أتفقد نقصاني
إذا كنت ميتاً فالجنازة لن تحدث بدونك
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أتفقد أعضائي صباحاً…فأراها موجودة في مكانها…ولكنني أحسّ بالأسف، لأسباب لا أعرفها. قد يكون من بينها: ما فائدة كل هذه الأدوات التي استعدت للنزهة، بكل هذا البهاء، والشغف، واللياقة، والانتباه المفرط بالبهجة…إذا كان المكان الذاهبون إليه سيكون من بين الأماكن التي يأتيها الموت.
“الموت السوري… هو جغرافيا شاملة”.
“أتفقد حالة التفكير الرغبي… فتقوم الحرب بتلخيصها، على نحو مبتذل، بأنها الرغبة بانتهاء الحرب، والنزوع إلى السلام، وتوقف هذا الهدر المخيف من الدماء.
التفكير الذي يبني بيوت الفقراء، والمهجرين، والمنكوبين واللاجئين والذين يشكون، بين حزن وابتسامة، خذلان بلادهم لهم… هو: كيف نعيش ليس بالعطف وزيت المعونات، وشاي الهنود، وخبز الإيرانيين… وإنما كيف نعيش بفكرة سورية جديدة حول الكرامة الشخصية والأنا التي قبرها الاستبداد نصف قرن.
“الكرامة السورية… جزء خبز الأيام”.
أتفقد امتحانات مستقبل أولادنا، وأراهم يتوقفون عن النمو لأنهم يريدون البقاء طلاباً، في المرحلة الإعدادية
كي لا يصبحون شهداء في مرحلة خدمة الجندية….
إنهم يكرهون الوطن بقدر محبتهم له… ذلك الزعيم الجغرافي لجندية الشبان السوريين، وهم يقاتلون أندادهم في الطرف الآخر من الجندية والجغرافيا.
أتفقد هذا الصباح نبل البطيخة التي قطعت الطريق الطويل من سهل الغاب إلى شارع الفردوس، في مدينة سورية على أهبة الصراع المذهبي، كي لا تخذلني أمام أصدقائي الذين دعوتهم لإفطار “كان زمان” بطيخة وجبن بلدي خارج لتوه من الماء الساخن… مدججاً باستسلامه لفكرتنا عنه.
“هذا الجبن البلدي…شجاعة ماعز الجبال”.
أتفقد هذا الصباح أعضاء الحب النبيلة… أزيل ارتباطي العاطفي بالماضي… وأزيح هذا الشوق إلى كل مفردات الآن، وما تريده من المجهول… أفكر بما ليس حباً، بما ليس قابلاً للغش…فأعترف أمام نفسي… بأن الحب يحتاج إلى الطبول: تقرع الطبول الهواء، وتخلق الطقوس الجميلة من رقص الأنوثة الجميلة إلى خضوع الذكورة. من الماء في الينابيع إلى الرعود في الجبال.
أتفقد حجم ابتسامة الجيران، وهم يهبطون السلالم، فأرى ظهورهم وقد انحنت من خوف السلالم فأشد قامتي، وأهبط، مثلهم، ولكن كل 3 رجات بخطوة.
البطولة، أحياناً،
هي
وهمها.