أثر الحراك الشعبي في لبنان والعراق على سورية !
خاص بوابة الشرق الأوسط الجديدة
جاء اللقاء الذي أجرته قناتان تلفزيونيتان سوريتان مع الرئيس السوري بشار الأسد مهماً في وقته وظروفه، وكان الرئيس الأسد واضحاً وصريحاً في أجوبته وخاصة فيما يتعلق بمسألتي الفساد والاقتصاد وتصريحه بأن مكافحة الفساد طالت المؤسسة العسكرية .
ومع ذلك لم يطرح مذيعا القناة السورية والإخبارية السورية أسئلة حول أثر الحراك الشعبي في لبنان والعراق على سورية، رغم أن الموضوع يوازي في أهميته أحداث عامي 2010 / 2011 في إشعال المنطقة تحت مسمى الربيع العربي.
وبرغم أن الأساس في الحراك الشعبي الصاخب والعام في لبنان هو اقتصادي ومطلبي جعل مختلف أطياف المجتمع اللبناني تشارك فيه، وبرغم أن هذه الطبيعة هي من نفس طبيعة الدوافع التي أشعلت الساحة العراقية وتسببت في سقوط قتلى وجرحى. برغم ذلك، فلا أحد يتصور إلى أين يمكن أن تتجه تطورات هذين الحراكين ، وكيف ستؤثران على المنطقة .
ما أن مرت الأيام الأولى على الحراك الشعبي في لبنان، حتى جرت اصطفافات سريعة ، سياسية في جوهرها ، وذات بعد إقليمي في تداعياتها، والحديث عن هذا المعطى ليس افتعالا أبدا، فالسيد حسن نصر الله نصح بيئة المقاومة أن لاتشارك في هذه التحركات، ولم يتردد في اتهام قوى خارجية ومحلية من استثمارها وربما التأثير بها، وقام سمير جعجع قائد القوات اللبنانية بسحب وزرائه في أول رد فعل أحس فيه أن تلك الخطوة ستسحب البساط من تحت خصومه السياسيين في التيار الوطني الحر وحزب الله..
وحتى قبل أن نتابع التفاصيل الإضافية في هذا الاتجاه ، يمكن القول أن نتيجة حتمية سنصل إليها مع تطور الأحداث في لبنان تتعلق بمسألة حزب الله وحصر السلاح في يد الدولة اللبنانية ، وهذه مسألة (على رأس لسان خصومه) كما يقولون .
كل الشخصيات السياسية التي قدمت نفسها على وسائل الإعلام المعارضة لحزب الله أشارت إلى مسألة سلاح حزب الله وإلى الدور الإيراني في الأزمة اللبنانية ، وباختصار حدث الاصطفاف في بعده السياسي سريعاً، ولا يمكن التعامي عنه وعن تداعياته .
في العراق، أخذ الحراك التوجهات نفسها، وإن في رداء مختلف، وسريعا حصر الإعلام الآخر اهتمامه بالاستنفار الإيراني إزاء الحدث العراقي، أي أن النتيجة نفسها كانت في العراق أصلا .
وثمة حقيقة أساسية تؤخذ في عين الاعتبار في هذا الاتجاه تتعلق بسورية، فهي جزء أساسي في محور المقاومة الذي يبدو في عنصريه (اللبناني/حزب الله، والعراقي) مستهدفا في الحراك ومحاولة أميركا التأثير فيه .
أما مسألة اللاجئين السوريين في لبنان ، فهي في (بوز) المدفع ، ولا يمكن عزلها لا عن الأزمة الاقتصادية لا عن البعد السياسي ولا الإقليمي لها، والدعوات كثيرة لدفع اللاجئين للعودة إلى بلادهم ولو بكتلة واحدة ؟!
هل يمكن أن تنأى سورية عن هذه التطورات ؟!
وهناك سؤال كبير يتعلق بتاريخية الحرب السورية وتفاصيلها وشعاراتها وآليات العمل في الشارع السوري عند اندلاع الأزمة في آذار 2011 . وهذا السؤال يقول لاحظوا شكل الحراك وطريقته وشعاراته رغم استبعاد الجيشين اللبناني والعراقي عن الاستهداف شكلياً.
الرئيس السوري بشار الأسد عرّج على المستجدات في بعدها المتعلق بالصراع، وكان منسجما في رؤيته التي شرحها مرارا لطبيعة الحرب السورية وآليات الحل التي يجري الحديث عنها ، وفي قوله التالي تثبيتا لرؤيته، فإسرائيل : “هي الحاضر الحاضر، لم تكن غائباً على الإطلاق، غائب لغوياً لأننا نقاتل نوابها أو عملاءها أو إمعاتها أو أدواتها بأشكال مختلفة.. البعض منها عسكري والبعض منها سياسي.. كلهم أدوات يخدمون (إسرائيل) بشكل مباشر -من خلال علاقة مباشرة- أو عبر الأمريكي، ولكن لأن المعركة على الواقع هي مع هذه القوى فبشكل طبيعي أصبحت اللغة تتحدث عن هؤلاء وليس عن (إسرائيل)، أما (إسرائيل). فهي شريك أساسي في كل ما يحصل وهذا طبيعي، هي دولة عدوة. ماذا ستفعل؟ ستشاهد وتنتظر؟! لا ستكون مبادرة وستكون الأكثر فاعلية من أجل ضرب سورية والشعب السوري والوطن السوري وكل ما يمت إلى سورية بصلة”
وفي الشأن الداخلي ، قدم الرئيس الأسد قراءة مهمة لما يحصل والتي وصفتها الأسئلة بالتقصير الحكومي، فالسؤال، كما قال هو “كيف نميّز بين التقصير والحرب. الآن لا نناقش بهذه الطريقة. نحن على مستوى الدولة نحاول أن نصل لهذه النتائج، ونصل لنتائج تتعلق بالتقصير. التقصير يجب ألا يعطى فرصة للاستمرار. المسؤول المقصر يجب أن يذهب. طبعاً هناك أيضاً الفساد. التقصير شيء والفساد شيء آخر.. قد تكون النتيجة واحدة أحياناً، ولكن أنا أتحدث الآن عن مسؤول غير فاسد ولكنه مقصّر، أو مسؤول لا يمتلك رؤية. عندما نكتشف أنه لا يمتلك الأولى ولا الثانية فأقول يجب أن يذهب مباشرة..”
وهذه رسالة واضحة، لمعالجة قضايا الفساد ، والتي عول كثيرا على توليد قوانين لمعالجتها، وقد كان مجمل الإجابات التي حملها حوار الإعلام المرئي معه يصب في أن الحرب لاتزال قائمة، وأن سورية ستمضي فيها عندما لايثمر الحوار ، وهذه الإجابات ، تجعل من المفيد القول إن (الزاوية السورية )، كما تراها القيادة السورية، تبدو قوية من جهة أي أثر يمكن أن يستهدفها مجددا، وأساس هذه القوة يعود إلى القوة نفسها التي جعلت الجيش السوري يمضي بثقة لاستعادة مواقعه على مجمل الأرض السورية. .