أدوية الإقلاع عن التدخين… أخطار غير متوقّعة
ما زال التدخين سبباً رئيسياً للمضاعفات والوفيات في كل البلدان، نظراً الى الصعوبة الكبيرة في مكافحته والتوقف عنه، لذلك برزت فكرة ابتكار أدوية تساعد في تحقيق هذا الهدف، موجهة خصيصاً للذين لا يقدرون، بمحض إرادتهم، على تركه. وتهدف أدوية الإقلاع عن التدخين الى السيطرة على العوارض الانسحابية الناتجة من التوقف عن إمداد الجسم بالنيكوتين بغرض التوقف الكلي عن تلك العادة السيئة التي تنهش الصحة العقلية والجسدية.
وتتضمن أدوية الإقلاع عن التدخين مجموعتين هما: بدائل التدخين التي تحتوي على مادة النيكوتين، أما المجموعة الثانية فلا تحتوي على مادة النيكوتين وتشمل عقارين هما «فارينيكلين»، و»بوبروبيون».
– بدائل النيكوتين،
ويستخدم الناس هذه المنتجات بوصفة أو بلا وصفة طبية. وسبق لنتائج دراسة صدرت عن مركز هارفارد الأميركي لمكافحة التبغ، أن شككت في جدوى هذه البدائل وأفادت بعدم فائدتها الدائمة وأن لها رد فعل عكسياً في بعض الحالات.
وكشفت نتائج دراسة أشرف عليها باحثون من معهد فرجينيا للمعلومات الحيوية، أن بدائل النيكوتين المستعملة في الإقلاع عن التدخين قد تكون غير آمنة لجميع المدخنين، وربما قد يدمنها بعضهم. كما أشار الباحثون الى أن النيكوتين في حد ذاته قد يسبب اضطرابات وطفرات جينية في المادة الوراثية يمكن أن تمهد لنشوء السرطان.
– دواء فارينيكلين،
وهو عقار يصفه الطبيب لفترة تصل الى 12 أسبوعاً من أجل كبح الرغبة الشديدة في التدخين. والسيطرة على العوارض الانسحابية الناجمة عن عدم أخذ مادة النيكوتين. وإذا استطاع المريض هجر التدخين بنجاح، يمكنه أخذ شوط علاجي آخر لمدة مماثلة من أجل تعزيز فرصه في التوقف عن التدخين نهائياً.
لكن دراسة كندية تناولت عقار فارينيكلين كشفت نتائجها التي نشرت في المجلة الأميركية للطب النفسي والاسعافي. أن هذا العقار يزيد احتمال إصابة مستعمليه بأزمات قلبية. وأنه يترك آثاراً سلبية على الحالة النفسية . كما ويؤدي الى تغيرات في المزاج والسلوك. والى الضغط النفسي والإحباط والأفكار السوداوية والانتحارية أيضا. خصوصاً لدى الأشخاص المتقدمين في العمر. فضلاً عن ظهور عوارض مزعجة. مثل الصداع، الأرق، والكوابيس.
وفي العام 2009. طلبت إدارة الدواء والغذاء الأميركية من الشركة المصنّعة لدواء فارينيكلين وضع مربع تحذير أسود اللون. وهو يمثل أقوى تحذير سلامة تصدره الإدارة. للتنويه إلى خطر الدواء على مستعمليه.
– دواء بوبروبيون،
وهو ينتمي الى مجموعة مضادات الاكتئاب، وقد وافقت عليه إدارة الغذاء والدواء الأميركية كوسيلة مساعدة للتوقف عن التدخين.
ويقود عقار بوبروبيون الى زيادة مستوى بعض المركبات الكيماوية في الدماغ، التي تقلل من الرغبة في التدخين ومن الإدمان على النيكوتين، وكذلك السيطرة على العوارض الثانوية المرتبطة بالتخلّي عن التبغ.
ويؤخذ عقار بوبروبيون تحت إشراف طبي لمدة يقررها الطبيب. لكنه هو الآخر طلبت إدارة الغذاء والدواء الأميركية أن تحمل علبه مربع التحذير الأسود اللون. نظراً الى المضاعفات الصحية العقلية الخطيرة التي يمكن أن تحدث أثناء فترة تناول الدواء أو بعد التوقف عنه.
إذا كانت الغاية من استعمال أدوية الإقلاع عن التدخين هي التوقف عن التبغ والتخلص من أخطاره،. فإن دراسة حديثة جاءت نتائجها مثيرة للدهشة. إذ بينت أن تلك الأدوية قد تكون أخطر من التدخين ذاته. لأنها تسبب كوارث صحية.
وأكدت الدراسة التي أشرف عليها خبراء من الجمعية الأميركية لأمراض الصدر. أن أدوية الإقلاع عن التدخين تترك آثاراً خطيرة على الصحة وتساهم في تطور الأمراض القلبية الوعائية أيضا.
وإذا أخذنا بنتائج تلك الدراسة، فإن أكثر من 30 في المئة من الذين أقلعوا عن التدخين مستعينين بالعقاقير المذكورة، ينقلون عادة إلى قسم الطوارئ لتعرضهم لهجمات من الألم الشديد في عضلة القلب، وغالباً ما تلاحظ لديهم إشارات تدل على أنهم عرضة لنوبات القلب في المستقبل.
وأوضحت الدراسة أن أدوية الاقلاع عن التدخين كثيراً ما تحتوي على مخدرات مخففة. أو كميات معينة من النيكوتين. كما وأن أي جرعة إضافية من هذه العقاقير قد تسبب مشاكل صحية خطيرة.أو قد تقود الى الوفاة أحياناً.
يبقى أن نشير الى معلومتين:
الأولى هي أن أدوية الإقلاع عن التدخين تساعد ولا شك بعض الشيء في التوقف عنه. لكنها غير كافية لمنع الانتكاسة على المدى البعيد. من هنا لا بد من اللعب على عامل التحفيز المستمر من جانب الأهل والأصدقاء والزملاء والأقارب والمجتمع والوسائل الإعلامية من أجل الإقلاع عن التدخين نهائياً.
أما المعلومة الثانية فهي موجهة الى المدخنين أنفسهم، فعلى من يرغب في الاستعانة بأدوية الإقلاع عند التدخين أن يبادر الى التنسيق مع الطبيب لتحقيق غرضين. أولهما اتخاذ القرار الصحيح في ما يخص نوع الدواء المستخدم. أما الثاني فيتمثل في رصد أي عوارض سلبية ناتجة من الدواء يمكن أن تقود بأصحابه الى قسم الطوارئ. ومهما قيل فإن أدوية الإقلاع عن التدخين ما هي إلا وسائل مساعدة. وتبقى الإرادة هي السلاح الأول للإقلاع عنه.