تحليلات سياسيةسلايد

أكثر من مائة أسير بأيدي حماس بالأنفاق

زهير أندراوس

تمكنّت حركة حماس بهجومها المُباغِت والناجِح على دولة الاحتلال من تدمير الدوكتيرنا الصهيونيّة القائمة على عامليْن اثنيْن: الأوّل، أنّ جيش الاحتلال هو الجيش الذي لا يُقهر، والثاني، أنّ البحر هو نفس البحر، والعرب هم نفس العرب، وهي المقولة التي كان أطلقها رئيس الوزراء الأسبق، يتسحاق شامير، واليوم صباحًا سمحت الرقابة العسكريّة بالنشر بأنّ عدد الأسرى الذين تمّ اقتيادهم إلى قطاع غزّة يفوق المائة، فيما تتوقّع السلطات في الكيان أنْ يصل عدد القتلى إلى 600.

إلى ذلك، أكّد كبير المحللين السياسيين في صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة أنّ هناك أربعة وجوه لإخفاق السابع من أكتوبر 2023: الأوّل، الإخفاق الاستخباراتيّ المُخجِل والمُريب، الثاني، هو كيفية وآلية اقتحام (حماس) الشريط الحدوديّ، الثالث، السهولة التي عاد بها عناصر حماس إلى القطاع مع الأسرى، والرابع والأخير التأخر والبطء في ردّ الجيش الإسرائيليّ على الإخفاق، على حدّ تعبيره.

وبالتالي فإنّ المفاجأة تحولّت إلى خشيةٍ وقلقٍ كبيريْن لدى قادة الاحتلال والمُستوطنين الذين حتى في كوابيسهم السوداء لم يتخيّلوا وقوع سيناريو “احتلال” جنوب الكيان من قبل حركة تحررٍ فلسطينيّةٍ، مع وجود فوارق كبيرةٍ في القوّة لصالح الكيان، الذي على ما يبدو لم يعرف شيئًا وكان يغُطّ في سُباتٍ عميقٍ عندما بدأت عملية (طوفان الأقصى).

إلى ذلك، تواصل الدوائر الإسرائيلية متابعة النتائج المترتبة على هجوم حماس العسكريّ على مستوطنات غلاف غزة، وسط تقدير بأنّ الحملة العسكرية لن تقتصر على غزة فقط، خاصّةً وأنّه للمرّة الأولى، ركزت حماس على هجوم بري من قبل وحداتها للنخبة، وهي نسخة من المخطط الذي عمل عليه حزب الله منذ سنوات، ويمكن القول إنّ هجوم حماس في تشرين الأول (أكتوبر) 2023 هو النسخة الجديدة من مفاجأة (حرب الغفران) قبل خمسين عامًا في أكتوبر 1973، ما يجعلها خطوة مدروسة ومنسقة، وليست معزولة على جبهة واحدة فقط، بل ضربة استباقية.

وفي هذا السياق ذكر ايهود يعاري المستشرق الإسرائيلي في القناة الـ 12 بالتلفزيون العبريّ أنّ  “هجوم حماس الجديد جاء عقب تحضيرات طويلة لم تقرأها المخابرات الإسرائيلية بشكلٍ صحيحٍ، وهذه المرة أجريت مناورة عسكرية واسعة النطاق لإخفاء نوايا الحركة، وحتى الآن ما زلنا متمسكين بمفهوم خاطئ، مع العلم أنّ الفرضية الإسرائيلية الخاطئة تمحورت حول أنّ الحركة لن تورط نفسها في جولة عسكرية أخرى، وسوف تفضل إجراء ترتيبات لتحسين الوضع الاقتصادي في القطاع، فيما تبذل جهدها لإشعال النار في الضفة الغربية، حيث تمّ الزج بثلاثين كتيبةٍ من جيش الاحتلال في هذا المجال، وبالتالي تقليص انتشارها في قطاع غزة“، على حدّ تعبير المُستشرِق المُرتبِط بوكالات المخابرات في الكيان.

وأوضح أنّ “حماس تتوقع، بل تأمل، أنّ اقتحام جيش الاحتلال لأراضي قطاع غزة سيدفع حزب الله للتدخل، وهذه ستكون حربًا بحجمٍ مختلفٍ، وربّما يرسل الإيرانيون إرسالياتهم على حدود الجولان، مع تزايد التقارير عن احتمال إدخال أسلحة جديدة لاستخدامها من قبل الحزب وحماس والسلطة الفلسطينية، وقد تتسبب في عدد كبير من القتلى الإسرائيليين، من خلال استخدام العبوات الناسفة القوية وإطلاق الصواريخ على المستوطنات”.

ومضى قائلاً” يبدو أنّ هذا الوضع لن يسمح لإسرائيل بمواصلة أنشطتها، بل ستتطلب إجراءاتها المضادة المعتادة رد فعل واسع النطاق، حتى على حساب حرب شاملة، مع أنّ الحملة لن تقتصر على غزة فقط”، طبقًا لأقواله.

أمّا ران إدليست الكاتب في صحيفة (معاريف)، فقد ذكر أنّ “حكومة الاحتلال أمامها لحظات حاسمة ومعضلة صعبة، خاصة عندما لا تكون هناك معلومات واضحة عن حدود الاحتكاك العنيف، ما يؤكد وجود عامل واحد واضح تمامًا وهو وقوع المفاجأة، لأنّ الحكومة منقسمة بين الرغبة بتوجيه ضربة حاسمة لحماس، قد تخرج عن نطاق السيطرة بسبب قوة نيران الجيش الإسرائيلي، وبين الحاجة لحماية الرهائن الموجودين في غزة وإسرائيل، أي بين وقف إطلاق النار، أو توجيه ضربة قوية إلى غزة“.

وأضاف أنّ “الإسرائيليين في عمومهم يعيشون في قلب المأساة، لأنّهم أمام فشل استخباراتي فادح، وقد فوجئ العالم بهذا الهجوم المفاجئ على إسرائيل، بكل القوى البشرية والوسائل التكنولوجية، ولا يمكن تقدير أين سيتجه كل هذا في هذه اللحظة، لأنّ رد الجيش يعتمد على الأحداث التي تجري في المنطقة، ولذلك فإنّ السؤال اليوم ما إذا كان مجلس الوزراء يفكر في عملية برية ضد حماس في غزة“.

وختم بالقول إنّ “كلّ ذلك يستدعي مطالبة المستوى العسكريّ بالسيطرة على الوضع، وأنْ يبقي عينيه مفتوحتين أثناء القتال على النتيجة التي يريد تحقيقها، ولذلك أفترض أنّ جيش الاحتلال سيستغل الموقف لضرب أهدافٍ عالية الجودة في غزة، مع خشية أنْ يؤدي خوض المعركة والغضب والانتقام إلى مستوى يقترب من الإبادة الجماعية“، وفق أقواله.

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

 

 

لزيارة موقع بوابة الشرق الاوسط الجديدة على الفيسبوك

لزيارة موقع بوابة الشرق الاوسط الجديدة على التويتر

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى