“يوم يصرخ الصبّار” لندى بجاني رعد: فرصة ثانية لخلق حياة تُشهبنا
قوة القدر واصراره على أن يتحقق ولو عبر الأجيال اللاحقة، والشعور بالذنب عند التأقلم في بلد جديد، وبأننا نخون ثقافتنا وما تلقيناه من تربية ومعرفة سابقة، محاور الرواية الأولى “يوم يصرخ الصبار” للمهندسة ندى بجاني رعد. الرواية صدرت باللغة الفرنسية عن “دار لارماتنان”، وتوقعها بعد ظهر السبت في مكتبة انطوان بأسواق بيروت.
كلير مهندسة في التنظيم المدني، تعيش في الضواحي الباريسية، وإضافة الى علاقتها المضطربة مع رئيسها في العمل الذي يصعب فهمه، تغادر ابنتها البالغة البيت من دون أن تترك عنوانها. هذه الصعاب التي تواجهها، تدفعها للعودة الى ماضيها، لتفهم ما الذي يحكمها في حياتها. تتطور الرواية بترابط الأحاسيس، ولمسات متتالية، كمسرحية تدور في ديكورات مختلفة: مرّة في شقتها، في برج عالٍ، وأخرى في مكتبها أو في الشارع أو الحي، أو خلال سفراتها الى أبوظبي وهي بمثابة هروب في الزمن. كل هذه الأماكن تقودها عبر مجموعة إشارات، نحو شخص أساسي هو نفسه ينتمي الى الماضي وإلى الحاضر، كونه ما زال يعيش في الشرق.
رواية تتحدّث عن الكبرياء والواجب، وعلاقة الأم بابنتها التي تبدو كأنها لعبة مرايا معكوسة، و”هي عن نظرة الآخر إلينا، والاشكال المتعدّدة للحب الذي لا ينتهي. وصعوبة التأقلم في بلد ليس لنا من دون الشعور اننا نخون بلدنا الأم، وتأثير المحيط فينا وفي عائلتنا والقدر الذي نادانا من دون ان نستجيب له،
فالقدر الذي نعاكسه يصبح عنيدا. خصوصية الصبّار الذي كتبت عنه، أنه يزهر مرّة في حياته وزهرته أكبر من حجم منزل، وحين تزهر تعني موت النبتة. في حديقتي هذا النوع من الصبار واسمه في الاغريقي القديم يعني”بديع”، زرعوه بعيداً من الشمس، فزحف ليصل اليها وازهر بشكل رائع ومات. يشبه هذا الصبار الفنان الذي يعطي حياته للمارّة ويعرّض نفسه للخطر من دون ان يتمكن من فعل اي شيء آخر”.
أرادت الكاتبة من خلال روايتها إحياء أحاسيس عرضية، وانطباعات ومشاهد، وإعجابها الكبير بالمحور الأساسي الذي يمرّ في باريس، من قوس النصر التاريخي الشهير، وصولاً الى جادة الديفانس.
“كتبت رواية كأنها فرصة ثانية لخلق حياة تشهبنا، وعلى صورتنا اكثر، تتضمّن خوفنا وآمالنا. وعزّزت افكارها من خلال تجربتي مع الاغتراب، وكيفية التأقلم في مكان أصبح بلدي الثاني مع الحفاظ على حقيقتي. تدور الحوادث على نقل واقع معيش من خلال الأجيال، بما يحمله من أزمات ومتطلبات وارادة في تحقيق هدف معين.
الكتابة شغفي الثاني، أحبها كثيراً، غالبا ما كتبت موضوعات متفرقة، لكنها المرة الاولى التي اكتب فيها رواية، والتحضير جارٍ لأخرى. الكتابة هي طريقتي لتخفيف ضغط الحياة اليومي ووطئتها، وهي نوع من التحرّر وخلق الواقع. فالمشاعر الكثيفة إن لم نكتبها تزول، في كتابتي احفظ ما أريده ألا يزول، إنّها وسيلة للكفاح ضد النسيان”.
صحيفة النهار اللبنانية