تحليلات سياسيةسلايد

أبرزها النووي الإيراني وسوريا.. 4 فجوات بين ترامب ونتنياهو في الشرق الأوسط

برزت على السطح مؤخراً العديد من الفجوات بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، فرغم اتفاقهما في بعض القضايا، إلا أن السلوك الأمريكي في بعض مناطق الشرق الأوسط، ولا سيما مع سوريا وإيران، يثير غضباً إسرائيلياً.

 

ورغم الحفاوة التي حظي بها نتنياهو من ترامب في البيت الأبيض في فبراير/شباط الماضي، إلا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي عاد “خالي الوفاض” من واشنطن بعد لقائه الرئيس الأمريكي في 7 أبريل/نيسان الجاري.

ورغم أن نتنياهو يصف الرئيس الأمريكي الحالي بأنه “أفضل صديق لإسرائيل”، إلا أن ترامب عارضه في المواقف تجاه بعض الملفات، أبرزها المفاوضات بشأن النووي الإيراني.

وفي لقائهما الأخير، وجه ترامب رسائل ضمنية إلى نتنياهو، جاء بعضها صادماً، فيما يتعلق بالرسوم الجمركية، والنووي الإيراني، والتوتر مع تركيا، والحرب على قطاع غزة.

أولاً: النووي الإيراني وضرب طهران

في العام 2015، حشد نتنياهو القوى المناهضة للرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما، وقاد شخصياً جهداً للضغط على خطة العمل الشاملة المشتركة بشأن المشروع النووي الإيراني، تسبب ذلك بإحداث شرخ كبير مع الحزب الديمقراطي.

لكن إعلان ترامب عن “محادثات مباشرة” بين الولايات المتحدة وطهران، أمام نتنياهو، شكل صدمة لرئيس الوزراء الإسرائيلي الذي يسعى لشن هجوم على إيران.

وتقول صحيفة “هآرتس” إن نتنياهو كان جالساً في البيت الأبيض، ويبدو كتلميذ مدرسة موبّخ، ولم يرد حتى على ما قاله ترامب، وهو مشهد يذكرنا بتوبيخ ترامب السابق للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.

وكشفت صحيفة “نيويورك تايمز” أن إسرائيل كانت تخطط لتنفيذ ضربة عسكرية على إيران خلال أيار/مايو المقبل، لكن ترامب تراجع عن دعم هذه الخطة مؤخراً، مفضلاً خيار التفاوض أولاً مع طهران.

لكن، وفي ظل رغبته في تجنّب الانزلاق إلى حرب جديدة، قرّر ترامب تعليق الخيار العسكري مؤقتاً، وفتح الباب أمام مفاوضات مع طهران.

وبحسب تقرير الصحيفة، فإن ترامب أبلغ الحكومة الإسرائيلية بقراره عدم دعم الهجوم العسكري في المرحلة الحالية، وقد ناقش القرار مع نتنياهو خلال زيارته الأخيرة إلى البيت الأبيض.

لكن نتنياهو أكد في بيان أن أي اتفاق مع إيران لن يكون له جدوى ما لم يسمح للموقعين عليه بدخول المنشآت وتفجيرها، وتفكيك المعدات، تحت إشراف وتنفيذ أمريكي.

وبحسب تقرير لصحيفة “يديعوت أحرونوت”، فإن في إسرائيل، تدعم كل القيادة الأمنية والسياسية فرصة مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية، لكن فريقاً في الإدارة الأمريكية، وعلى رأسهم المبعوث ستيف ويتكوف، ونائب الرئيس جيه دي فانس، يفضلون الخيار الدبلوماسي الذي ينجم عنه خفض مستوى المشروع النووي الإيراني بحيث يصبح غير خطير لفترة طويلة.

وتقول الصحيفة الإسرائيلية إن في الوقت الحالي، على الأقل، فاز أصحاب الخيار الدبلوماسي في معركة إقناع ترامب.

وتشير إلى أن المحادثات قد تكون طريقة ترامب لإظهار أنه استنفد كل الخيارات الدبلوماسية قبل الهجوم، أو قد تسفر عن اتفاق لا يختلف كثيراً عن الاتفاق الذي توصل إليه أوباما مع إيران عام 2015، وفي كلتا الحالتين يتعين على إسرائيل أن تستعد للأسوأ.

حيث إن هذه الصفقة، كما يعتقد الإسرائيليون، ستعمل على إثراء إيران مرة أخرى، وتسمح لها بإعادة بناء حزب الله واستعادة دمشق، إلى جانب عدم تفكيك جهاز طرد مركزي واحد.

كما تشير المخاوف الإسرائيلية، إلى أن من شأن مثل هذه الصفقة أن تسلط الضوء على ضعف الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وتعزز موقف روسيا والصين، والأمر الأكثر أهمية هو أن مثل هذا الاتفاق من شأنه أن يضمن استمرار إيران في إنتاج الأسلحة النووية.

لكن إسرائيل، بخلاف السابق، لا تستطيع الاعتماد على الكونغرس لمعارضة اتفاق نووي جديد، حيث سيدعم الديمقراطيون أي اتفاق يشبه إلى حد كبير اتفاق أوباما، في حين سيمتنع الجمهوريون عن معارضة ترامب، ولذلك ليس أمام إسرائيل سوى خيار توجيه مطالباتها مباشرة إلى المكتب البيضاوي، بحسب الصحيفة الإسرائيلية.

وسارع وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، ورئيس الموساد ديدي برنياع، إلى باريس قبل بدء الجولة الثانية من المحادثات، والتقيا ويتكوف من أجل الحصول على تحديث لحالة المحادثات، والتأثير على الموقف الأمريكي من المفاوضات، من أجل منع التنازلات التي قد تكون قاتلة بالنسبة لإسرائيل، بحسب القناة 12 العبرية.

كما أصدر وزير الجيش الإسرائيلي يسرائيل كاتس بياناً قبيل بدء المحادثات بين الطرفين، قال فيه: “أنا ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ملتزمان، مع جميع الأطراف، بقيادة خط واضح يمنع إيران من الحصول على أسلحة نووية، لن نسمح بتهديدات الإبادة ضد دولة إسرائيل”.

وتقول صحيفة “هآرتس” إن التسريب إلى صحيفة “نيويورك تايمز” يوحي بأنه متعمد، ويقف خلفه مقربو نتنياهو، الذين يبدو أنهم يحاولون تبرير الفجوة الكبيرة بين خطابه الناري حول إيران والعمل الفعلي أمام قاعدته السياسية.

وتواجه إسرائيل معضلة بشأن ما إذا كان عليها التحرك منفردة ضد إيران، بالتوازي مع المفاوضات التي تجريها الولايات المتحدة، حيث تواصل بالفعل الاستعدادات للعمل بشكل مستقل في إيران، بحسب القناة 12 العبرية.

وحتى لو قررت إسرائيل الهجوم، فإنها ستضطر إلى التحرك بالتنسيق مع الولايات المتحدة، والأمر المهم بالنسبة لها هو أن تشرح للأمريكيين ما هي الشروط المهمة لها في أي اتفاق يتم توقيعه.

وبحسب القناة 12 العبرية، فإن مطالب إسرائيل تتمثل في:

  • تفكيك القدرات النووية العسكرية الإيرانية.
  • تفكيك مشروع الصواريخ.
  • منع تمويل وتسليح وكلاء إيران في الشرق الأوسط.

وتكمن المخاوف لدى الإسرائيليين في أن الأمريكيين في عجلة من أمرهم نحو التوصل إلى اتفاق، ويهملون مصالح إسرائيل في الشرق الأوسط.

ثانياً: سوريا والموقف من تركيا

رغم أن إيران تمثل المثال الأبرز والأهم على الفجوة بين ترامب ونتنياهو في منطقة الشرق الأوسط، فإنها ليست المثال الوحيد، فقد أفادت تقارير بأن الرئيس الأمريكي يخطط لتقليص عدد القوات الأمريكية في سوريا، الأمر الذي يثير مخاوف إسرائيلية.

وبحسب صحيفة “هآرتس”، فقد سعت إسرائيل في الأسابيع الأخيرة إلى إقناع إدارة ترامب بالتراجع عن قرارها، ليس بسبب مخاوف على الأكراد، بل لأن ذلك يُعد مطلباً تركياً منذ فترة طويلة.

ونقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت” عن مسؤول إسرائيلي كبير أن الانسحاب الأمريكي، إذا حدث، سيكون جزئياً، وستحاول إسرائيل منع ذلك أيضاً، خوفاً من زيادة التوترات مع تركيا التي تعمل على زيادة سيطرتها على المنطقة بعد سقوط نظام بشار الأسد.

وتزعم إسرائيل أن انسحاب القوات الأمريكية قد يزيد من “الشهية التركية” للسيطرة على أصول عسكرية أكثر استراتيجية في الميدان، بحسب “هآرتس”.

ويتخوف الإسرائيليون من أن الوضع الجديد في سوريا يخلق تقارباً استراتيجياً للمصالح بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وترامب، حيث تُرى إسرائيل كعامل معرقل.

وخلال لقائهما في البيت الأبيض، دعا ترامب رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى “حل مشاكله” مع أردوغان، و”التصرف بعقلانية”.

وتحدث ترامب -في تصريحاته للصحفيين خلال لقائه نتنياهو- عن علاقته الجيدة مع الرئيس التركي، قائلاً: “لدي علاقة رائعة مع رجل اسمه أردوغان، وأنا أحبه وهو يحبني، وهذا ما يُغضب وسائل الإعلام”.

وأوضح أنه أخبر نتنياهو بأنه “يحب أردوغان”، و”إذا كانت لديه مشاكل معه، فعليه حلها”، مؤكداً أن “على الإسرائيليين التصرف بعقلانية لحل أي مشكلة مع تركيا”.

وتذكر “هآرتس” أن ترامب سمع من الدول الخليجية وتركيا ضرورة الاعتراف بالرئيس السوري أحمد الشرع، ورفع العقوبات عن سوريا، ما يمكن من تحويل أموال إعادة الإعمار، ويرسخ مكانة النظام الجديد كقوة حيوية في كبح نفوذ إيران في المنطقة.

ولم تستبعد الصحيفة الإسرائيلية دعوة الشرع إلى أحد هذه الاجتماعات لمصافحة ترامب، في الوقت الذي تنظر إليه إسرائيل بأنه يشكل خطراً، وهددت باتخاذ إجراءات ضده إذا استُخدمت الأراضي السورية لاستهدافها.

وتخشى إسرائيل الآن محاولة ترسيخ وجودها العسكري في سوريا الجديدة، وهو ما من شأنه أن يحد من حرية العمل الإسرائيلية، وقد يخلق تهديداً محتملاً على حدود الجولان في المستقبل.

ثالثاً: البرنامج النووي السعودي

وتقول صحيفة “جيروزاليم بوست” إن النووي الإيراني لم يكن الخبر السيئ الوحيد لنتنياهو، فقد علم أيضاً أن ترامب يستعد لتوقيع اتفاقية تعاون نووي مع السعودية، لن تكون مرتبطة بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، إحدى أولويات رئيس الوزراء.

وفي إطار المفاوضات التي بدأتها إدارة بايدن، ارتبطت رغبة السعودية في الحصول على مساعدة في تطوير صناعة نووية مدنية، والحصول على ضمانات أمريكية بشأن تطبيع العلاقات مع إسرائيل، حيث اعتُبر ذلك ضرورياً للحصول على موافقة مجلس الشيوخ على أي معاهدة دفاع رسمية.

وتشير الصحيفة إلى أنه من المتوقع أن يُعلن ترامب عن الاتفاق النووي الشهر المقبل خلال زيارته للسعودية، في أول رحلة خارجية له في ولايته الثانية (كما حدث في ولايته الأولى).

ويوم الأحد، أعلن وزير الطاقة الأمريكي كريس رايت، خلال زيارته للرياض، أن إدارة ترامب والسعودية “على الطريق الصحيح” لتوقيع اتفاقية من شأنها تلبية تطلعات السعوديين لتطوير برنامج نووي.

وكانت هذه الصفقة، إلى جانب تحالف دفاعي أمريكي سعودي، هما الحافزان اللذان عرضهما بايدن في مقابل تطبيع العلاقات بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية.

وتقول صحيفة “هآرتس”، يبدو أنه، كما هو الحال في الحوار بين الولايات المتحدة وإيران، فإن إسرائيل سوف تلعب دوراً مراقباً فقط في حالة الطموحات النووية السعودية أيضاً، ولكن ترامب سوف يكون هو من يتخذ القرارات.

رابعاً: ترامب معني بالتنفيذ الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار في لبنان

ويرغب ترامب أيضاً في المضي قدماً في التنفيذ الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان، والذي يشمل تفكيك أسلحة حزب الله وترسيم الحدود البرية بين الجانبين، بحسب صحيفة “هآرتس”.

وهناك ملامح أخرى للفجوة بين نتنياهو وترامب، تتعلق بدور قطر، حيث زار الرئيس اللبناني ميشال عون الدوحة للحصول على مساعدات مالية لإعادة إعمار لبنان وتمويل جيشه.

وتعهدت قطر، التي ساهمت بالفعل بنحو 60 مليون دولار للجيش اللبناني لتغطية الاحتياجات المستمرة، بمواصلة دعم التعافي الاقتصادي في لبنان، وتعزيز جيشه بشكل كبير.

وتقول “هآرتس” إن “ترامب لا يكترث كثيراً بمصدر تمويل لبنان، طالما أنه لا يأتي من إيران. ولا يبدو أن اتهامات إسرائيل لقطر تُقلقه”.

وما يثير القلق هو أنه في خضم التغيرات المتسارعة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، والتحولات التي أحدثها ترامب، لا تزال إسرائيل عالقة في التصورات القديمة، ويشمل ذلك الاعتقاد بأن نتنياهو يتولى قيادة حاملة الطائرات الأمريكية، وأن قيمة إسرائيل الاستراتيجية في نظر الولايات المتحدة لا تزال راسخة، كما تذكر “هآرتس”.

عربي بوست

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى