أحمد أبو الغيط ومُعاناته من “عُقدة سورية”
يبدو أن السيّد أحمد أبو الغيط أمين عام جامعة الدول العربيّة يُعاني من عُقدة اسمها “سورية”، فكلّما انحسرت عنه الأضواء، ووجد نفسه وجامعته في حالة تهميش لجأ إلى نبش الملف السوري والتّأكيد على أن دعوة الرئيس بشار الأسد لحُضور القمّة المُقبلة في تشرين ثاني (نوفمبر) المُقبل في الجزائر لن يُحسَم بعد، وكأنّه لا يُريده أن يُحسَم.
السيّد أبو الغيط الذي كان يتحدّث إلى صحيفة “الشرق الأوسط” يتصرّف وكأنّه ما زال وزيرًا لخارجيّة مِصر، وليس أمينًا عامًّا للجامعة العربيّة، ومن المُفترض أن يتحدّث بلغة دبلوماسيّة تضع جميع الدّول الأعضاء على قَدَمِ المُساواة، ولا ينحاز إلى مُعسكر في وَجهٍ آخَر، ونعتقد أن هذا التصرّف أحد أسباب انكِماش الجامعة العربيّة ودورها، وانفِضاض الشّعوب والحُكومات من حولها، ولا نستغرب أن يكون مُكَلَّفًا لهذا الدّور بشَكلٍ مُباشر أو غير مُباشر.
وكان لافتًا في حديثه المذكور أنه ناشد إيران بوقف المُغامرات في الأرضي العربيّة، والكف عن استِخدام المُشكلات العربيّة “كأوراق ضغط” على العالم الغربي وإسرائيل، وهذه نصيحة بألف جمل لو كانت أسبابها صحيحة، فمن سمح لإيران بهذا التدخّل هو غباء الحُكومات الغربيّة وتحوّل مُعظمها إلى أدواتٍ في خدمة أمريكا والاحتِلال الإسرائيلي.
فإيران لم تتدخّل في سورية إلا لإنقاذها من المُؤامرة العربيّة الأمريكيّة لتفكيكها، وبناءً على طلب حُكومتها، وإذا كان السيّد أبو الغيط لا يُتابع تصريحات الشيخ حمد بن جاسم رئيس وزراء قطر الأسبق، حول هذه المسألة، وخاصَّةً حديثه المُطوّل عن المُنافسة بينه وبين الأمير بندر بن سلطان على قِيادة التدخّل الأمريكي الخليجي لتدميرها، ورصد 2000 مِليار دولار لهذا الغرض، فربّما من المُفيد لفت نظره إلى هذه الحقائق ودور جامعته العربيّة في تبنّي هذا التدخّل ودعمه، وإبعاد سورية من الجامعة.
وربّما نزيده من الشّعر بيتًا عندما نُذكّره أيضًا بأنّ إيران لم يكن لها أيّ موقع قدم في اليمن قبل عُدوان دول التّحالف السعودي عليها الذي يُكمِل عامه السّابع ويدخل الثّامن هذه الأيّام.
ننْصَح السيّد أبو الغيط من جانبنا بالكف عن هذه الثّرثرة، والتمتّع بوظيفته الحاليّة التي تُعتَبر تقاعدًا فخمًا دون القِيام بأيّ عمل يُذْكَر، خاصَّةً أن قمّة النّقب السداسيّة بزعامة يائير لابيد وزير الخارجيّة الإسرائيلي، وحُضور “العم” الأكبر أنتوني بلينكن وزير خارجيّة أمريكا وأربعة وزراء عرب (مِصر، الإمارات، البحرين، والمغرب) ألغت بالكامِل جامعته، ومُؤسّسة القمّة العربيّة ومُؤتمراتها، والتّأسيس لشرق أوسط جديد بزعامة إسرائيل.