أرامكو وائتلاف عالمي يوقعان صفقة تاريخية ضخمة للبنية التحتية
أعلنت شركة أرامكو السعودية توقيع صفقة كبرى لشبكة أنابيب غاز بقيمة 15.5 مليار دولار مع ائتلاف عالمي بقيادة شركة بلاك روك للأصول الثابتة وشركة حصانة الاستثمارية، في ثاني صفقة كبرى للبنية التحتية لعملاق النفط السعودي الحكومي هذا العام في إطار سعي المملكة لجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، وفق ما أفاد خبراء.
وتؤكّد الصفقة الموقّعة الاثنين مساعي أرامكو التي تُشكّل أهم مصادر دخل للمملكة، لتحويل أصولها التي كانت خاضعة حصرا للدولة السعودية إلى أصول نقدية، سعيا لتوليد عائدات للحكومة فيما تسرّع هذه الأخيرة جهودها لتنويع الاقتصاد الذي يعتمد بشكل أساسي على النفط.
وقال المحلل الاقتصادي المستقل محمود نجم إنّ “السعودية تقوم بإعادة هيكلة أرامكو عن طريق الخروج من قطاعات والتركيز والاستثمار في أخرى مثل الاستثمار في إنتاج الهيدروجين” وهو ما يتماشى مع أهدافها البيئية.
وفي يونيو/حزيران باعت أرامكو 49 بالمئة من حصتها في شبكة خطوط الأنابيب إلى كونسورسيوم بقيادة إي آي جي غلوبال إنرجي بارتنرز لقاء 12.4 مليار دولار.
وبموجب الاتفاق الجديد، ستقوم شركة “أرامكو لإمداد الغاز” التي تم إنشاؤها حديثا، باستئجار وإعادة تأجير حقوق استخدام شبكة خطوط أنابيب الغاز التابعة لأرامكو السعودية على مدى 20 عاما، وفق بيان للشركة النفطية العملاقة.
وفي المقابل تحصل “أرامكو لإمداد الغاز” على تعرفة مدفوعة من أرامكو السعودية عن منتجات الغاز التي تتدفق عبر الشبكة وتكون تلك التعرفة مرتبطة بحدّ أدنى لتدفقات الغاز.
وستحتفظ أرامكو بحصة نسبتها 51 بالمئة في “شركة أرامكو لإمداد الغاز” وتبيع حصة 49 بالمئة إلى مستثمرين بقيادة شركة بلاك روك وشركة حصانة الاستثمارية، ذراع إدارة الاستثمارات للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية بالسعودية.
وأوضح نجم “يتبقى لأرامكو حصة مسيطرة تبلغ 51 بالمئة وهناك اتفاق واضح بعدم وضع قيود”.
وقال رئيس أرامكو السعودية وكبير إدارييها التنفيذيين أمين بن حسن الناصر في بيان “هذه الصفقة هي إحدى العناصر الرئيسة في إستراتيجية أرامكو السعودية لتطوير منظومة أعمال أكبر وأقوى في مجال الغاز الذي يشكّل أحد محركات النمو الكبرى في أعمال الشركة”.
من جهته قال رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة بلاك روك لاري فينك “يسر شركة بلاك روك العمل مع أرامكو السعودية وشركة حصانة الاستثمارية في هذه الصفقة التاريخية للبنية التحتية في المملكة العربية السعودية”.
وأضاف “أرامكو السعودية والمملكة تخطوان خطوات هادفة وذات تطلعات لتحوّل الاقتصاد السعودي نحو مصادر الطاقة المتجددة والهيدروجين النظيف والحياد الصفري في الانبعاثات الكربونية في المستقبل”.
وكانت الشركة قد أعلنت عزمها تحقيق الحياد الكربوني بحلول 2050. كما أعلنت السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم، اعتزامها الوصول للحياد الكربوني بحلول 2060.
وكانت”جوهرة تاج” المملكة، تخضع لسيطرة الحكومة وتعتبر محظورة على الاستثمار الخارجي، لكن مع صعود الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي، أبدت المملكة استعدادها للتخلي عن بعض السيطرة فيما تسعى لجذب الاستثمارات الأجنبية وتنويع اقتصادها.
وباعت أرامكو نسبة بسيطة من حصتها في البورصة السعودية في ديسمبر/كانون الأول 2019 جمعت خلالها 29.4 مليار دولار في أكبر عملية اكتتاب عام.
وقال رئيس برنامج دراسات الطاقة في مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة في أبوظبي إبراهيم الغيطاني إنّ “السعودية تحاول إعادة هيكلة أصولها الموجودة في الشركات المحلية لتوليد سيولة مالية في وجذب الشركات الأجنبية للاستثمار في هذه الأصول”.
وأوضح أنّ “السعودية لا تتخلى نهائيا عن هذه الأصول فهي تحاول فعل ذلك مع الحفاظ على الوضع المسيطر في هذه الشركات”.
وتسعى الرياض إلى تنويع اقتصادها المرتهن بالنفط وبدأت خلال السنوات الماضية في ضخ استثمارات ضخمة في قطاعات السياحة والترفيه والرياضة وغيرها وذلك في إطار “رؤية 2030” التي أطلقها ولي العهد السعودي في عام 2016.
وقال الغيطاني إنّ “السعودية تحاول تغيير الصورة الذهنية عن اقتصادها الذي تسيطر عليه الدولة وترسل رسائل وإشارات أنها تواصل فتح الاقتصاد أمام القطاع الخاص والمستثمرين الأجانب لجذب المزيد من الاستثمارات”.