تحليلات سياسيةسلايد

أحداث العجيلات تُثير جدلا حول علاقة الدبيبة بتركيا

أثارت العملية الأمنية التي أطلقتها المنطقة العسكرية الغربية بمدينة العجيلات غرب العاصمة طرابلس انتقادات واسعة، لا سيما على إثر عملية إسقاط طائرة مسيرة تركية قرب المدينة، في الوقت الذي تواجه فيه حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها برئاسة عبدالحميد الدبيبة اتهامات باهدار المال العام على عقود تسليحية غير معلنة وشراء معدات عسكرية متطورة من تركيا سرا.

ودخلت قوة تابعة للمنطقة العسكرية بالساحل الغربي منذ الاثنين مدينة العجيلات في إطار عملية أمنية، قالت إنها تهدف لفرض الأمن فيها، وذلك بعد سنوات استغل فيها المجرمون وشبكات الجريمة بعض مناطقها كأوكار للاتجار بالمخدرات والبشر، بالإضافة إلى ممارسة الخطف والابتزاز والقتل.

وأضافت في بيان أن هذه العملية تأتي “استكمالا للعملية الأمنية التي أُطلقت في مدينة الزاوية، وضمن الخطة العسكرية الهادفة إلى فرض هيبة الدولة، وتعزيز قوة القانون، واستعادة الأمن والاستقرار في المنطقة، مؤكدة على ضرورة ابتعاد المدنيين عن الأماكن والأوكار المشبوهة نظراً لاستمرار العمليات العسكرية”.

ودعت المواطنين كافة إلى التعاون والتواصل معها للإبلاغ عن أي أوكار مشبوهة أو مجموعات خارجة عن القانون، وفق البيان نفسه.

وتشهد العجيلات اضطرابات أمنية بصفة مستمرة، كانت آخرها في بداية يناير/كانون الثاني الجاري، حين وقعت اشتباكات بين مجموعة مسلحة تابعة لكتيبة 103 مشاة المعروفة باسم السلعة وأخرى تابعة لحاتم الفهري في نطاق بوابة رأس يوسف ومنطقة الجديدة وجنان اعطية.

ومع تواصل العملية العسكرية، انتقدت المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا الانتهاكات والتجاوزات بحق السكان وممتلكاتهم، مشيرة إلى أنّ عديد المنازل تعرّضت إلى الحرق والتدمير وكذلك النهب، كما تمّ إطلاق الرصاص بشكل عشوائي ما تسبب في ترهيب السكان ودفعهم إلى النزوح من وسط المدينة إلى ضواحيها حفاظا على سلامتهم.

وطالبت في بيان أطراف النزاع بفتح ممرات إنسانية آمنة وتمكين فرق الإسعاف والطوارئ والهلال الأحمر من إجلاء العالقين بمناطق العمليات الأمنية والعسكرية، محملة آمر المنطقة العسكرية الساحل الغربي المسؤولية القانونية الكاملة حيال ما قد يترتب على هذه العمليات من مخالفات وتجاوزات أو مساس بأمن وسلامة وحياة المدنيين.

وحسب المصدر نفسه، شددت المنظمة على أهمية الالتزام بضمانات أمن وسلامة السكان وعدم تحويل المناطق السكنية إلى ساحة قتال، مطالبة جميع القوات العسكرية والأمنية  بعدم تعريض المدنيين للخطر، طبقا لما نصّت عليه قواعد وأحكام القانون الدولي الإنساني.

وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي في ليبيا الثلاثاء، صور ومقاطع فيديو لسقوط طائرة مسيرة تركية الصنع من طراز “أكنجي” في مدينة العجيلات، فيما لم تصدر أي بيانات رسمية عن سقوط الطائرة.

وكشفت وسائل إعلام محلية، وفق مصدر عسكري، أن المسيرة تُعد واحدة من أكثر المسيرات تطورا في الصناعة العسكرية التركية، أُسقطت أثناء تحليقها على ارتفاع شاهق من جهة مجهولة.

وأكد المصدر ذاته أن الطائرة لم تكن مجهولة بالكامل، حيث جرى رصدها في وقت سابق عبر الأقمار الصناعية داخل الكلية الجوية بمصراتة، في مؤشر على إعداد دقيق لاستخدامها من قبل حكومة طرابلس.

ويرى مراقبون أن الحادثة التي بدت في البداية حدثا عسكريا عابرا قد اتخذت لاحقا أبعادا سياسية أمنية معقدة تعكس تشابك السياسي والعسكري في ليبيا وتسلّط الضوء على العلاقة المثيرة للجدل بين الدبيبة وتركيا.

وتأتي الواقعة في وقت تتزايد فيه الاتهامات لحكومة الدبيبة باستخدام الأموال العامة لعقد صفقات عسكرية سرية مع تركيا تشمل توريد معدات عسكرية متطورة، في انتهاك صارخ للقرارات الدولية، ما يؤكّد خطورة التدخلات العسكرية الأجنبية في المنطقة والذي أدى الى تعقيد الأزمة السياسية والاقتصادية ومزيدا من الاستقطاب الداخلي.

وكانت حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها قد وقعت مذكرة تفاهم عسكرية في مارس/آذار 2024 مع وزير الدفاع التركي يشار غولر، وقالت إنها تختص بـ”متابعة التعاون العسكري بين ليبيا وتركيا، كما تتضمن تفاهمات حول المجالات العسكرية من خلال ما وصفتها ببرامج تدريبية نوعية لدعم الجيش الليبي ووحداته المختلفة بخبراء التدريب العسكري ورفع كفاءة أسلحته النوعية ولا سيما سلاحه الجوي”.

وتسلّط هذه التطورات الضوء على طبيعة العلاقة بين حكومة الدبيبة وأنقرة، والتي طالما وصفت بأنها قائمة على المصالح الأمنية والعسكرية المتبادلة، بينما تواجه تركيا أيضا انتقادات متزايدة بسبب استمرار تدخلها في ليبيا، حيث يُنظر إلى دعمها العسكري لحكومة الوحدة المؤقتة على أنه عامل يؤجج الانقسام السياسي ويفاقم من تأزمه.

ميدل إيست أون لاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى