بين قوسين

أبناء الأمن العام… أبناء هذا الوطن

جولي الياس خوري

ليسوا غرباء، ولا وافدين من عوالم أخرى… إنهم أبناء هذا الوطن، الذين حين كانوا أطفالًا، هجّرهم النظام السابق من بيوتهم، وشردهم من مدنهم وقراهم، تحت ذريعة “محاربة الإرهاب”، وهو في الحقيقة كان يحارب الحياة والحرية والكرامة.

كثيرون منهم فقدوا أهلهم تحت القصف والبراميل المتفجرة، وكبروا قبل أوانهم، حُرموا من طفولتهم، ومن دفء المنزل، ومن حنان الأب والأم، ليجدوا أنفسهم فجأة رجالًا في زمن قاسٍ، يتحملون مسؤوليات كبيرة في أعمار صغيرة. هؤلاء لم يولدوا في بيئة طبيعية، بل في جراح وطن، وتحت نيران الظلم، فاضطروا لحمل السلاح لا لعدوان، بل لحماية من تبقّى من أهلهم، ومن بقي من أرضهم.

اليوم، هم جزء من الأمن العام، المنظم، المدرب، المنضبط… لكنهم قبل ذلك، هم أبناء هذه البلاد، ضحايا الأمس الذين يحاولون أن يكونوا حماة اليوم. ربما لا يعرفون الكثير عن باقي المناطق السورية، ولا عن أهلها المختلفين عنهم في الثقافة أو اللهجة أو العادات، لأنهم كبروا في مناطق محرومة، محاصرة، منعزلة عن بقية الوطن، فبقيت معرفتهم محدودة ومشوّهة.

لذلك، هم بحاجة لا إلى نقد جارح أو أحكام مسبقة، بل إلى قليل من المحبة، إلى شيء من التقدير والاحتواء. بحاجة إلى أن يشعروا أن الوطن يعترف بتضحياتهم، ويقدّر معاناتهم، ويمنحهم فرصة أن يكونوا فاعلين فيه، لا مجرد أدوات.

لقد شهدنا كيف أن العديد منهم، حين دخلوا إلى مدن الساحل، أظهروا سلوكًا راقيًا، وتعاملوا مع الناس باحترام وأخلاق… وهذا دليل أن شبابنا، حين يُعطَون الثقة، ويُعاملون بالحب، يردّون بالمثل.

أما من يرتكب الانتهاكات ويزرع الفوضى والانتقام، فليسوا من هؤلاء الشباب، بل من غرباء، لا يمتون لهذا الوطن بصلة، ولا يعكسون أخلاق شبابه الحقيقيين. ولهذا فإن أولى الخطوات نحو استقرار حقيقي هي إخراج تلك الفصائل الغريبة، التي لا تعرف من هو السوري، ولا تفهم وجعه ولا تحترم أرضه.

فلنقف مع شبابنا، نمدّ لهم يد المحبة، نغمرهم بشيء من التقدير الذي حرمهم منه النظام البائد، ولنقول لهم: أنتم أمل سوريا، وأنتم الأمان لكل السوريين.

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى