أسبوعان على غارة “فيلق الشام”: لا تغييرات في خارطة إدلب

 

بعد مرور نحو أسبوعين على الغارة الروسية التي استهدفت معسكراً لفصيل “فيلق الشام” المقرّب من تركيا في منطقة كفرتخاريم في ريف إدلب، تبدو منطقة إدلب هادئة أكثر مما كان متوقعاً، حيث لم تُسجّل ردود فعل حادّة للفصائل المسلّحة، التي اكتفت بحملات قصف لبعض مواقع الجيش السوري، الذي ردّ بدوره على مصادر إطلاق النار. واستأنفت الأطراف كافة أنشطتها التي كانت تقوم بها قبل الغارة الروسية، حيث استكملت القوات التركية إخلاء بعض نقاط المراقبة المحاصَرة في ريفَي إدلب وحماة.

وواصلت القوات التركية المتمركزة في نقطة المراقبة العاشرة، في قرية شير مغار في ريف حماة الشمالي الغربي، سحب الآليات العسكرية والمعدّات اللوجستية باتجاه القواعد التركية في منطقة جبل الزاوية في ريف إدلب الجنوبي. ونقلت تنسيقيات المسلحين عن مصدر وصفته بـ”العسكري” في الفصائل المسلحة قوله “إن الجيش التركي أخرج، صباح السبت، دفعة ثانية من المعدّات العسكرية واللوجستية من نقطة المراقبة التركية المتمركزة في قرية شير مغار”. وأوضح المصدر أن “عدد الآليات المنسحبة يقارب 50 شاحنة تحمل مجنزرات عسكرية ومعدّات هندسية ولوجستية”، مشيراً إلى أنها “توجّهت عبر قرية فليفل في جبل الزاوية، وصولاً إلى المعسكر التركي المنشأ حديثاً في قرية قوقفين في ريف إدلب الجنوبي الغربي”. وأضاف المصدر أنه مع انسحاب جزء من القوات التركية من قرية شير مغار، “سحب الجيش التركي، فجر السبت أيضاً، جزءاً من المعدّات العسكرية واللوجستية المتمركزة في النقطة الثامنة في معرحطاط في ريف إدلب الجنوبي”، مُتحدّثاً عن “حوالى 50 شاحنة توجّهت إلى إحدى القطع العسكرية التركية في قرية نحليا في ريف إدلب الجنوبي”. وفي مقابل عمليات الانسحاب تلك، تابعت القوات التركية استقدام تعزيزات عسكرية إلى نقاطها داخل الأراضي السورية، حيث دخل قبل أيام رتل عسكري تركي مؤلّف من 25 آلية تحمل معدّات لوجستية عبر معبر كفرلوسين في ريف إدلب الشمالي، نحو نقاط المراقبة التركية في منطقة خفض التصعيد في إدلب.

على خطّ موازٍ، رُصد المزيد من عمليات الاغتيال والاستهداف عبر الطائرات المسيّرة في منطقة إدلب، إذ قُتل وجُرح عدد من المسلحين الأجانب التابعين لـ”هيئة تحرير الشام”، إثر استهداف طائرة مسيّرة نقطة عسكرية لهم في منطقة سرجة في ريف إدلب الجنوبي. ويُعتقد أن الطائرة المسيّرة تابعة لـ”التحالف الدولي” بقيادة الولايات المتحدة الأميركية. في هذا الوقت، أعلن مركز المصالحة التابع لوزارة الدفاع الروسية في سوريا أن المسلحين في إدلب “يشغلون مواقع التشكيلات المعتدلة، الأمر الذي قد يشير إلى وجود خطط لتصعيد الأوضاع من أجل تقويض الاتفاقات بين تركيا وروسيا”. وقال نائب رئيس مركز المصالحة، ألكسندر غرينكيفيتش، قبل يومين، إن المسلحين من “جبهة النصرة” “قاموا بزيادة القصف من أراضي منطقة خفض التصعيد في إدلب”، مشيراً إلى أن “39 جندياً سورياً قد لقوا مصرعهم وأصيب أكثر من 40 آخرين منذ شهر تشرين الأول/ أكتوبر الفائت”. وأضاف غرينكيفيتش في إحاطة حول الأوضاع الميدانية أن “القوات الجوية الروسية والقوات المسلحة السورية لا تقومان بقصف الأهداف المدنية. وفي الوقت نفسه، نلاحظ زيادة كبيرة في انتهاك نظام وقف إطلاق النار من جانب التشكيلات المسلحة غير القانونية الموالية لجبهة النصرة”. وتابع أن مسلحي “هيئة تحرير الشام”، المنتشرين على خطّ التماس مع القوات الحكومية في جبل الزاوية جنوب محافظة إدلب “يقومون بنزع سلاح المسلّحين المعتدلين واحتلال مواقعهم، ما قد يشير إلى خطط التشكيلات المسلّحة لمفاقمة الوضع، من أجل تعطيل تنفيذ الاتفاقات الروسية – التركية”.

في غضون ذلك، أعرب الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين، والفرنسي إيمانويل ماكرون، عن “قلقهما إزاء تفعيل دور المسلحين المتطرفين من الشرق الأوسط في النزاع الأرميني – الآذربيجاني في منطقة قره باغ”. وقالت الرئاسة الروسية، في بيان، إنه “تمّ إبداء القلق البالغ إزاء تواصل المواجهات الواسعة النطاق في منطقة النزاع، وتفعيل وتيرة إشراك المتطرفين من سوريا فيها”. وفي السياق نفسه، كشف رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية الروسي، سيرغي ناريشكين، أن “المخابرات الشريكة في الشرق الأوسط ساعدت موسكو في الحصول على معلومات دقيقة حول مشاركة مسلحين سوريين في معارك قره باغ”. وقال ناريشكين في مقابلة تلفزيونية: “لدينا معلومات دقيقة حول وجود إرهابيين في منطقة القتال (إقليم قره باغ)، بما في ذلك من الشرق الأوسط، ومن سوريا في المقام الأول”. وأكد ناريشكين مشاركة الاستخبارات التركية في أحداث قره باغ، قائلاً: “نشعر بعمل الاستخبارات التركية، ونرى عناصر معينين من هذا العمل”.

صحيفة الأخبار اللبنانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى