص علاقته بالكلمة الشعرية، بهذه الطريقة. فالشاعر الذي كتب الأشياء، كان يعتبر أن الشعر هو طريقة حياة، لا نستطيع اختصارها بلحظة معينة.

في أي حال، وبمناسبة يوم الشعر الذي يحل نهار الاثنين المقبل، لنحتفي به قليلا مع شهادات لكل من محمد علي شمس الدين (لبنان) وقاسم حداد (البحرين) ورشيد وحتي (المغرب) وحوار متخيل مع رامبو لاسعد الجبوري والزميل عباس بيضون، بالاضافة إلى قصائد لكل من صلاح فائق وخالد المعالي (العراق) وترجمة لبعض قصائد الشاعرة الألمانية إنغبوغ باخمان.

صحيفة السفير اللبنانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى