«المختفون»: شهادات عن واقع تونسي مؤلم (صالح سويسي)
صالح سويسي
«المختفون» عنوان فيلم المخرجة التونسية إيمان بن حسين الذي أنتجته قناة «الجزيرة الوثائقية» حول شخصيات عاشت الاختباء طوال سنوات حكم الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي. «هي قصص إنسانية قبل كل شيء»، تقول إيمان، وتضيف: «قصص معاناة وظلم مارسه طاغية اسمه بن علي، على من كانوا ضد نظامه… تجارب أثّرت فيّ وتحمست لإخراجها الى النور من خلال هذا الشريط، بعدما اطلعت على تفاصيلها على لسان أبطالها».
يتناول الفيلم أربع شخصيات تونسية يجمع بينها فعل «الاختفاء» القسري جراء السجن والقمع والاضطهاد الذي مورس في حق كل واحد منهم، فاختفت هذه الشخصيات خوفاً من المطاردة والاعتقال. كانت تهمتها الوحيدة رفض سياسات المخلوع ونقد الديكتاتورية. تقول المخرجة: «يتتبع الفيلم قصصاً حقيقية وقاسية لهؤلاء السجناء وعائلاتهم، فمثلاً اعتبرت والدة أحد أبطال العمل أن الاعتقال والسجن أهون ألف مرة من الاختفاء». وكان الاختفاء السبيل الوحيد للخلاص من بطش نظام بوليسي لا يرحم، وعندما عجز «المختفون» عن الهروب خارج تونس اختاروا الاختفاء بطرق مختلفة داخل بيوتهم. اختار واحد منهم العيش مدة طويلة في سرداب تحت بيته، ومنهم من بنى لنفسه غرفة تتضمن باباً خلف خزانة تخفي معالمه.
والطريف في هذا العمل أنّ أبطاله هم الشخصيات الحقيقية التي عاشت مراحل الهروب والاختفاء عقدين من الزمن تقريباً، أي أنّ المخرجة لم تستعنْ بممثلين لتجسيد أدوار البطولة، بل اعتمدت على أصحاب الحكايات.
تقول المخرجة إنّ معظم مراحل التصوير نفِذ بين مُدن الكاف وقليبية والزهراء وسيدي ثابت، وتضيف: «في الكاف حين بدأنا التصوير قبل شهر رمضان، اعتُدي على فريق العمل وحطم محسوبون على التيّار السلفي المعدّات. وفيما تمكّن مساعدي من الهروب، تعرض مدير التصوير ومهندس الصوت لاعتداء بطريقة وحشية جداً، وبعد تدخل رجال الأمن غادرنا المدينة تحت حراسة مشددة». وعن أسباب الاعتداء تقول: «كنا نصوّر في المسجد خلال صلاة العصر، ما أغضب المعتدين الذين استاؤوا من التقنيين لكونهم لم يتوقفوا عن العمل ويصلوا، وما كان منهم إلا أن انهالوا عليهم بالضرب».
صحيفة الحياة اللندنية