تحليلات سياسيةسلايد

أثر فعل المقاومة يتكشّف: العدو يشكو نقص الدبابات

يوسف فارس

رغم أن بقايا الدبابات وناقلات الجنود التي يخلّفها جيش الاحتلال وراءه عقب انسحابه من كل منطقة توغّل فيها، تمثّل دليلاً مادياً ملموساً على ما يُمنى به العدو من خسائر في عديد آلياته وجنوده، إلا أن قادة المؤسسة الأمنية لم يقروا منذ بداية الحرب بما خسروه من آليات ومدرّعات. والجديد، في هذا الإطار، ما كشفه جيش الاحتلال عبر صحيفة «يديعوت أحرونوت»، من أنه يعاني من نقص حادّ في أعداد الدبابات المتوفرة لديه. ووفقاً للصحيفة، فإن الجيش أقرّ في إفادة لـ«المحكمة العليا»، بتضرر عدد كبير من الدبابات وتعرّض أعداد أخرى للإعطاب، وإنه من غير المتوقع أن يجري إصلاحها قريباً أو أن تدخل قريباً دبابات جديدة إلى سلاح المدرعات.

وأضافت أن «هذا الأمر يعني أن عدد الدبابات الحالي غير كافٍ سواء لجهود الحرب أو للتدريب».ويتقاطع هذا الإقرار، مع المئات من الوثائق المسجّلة بالكاميرا، والتي تظهر مدى فعالية الأسلحة المستخدمة في القتال البري مع كل الآليات التي يستخدمها العدو في المعارك، وهو الأمر الذي دفعه إلى الزجّ بآليات وعربات قديمة ومتهالكة أو خفيفة التدريع، وكان خرج بعضها من الخدمة، من مثل ناقلة الجنود «M113»، أو العربات المدولبة وجيبات «الهامر» التي يكثر استخدامها في شوارع ومخيمات الضفة الغربية، في ميادين قتال خطيرة، تتوفر فيها أسلحة مضادة للدروع شديدة الفعالية، وجنود محترفون وشديدو الجرأة. ووفقاً لمصدر في المقاومة، فإنه من بين نحو 1500 دبابة استُهدفت بالقذائف والعبوات الناسفة، أصيبت المئات منها بأضرار بليغة تسببت بخروجها من الخدمة كلياً. أيضاً، تكشف وثائق تعليمية خاصة بالمقاومة، كان جيش الاحتلال قد عثر عليها في غزة، أن ثمة عدة عوامل تلعب دوراً في مستوى الأذى والتأثير اللذين يمكن أن تحدثهما القذائف المضادة للدروع «الياسين 105» و«التاندوم» في جسم الدبابة المستهدفة، أهمها انتقاء نقاط الضعف؛ إذ إن لكل دبابة مجموعة من هذه النقاط، التي تتوقف إصابتها بدقة على مهارة الرامي.

تتربّع على رأس قائمة الأسلحة ذات الفعالية في الهجوم على الآليات، عبوات «الشواظ» و«ثاقب»

أما عن فعالية الوسائط المستخدمة في الهجوم على الآليات، فتتربّع على رأس قائمة الأسلحة، عبوات «الشواظ» التي تستخدمها «كتائب القسام» أو «ثاقب» التي تستخدمها «سرايا القدس». وتحدث تلك العبوات موجة انفجارية، موجّهة من التجويف النحاسي المخروطي المصمم في قاعدتها، لكن استخدامها يتطلب الالتحام المباشر مع الدبابات، أي تقدم المقاوم إلى هيكل الدبابة وتربيض العبوة أسفلها. وفي المقام الثاني، تحضر قذائف «الياسين 105»، وهي النسخة المحلية من قذائف «التاندوم» ذات الرأس الثنائي والحشوة الترادفية، والتي بوسعها اختراق 60 سم مسطّحة من الحديد الصلب، ولكن ما هو سر هذه الفعالية؟

من المعروف أن دبابة «الميركافا» وناقلة جند «النمرة»، هما درة تاج الإنتاج العسكري الإسرائيلي، وهما عبارة عن قطع عسكرية مزوّدة بأحدث منظومات التدريع والدفاع التكنولوجي المتمثل بمعطف الريح. وفي العلم العسكري، يمكن التغلب على التطور التكنولوجي، بتطور تكنولوجي أكثر منه درجة أو درجات، وحينما يتعذّر مواكبة تطور الخصم، أو بالأحرى تجاوزه، يصار إلى استخدام الخطة الأكثر بساطة، أي اللجوء إلى العمل العسكري «ما قبل التكنولوجيا». على سبيل المثال، في حال كانت في مقابلك دبابة مزوّدة بأعلى إمكانات التدريع والتحذير والإنذار المبكر والمراقبة، لن تستطيع التغلب عليها، إلا بأكثر الإمكانات بدائية، والمتمثلة في العبوات المؤثرة، والجندي الشجاع الذي لن يتردد في مواجهة الدبابة في محيطها الأعمى. ويقال في الميدان، إن دبابة «الميركافا» التي تستطيع رصد خصومها في قطر محيطه 5 كيلومترات، لا تستطيع أن ترى خصمها في محيط 5 أمتار، وبالتالي تصبح أكثر السواتر أماناً هي الدبابات؛ إذ في محيطها، لن يراك الجندي الذي يقودها، ولن تقصفك الطائرة التي تعلوها.

وبعيداً عن اللوجستيات، يكشف إقرار جيش الاحتلال بخسائره للمرة الأولى، العقدة التي هي منشأ الخلاف بين المؤسستين السياسية والعسكرية؛ إذ فيما يتطلع رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، إلى حرب طويلة، لا نهاية وشيكة لها تضمن بقاءه في سدة رئاسة الوزراء وتحافظ على حياة ائتلافه الوزاري، يضطر وزير الجيش إلى عرض ما لديه من معطيات مادية: نقص حاد في الدبابات والذخيرة، ونقص مماثل في من يقود الدبابات المتوفرة، فضلاً عن إرهاق وإحباط عاميْن في معنويات الجنود.

 

صحيفة الاخبار اللبنانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى