أتمنى لو كنت غنمة
أتمنى لو كنت غنمة…فعقلي يؤلمني .. عقلي المتعب .. الذي يشرع في تحليل الحدث ، وإلقاء الأسئلة ، وطرح إشارات الاستفهام .. مع كثير من علامات التعجب .. !!
نعم !!!
لماذا .. وماذا .. كيف ومتى وإلى أين ..؟؟!
رأسي المزعج … الذي يبدأ بتجميع الأحداث وربطها وإصدار أفكار وبراهين وتحاليل أقوم بها .. تفرض نفسها علي لتعيد الي التوازن الذي بدأت أفقده مع الوقت بسبب حالة التشتت والضياع .. وغياب المصادر الموثوقة والحقيقية ، وتضارب المعلومات وتناقضها .. فأضطر للبحث والاستقصاء وإيجاد المعلومة التي ترضي قناعاتي .. وتوافق تحليلاتي ..
ففي هذا العالم .. عالم النفاق والكذب الذي نعيش ، يحضرون لنا الحدث ويسوقونه ويلقون علينا الأوامر .. ماذا وكيف نعيش .. ونحن علينا التنفيذ. يزرعون الخوف والرعب في نفوسنا ، يهددونا بحياتنا وصحتنا وأعمالنا ومستقبلنا .. يتوعدونا بكارثة في حال عدم الانصياع والتنفيذ ، وعلينا أن نقبل .. ننفذ دون أي تردد .. وليس لنا أن نشكك بصحة خوفهم علينا وحرصهم على حياتنا ومستقبلنا .
السؤال ممنوع .. الرفض جريمة .. والانصياع هو الحل الوحيد المقبول ..!!!
في عالم كهذا .. التفكير والتشكيك ممنوع ..
أحاول أن أتمرد .. أرفض .. أغير ..
لاكتشف مع الوقت عجزي وضعفي .. فأحاول اقناع نفسي انه ان لم يكن ما تريد فأرد ما يكون ، وامشِ مع التيار كي لا تموت من القهر.
الأمر موجع عندما ترفض الواقع ولكنك لا تملك الأدوات للتغيير .. تملك الفكر والكلمات والتحليل، لكنك لا تملك القوة، فالقوة والسلطة في يد مجموعات تطفو على بحر من الكذب والنفاق ..وتتقاتل فيما بينها بسرقة الحدث ونشر الأكاذيب والتخوينات والخزعبلات، وتتصارع على من يسيطر ويستلم السلطة ويستغل الثروات ..
نعيش في عالم مفتوح بلا ضوابط ولا رقابة ولا أخلاق .. فشعور العجز مؤلم .. والخوف هو من يقود ..
فكم أتمنى لو كنت غنمة أمشي مع القطيع ، وأقبل ما يريدون ويفرضون ويدعون .. بلا تفكير ولا تحليل .. وأنفذ قراراتهم .. فلا أعاني من ألم القيد ولا وجع الحرية .. وأمشي مع الغنمات .. وأرعى التعليمات .. وأعود إلى قوقعتي .. كل مساء ..لأبقى بأمان ..!!