
تركت الإعلامية السورية آسيا هشام في نفوس المشاهدين العرب، وخاصة السوريين، نكهة خاصة لقناة المشهد، فهي المذيعة الوحيدة التي قدمت مأساتها على القناة بأداء رائع وصادق ومهني، ولم يحصل ذلك من قبل، رغم المعاناة الكبيرة التي عاشتها ، وهي تبحث عن أبيها الذي اعتقل في بيته وهو يرتدي منامته..
على العكس كانت آسيا هشام خلال حواراتها عبر قناة المشهد تبدو محايدة، وتدافع عن سورية كوطن وشعب له تاريخه وعزته كلما حاول أحد ضيوفها المساس بهذه الثيمة.
لم تحك قصتها إلا بعد ليلة السقوط التاريخية لمرحلة كاملة اتسمت بوحشية الدولة ضد الشعب، وكان من حقها كإنسانة ومثقفة وسورية أن تبوح بإشارات من رؤيتها للحدث في وقت تعاطف فيه العالم كله مع فرحة السوريين.
كانت رسالتها إلى المذيعة رائدة وقاف مفتاح الدخول إلى قصتها، فقد هنأت رائدة التي نشرت فيديو على وسائل التواصل ناشدت فيه الرئيس أحمد الشرع بالتدخل لإنقاذ أخيها الضابط قصي وقاف من (الاختطاف)، هنأتها بنجاته ولامته من دون أن نعرف تفاصيل ماحصل معه، وخاطبتها بالقول : ست رائدة اسمحي لي خبرك قصة الشعب السوري!
وفي قصة الشعب السوري، كما كثفتها آسيا هشام، حكايات محزنة من الفقد والتعذيب والسجن والتنكيل بالناس لم يشهد التاريخ المعاصر شبيها لها، ومن تلك الحكايات حكاية أبيها هشام الحوز الذي حملت اسمه في شهرتها التي عرفت بها.
كذلك بكت آسيا وهي تحكي قصة تصفيته على يد أجهزة الاستخبارات، ثم عاتبت رائدة لأنها لم ترفع صوتها أيام النظام الساقط تعاطفا مع ضحاياه، كما فعلت مع بداية حكم النظام الجديد، علما أن ثمة معارضين للأسد من آل وقاف..
منذ تلك اللحظة، أضحت آسيا مفتاح القناة المذكورة بالنسبة للسوريين، وخاصة أنها غطت الأحداث بجدارة ورؤية مهنية في لغة الإعداد والتقديم، وآخر ما قدمته، وتم تناقله، كان عن لونا الشبل، المذيعة التي تمت تصفيتها قبل السقوط بفترة قصيرة، فالتسريبات التي بثتها قناة العربية لجولة بشار الأسد معها في طريق الغوطة، تطرقت إلى استراحة (طيبة) الشهيرة في النبك على طريق دمشق ــ حلب ــ اللاذقية، فوقعت في دائرة التلفيق ..
في الثرثرة بين (الرئيس) و (مستشارته) الإعلامية ، ثمة فضائح كثيرة، لكن إدعاء لونا الشبل أن ثلاثين جندياً سورياً تم تسميمهم في استراحة طيبة بعد أن استجروا إليها لإطعامهم، كان تلفيقاً وقحاً أوقع بشار الأسد نفسه في فضيحة، وادعت فيه أن الجيش قام بتدمير الاستراحة بعد أن فر صاحبها .
لو أن هذه الوقائع تمت فعلاً لكانت مذبحة، فهل يمكن إخفاء هذه المذبحة عن الناس، ليس هذا فحسب، بل إن بشار الأسد نفسه، لم يكن سمع بها كما قال للونا، فكيف لايسمع رئيس دولة بتسميم هذا العدد من الجنود في جيش البلد التي يحكمه، علما أن (فخامته) أخبرها أنه يعرف شهرة استراحة طيبة بأنها تبيع (هريسة نبكية)؟!
كشفت آسيا هشام وحشية التعامل مع أبيها ذي الأصول الفكرية للقوميين السوريين، كمعارض اعتقل مع كل وجهاء النبك لأنهم كانوا مع مطالب الثورة، واستنكرت كل التاريخ الأسود للنظام البائد في مجازره التي شكلت ذاكرة محزنة لملايين السوريين.
كل السوريين يعرفون هوية (استراحة طيبة) وكرم صاحبها هشام الحوز ، ما من سوري سافر على هذا الطريق ذهابا وإيابا إلا وكان له حصة في هذا المكان، حتى ولو لم يشتر منه، كان بإمكانه أن يستريح قليلاً من عناء السفر، فيشرب الشاي أو القهوة مجانا ، وكان يدخل حمامات نظيفة ويغسل يديه بالماء والصابون، وكان من الطبيعي أن يتذوق قطعة من (الهريسة النبكية) التي يعرفها بشار الأسد مجانا حتى ولو لم يشتر منها.
كل السوريين يعرفون هشام الحوز، وفي طبيعته الوطنية والفكرية سموٌ ورفعة تدفعه ليقول رأيه بصراحة، وتمنعه من أن يقوم بالفعل الذي تحدثت عنه لونا.. لايحق للونا الشبل التطاول عليه، لذلك من المفيد أن يعرف الشعب السوري أن هؤلاء الأحياء والأموات هم الذين كانوا يحكمون سورية بلا مسؤولية أو شرف .
بوابة الشرق الأوسط الجديدة



