أسئلة يطرحها وقف القتال : ما الذي ينتظر الحرب في سورية ؟

دمشق /خاص:

كشف الاتفاق على وقف العمليات القتالية في سورية, عن مجموعة معطيات لم تكن واضحة تماما للرأي العالم في سورية وخارج سورية، أهمها أن هناك قناعة يمكن أن تتشكل لدى الأطراف المعنية بوقف الحرب وثانيها وجود مبدأ دولي يجب الحفاظ عليه هو وحدة سورية وثالثها أن حجم المجموعات المسلحة في سورية هو أكبر بكثير من تلك الأسماء العريضة التي كان يتعاطى معها كل الذين تسلموا ملف وقف إطلاق النار وحل الأزمة السورية!

فقد أعلنت الهيئة العليا للمفاوضات عن التزام نحو 100 فصيل مقاتل بالاتفاق الروسي الأميركي المتعلق بوقف إطلاق النار. كما أعلنت الهيئة المذكورة أن فصائل “الجيش الحر” أكدت التزامها بهدنة وقف إطلاق النار، وقد تزامن ذلك مع صدور قرار مجلس الأمن الدولي كانت وزعته روسيا والولايات المتحدة على أعضاء المجلس قبل تبني وقف إطلاق النار في سورية بإجماع أعضاء المجلس.

وقالت مصادر روسية في دمشق إن مجموعات مسلحة اتصلت بمطار حميم وأعلنت رغبتها في الدخول في هذا الاتفاق، ولكن وما أن مرت ساعات على انتشار التفاصيل المتعلقة بالاتفاق والالتزام به حتى برزت أسئلة جوهرية في الشارع السياسي تتعلق بموافقة عشرات المجموعات المسلحة على الاتفاق، وجدية هذه الموافقة ، وهل هي ناتجة عن رغبة بإنهاء الحرب أم أنها ناتجة عن توازن القوى الذي ينهار تباعا لغير صالح هذه المجموعات؟

وهناك نقطة تمر مرور الكرام لكنها ذات معنى، فقد تناسق موقف القوى العسكرية المناهضة للرئيس السوري وكأن هناك جهة واحدة تقودها وتنسق أعمالها، وهي نقطة كانت طرحت منذ سنوات عندما جرى البحث عن طريق لحل سياسي للصراع الدائر في سورية، ومبدأ التساؤل وقتها أنه إذا تم الاتفاق مع المجموعات السياسية من يلزم المجموعات المسلحة الكثيرة بالاتفاق، فهل صار بالامكان الحديث مع طرف محدد ببرنامج محدد؟!

كذلك بنيت وجهة النظر الرسمية السورية على أن الحوار ينبغي أن يكون مع الجهات التي تدعم هذه المجموعات وتشغلها لأن القرار بيدها وليس بيد المجلس الوطني أو الائتلاف، ويرى مراقبون أن المعطيات، فيما يبدو، خلصت إلى هذه النتيجة، رغم قوة التصريحات التي تخرج بها الشخصيات المعارضة والطريقة الجازمة التي تتطلع فيها إلى مرحلة إنتقالية تنتقل فيها السلطة إليها ، وهو ما تعتبره الموالاة حلم إبليس بالجنة وقال عنه وزير الخارجية وليد المعلم عام 2013 :لن نذهب إلى جنيف من أجل تسليم السلطة لأحد!

ومع حلول الموعد المحدد وهو منتصف ليل الجمعة /السبت ساد الهدوء في معظم أنحاء بؤر الاشتباك، مع وقوع حوادث فردية لإطلاق نار في بعض المناطق، ومع تقدم ساعات النهار تحدثت الأنباء عن سقوط ضحايا وجرحى في السلمية نتيجة سيارة مفخخة وعن خروقات وعمليات قنص من قبل مجموعات مسلحة غير معروفة الانتماء إضافة إلى سقوط بعض القذائف على المدن الرئيسية السورية ، وهذا وارد في كل اتفاقات وقف القتال في الحروب ..

وقد خرجت من الاتفاق المجموعات المنتمية إلى تنظيمي “داعش” و”جبهة النصرة” وغيرهما من التنظيمات المدرجة في قائمة مجلس الأمن الدولي للإرهاب، حيث كان واضحا أن الضربات ستظل مستمرة لهذه الفصائل، ومع ذلك أعلنت القيادة الروسية أن عملياتها ستتوقف لمدة يوم كامل حتى لهؤلاء !

ومن جانبه كان متزعم جبهة “النصرة” أبو محمد الجولاني قد حذر ، في تسجيل صوتي بثه الجمعة، من خديعة الغرب وأمريكا، واصفا الهدنة بـ”المذلة والمخزية”، علما بأن “النصرة” وحلفاءها من الفصائل المسلحة خسروا مؤخرا مناطق إستراتيجية في ريف حلب الشمالي.

السؤال الذي يتبادله السوريون الآن هو : ما الذي ستحمله الأيام القادمة؟ وهل هناك من يعد كمينا ضخما لإغراق هذا المشروع في متاهة جديدة؟ ثم هل ستكون الإدارة الأمريكية جادة في المضي مع الروس في هذا الاتجاه ؟! وفي النهاية على أي طريق تسير القوافل ؟!

يبدو أن دعوة الوسيط الدولي في السابع من آذار لجلسة حوار في جنيف ستكون أول حصيلة لهدوء الجبهات، فمن الذي يضبط الهدوء في المناطق المترامية من الاشتباكات على الأرض السورية إذا استمر!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى