أزمة الصحافة الورقية تحول «لويدز لست» إلى رقمية (إعداد عمر حرز الله)
إعداد عمر حرز الله
شهدت الصحافة الورقية خلال السنوات الأخيرة أزمة حقيقية، أخذت تتفاقم من سنة إلى أخرى في العديد من الدول الغربية المتقدمة نتيجة ثورة الاتصالات والمعلومات وظهور شبكة الإنترنت.
وتتمثل تلك الأزمة في عزوف الكثير من القراء عن اقتناء أو مطالعة الصحف الورقية ونشوء جيل جديد لم يعد يتعامل معها. وقد أدى ذلك إلى إقدام «لويدز لست»، وهي واحدة من أعرق الصحف الورقية في العالم، على أن تتحول إلى نسخة إلكترونية فقط، وإيقاف إصدار نسخها المطبوعة بسبب تراجع الطلب عليها.
وستتحول الصحيفة بعد نحو 280 عاماً متواصلة من العمل إلى رقمية، أسوة ببعض الصحف الكبرى الأخرى التي اتخذت القرار، وكان استطلاع لقراء الصحيفة أجري أخيراً، أظهر أن أقل من 2٪ منهم يعتمدون حصرياً على النسخة المطبوعة للوصول إلى محتويات الصحيفة.
وتعتبر «لويدز لست» التي تأسست عام 1734 على شكل إشعار كان ينشر على جدار مقهى في لندن على نطاق واسع، بأنها مصدر رائد لأخبار وتحليلات سوق الشحن العالمي. وقد عزت إدارة الصحيفة قرارها إلى تراجع الاهتمام بالنسخة المطبوعة.
وقال المحرر ريتشارد ميد: إن الأغلبية الساحقة من قراء الصحيفة يفضلون النسخة الرقمية على الورقية، والنهج الرقمي يوفر عائدات جديدة، وفرصاً للإبداع، وخدمة فورية تقدم تغطيات إخبارية متعمقة ومعلومات عن كل نواحي الشحن، وكذلك معلومات غير مسبوقة عن السوق وغنى بالبيانات يمكن ملاءمته مع احتياجات القراء.
وكانت مجموعة كبيرة من الصحف ذائعة الصيت قد لجأت إلى تقليص أرقام توزيعها وإلغاء آلاف الوظائف وتسريح عدد كبير من العاملين فيها، بينها صحف واسعة الانتشار مثل «شيكاغو تربيون»، «بوسطن غلوب» و«أنجلوس تايمز»، وحتى المجلة الأوسع انتشاراً في العالم وهي مجلة «تايم» الأميركية الشهيرة.. ويبلغ عدد قراء الصحف الورقية في العالم حالياً نحو 1.7 مليار شخص.
وفي مقابل ذلك فهناك نحو 2.5 مليار من البشر يتعاملون مع الإنترنت وصحافته الإلكترونية التي تكتسب مزيداً من القراء بمضي الزمن.
نقطة تحول
وعلى صعيد متصل اتخذت شركة «نيويورك تايمز» أخيراً، قراراً قضى بتغيير اسم صحيفتها «ذا إنترناشونال هيرالد تريبيون» التي تأسست منذ 125 عاماً وتتخذ من باريس مقراً لها إلى «ذا إنترناشونال نيويورك تايمز»، في محاولة منها لتوسيع انتشارها العالمي.
وقال رئيس التحرير التنفيذي في شركة نيويورك تايمز جيل أبرامسون: «إن التغيير يظهر سعينا لزيادة شهرتنا العالمية، ويعّد خطوة حماسية ومنطقية».
وفي السياق ذاته قال الرئيس التنفيذي للشركة، مارك تومسون: «إن الشركة فكّرت أخيراً في الوصول إلى قراء دوليين، وخطوتنا الأخيرة سوف تزيد فرص ارتفاع عدد المشتركين في صحيفة نيويورك تايمز خارج الولايات المتحدة».
وأضاف: «التطور الرقمي حوّل «نيويورك تايمز» من صحيفة أميركية عظيمة إلى أحد أهم مصادر الأخبار الأكثر شهرة، ولذلك أردنا استغلال الفرصة».
ورفضت متحدثة باسم الشركة إعطاء تفاصيل عن الطريقة التي يمكن أن يؤثّر فيها تغيير اسم الصحيفة في موظفي «ذا إنترناشونال هيرالد تريبيون». وأشارت إلى أن تغيير اسم الصحيفة جاء نتيجة بحوث شاملة أظهرت أن الاسم الجديد قد يساعد على زيادة المشتركين الدوليين في النشرة الرقمية لصحيفة «نيويورك تايمز».
وتغيير الاسم سيترافق مع استثمارات جديدة تهدف إلى زيادة جاذبية الصحيفة للقراء الدوليين، وسيتم توظيف أشخاص جدد للعمل في موقع «نيويورك تايمز دوت كوم»، الموقع المشترك بين صحيفتي «نيويورك تايمز» و«ذا هيرالد تريبيون»، في قارتي أوروبا وآسيا.
وسيبقى مقر الصحيفة التي تم تغيير اسمها في باريس، وستبقي أيضاً على مكتبها الكبير في هونغ كونغ حيث النسخة الآسيوية منها.
وستجري استثمارات في الصحيفة في مواقع أخرى أيضاً، مشيراً إلى أنه حتى الخريف المقبل، ستبقى الصحيفة تنشر تحت اسم «ذا إنترناشونال هيرالد تريبيون». ويأتي الإعلان جزءاً من خطة أوسع للشركة تقضي بالتركيز على علامتها التجارية الأساسية، وتوسيع انتشارها على الصعيد العالمي.
مردوخ وتلاشي الصحف
يرى الملياردير روبرت موردوخ الذي يملك أكبر إمبراطورية إعلامية في العالم، أن كثيراً من الصحف الورقية الحالية في المملكة المتحدة ستتلاشى في القريب العاجل، ولن يتحمل سوق الصحف أكثر من صحيفة واحدة في كل سوق صحافية. وقد بينت الإحصاءات والاستبانات الأخيرة صحة ما ذهب إليه مردوخ.