المقدّس… يساوي المدنـّس !
“من تصدّق في بيت المقدس بدرهم كان فداءه من النار. ومن تصدق برغيف كان كمن تصدّق بجبال الأرض ذهباً ”
حديث شريف
كيف إذا تصدّق ببئر نفط ؟ (أنا)
قال النبي أيوب مخاطباً ربه: “…أنت تحبّني ولي منك كل هذا العذاب؟ ”
العذاب للقديسين والأنبياء امتحان الجدارة والمتانة ، وربما أصبح المحبون أيضاً من نفس الفضيلة (بالضاد) إذ يتحملون وزر أنهم أحبّوا وعليهم اجتياز امتحانات الجدارة والمتانة.
ولكن ما الذي يجعل ” عاصمة أرواح البشر” ـ القدس مؤبدة في العذاب ؟ مائة وكذا سنة صليبية ، ثم للعذاب ،على طريقة السنوات اليهوديه .
وإذا كان للبيت رب يحميه، فليس ـ كما أظن ـ المقصود نزول السماء إلى مسرح العمليات ومقاتلة نتنياهو. وإلا لماذا كل هذه
” الكمية” من الإسلام وكل هذا ” العدد” من المسلمين ؟
المقدسيون ، سوف يأتي يوم، يقترحون على أي قمة ” إسلامية أو عربية استنفار الجيوب التي هي ” مقبرة الضمير دائماً ” ، لكي يتبرع كل مسلم بمئة دولار، يورو ، فيشترون المدينة القديمة ، على الأقل ، من اليهود .
وسوف ، ذات مبلغ محترم ، تقبل إسرائيل ، لأن الرقم خيالي. ولا يصدقنّ قارئ واحد أن القداسة لا تباع وتُشترى. والدليل أمامنا: لو كانت القدس غالية وعزيزة وحبة فؤاد وبؤبؤ عين الإسلام والمسلمين لقدّموا شيئاً غير كل الذي قدموه حتى الآن… وهو، بالمناسبة، لا شيء ! فأين هي القداسة؟
ثمة دليل آخر…
في التاريخ هناك خليفتان قصفوا المنشقين في الكعبة بالمنجنيق. وهو أمر مفهوم عسكرياً وسياسياً. فكرسي “الرئاسة” أهم من أرض “القداسة” ، وشرط إخضاع المتمردين يمرّ بفوهة المنجنيق أحياناً. وبالمناسبة لم يطبّق التاريخ على هؤلاء ما نسميه اللعنة (كلعنة الفراعنه) : لقد ظلوا في أماكنهم حتى الوفاة الطبيعية ، تقدماً في السن، ولم يلعنهم التاريخ حتى الآن !
التاريخ يلعن الرؤساء ، بعد سقوطهم ، بقليل المدوي فقط !
في القمم العربية ، سنة وراء سنة ، نفس جدول الأعمال: القضايا المعلقة. ومن صفات القضايا المعلّقة أن القضايا الجديدة تؤكد تعليق القديمة… كالطلاق : ” لتتزوج الخامسة طلّق الرابعة ! ”
سأعرض أن ياتي رجل مثل مصطفى البرغوثي ، بوصفه أحد حكام الشارع الفلسطيني السلمي ، ويحضر أي قمة ( لا ندري إن كان العرب بعد اليوم سيجتمعون مرة أخرى ) ويطلب ” صمت العرب” كلهم مقابل ألا يصرفوا قرشاً واحداً ، بعد الآن، على المؤتمرات ، والدعاية، والكتب والبيانات والاحتفالات التضامنية…. يشتري صمتهم ، ولكن هم الذين يجب أن يدفعوا المبالغ التي توفرت من جراء هذا الاستثمار العبقري في مشروع الصمت هذا…
أيضاً بهذه الطريقة… يمكن ابتياع القدس ـ الحارة العربية من القدس ـ من نتياهو وجماعته.
هل سأصدق أيضاً أن القدس مقدّسة بالنسبة لليهود ؟
لقد حاربوا بعضهم ( في التاريخ) عليها وفيها، وخلافاً على مزارع ونخيل وبضعة قطعان ماعز، وقسموها إلى ممالك متجاورة ومتحاربة.
هل يمكن التصديق بأن حاصل جمع العروبة والإسلام لا يساوي القدرة على جعل القدس أقلّ عذاباً من أيوب… ولسان حالها :
تحبونني كل هذا الحب، ولي منكم كل هذا الصدود ؟”
المشكلة : إسرائيل تعرف مع من تتعامل. وأية حقائق موجودة ،
تحت وفوق الطاولة، وبين سطور الواقع. في القمم والسفوح.
غداة قيام الجمهورية العربية المتحدة ( الوحدة بين مصر وسورية 1958 ) سألوا “بن غوريون” (مؤسس دولة إسرائيل) عن رأيه
فقال :
“هذه لا جمهورية ، ولا عربية ، ولا متحدة”.
وها هي الأيام تثبت أن ” عروس العروبة” قدس الأقداس… هي عروس تُزفّ يومياً إلى الإسرائيليين !
19.11.2013
بوابة الشرق الاوسط الجديدة