انحراف الزوايا
انحراف الزوايا … “إذا كنت مقدماً على الفشل، فلا تفشل كيفما كان”
” لست مع الطغاة، ولكنني لست مع الغزاة” شعار رفعه الكثيرون ممن لا بد أن يقولوا شيئاً في وجه البوارج الأمريكية في المتوسط ، والحرب التي تدق أبواب سورية. واستمرار النظام السوري في تعقيداته.
لقد تأملت هذا الشعار وكأنني من اخترعه، فمنذ بداية الأزمة في سورية ( صار اسمها أشياء أخرى) حاولت أن أخترع شعارات، فصككت العديد منها مما يصلح لإعلانات متدرجة في حدتها وشدتها… وربما ضلالها أيضاً.
مثلا: ” لست من الهابطين…لأنهم إلى الجحيم. ولست مع الصاعدين لأنهم إلى المجهول”.
” لا يوجد بلد يختصم فيه كل هذا السلاح ويبقى حياً”.
لا يمكنكم ان تحلموا. أيها السادة من الطرفين، بمبالغاتكم التي لا تقنعني بحورية في السماء، أو بثلج في جهنم”.
الثورات يخطط لها الأذكياء. ينفذها الشجعان. ويستغلها الجبناء” (مأثورات الثورة الفرنسية)
وهناك الكثير.
الآن لم يعد التورط في المبالغات بتكاليف بسيطة… لأن انحراف الزاوية من طرفي الحرب (أطراف) أدى إلى شيء واحد من حيث الفاعلية: تدويل تام للشأن السوري، وليس للمسألة السورية.
ومن المعروف أن عتبة التدويل الأولى هي استعصاء الحل! وقد استعصى. فالدولة لا تستطيع الحسم بالمدفع، والمعارضة لا تستطيع الحسم بعدد القتلى وحجم الدمار. والعالم له توقيت نفاذ الصبر الاستراتيجي.
انحراف الزاوية أدى إلى تزوير الصراع، وبالتالي تصغير هويته… فأصبح مذهبياً لدى التمزق الأول للنسيج الاجتماعي. حيث كشف الصراع عيوباً غير معترف بها. وهي الطائفية على قاعدة تذمر اجتماعي واسع ومكبوت وطويل الأمد.
انحراف الزاوية أدى إلى انعدام أخلاق المحرمات، وتحطّم قوانين الحرب، وزوال جدول الاعتبارات. الأمر الذي أدى إلى مستوى من العنف (يعود إلى عصر البرابرة) وإلى أنواع من العنف (غريبة على البشر في صراعاتهم). وصولاً إلى الاستخدام الخطير لكل الأسلحة من السكين (كأداة بدائية) إلى الكيماوي (كسلاح فتك جماعي).
………………….
انحراف الزاوية… الذي حدث في هندسة خراب سورية، كان يؤشر من الأسابيع الأولى على كل ما حدث:
1 ـ انتاج للعنف مفتوح شامل وعمومي. (التنكيل والقتل).
2 ـ انتاج وبلورة مجتمع مذهبي وعرقي (القتل على الهوية الشخصية والجغرافية).
3 ـ تدشين مسرح عمليات، يمكن فتحه صعب إغلاقه (مناطق أقليات ـ معلولا ـ وادي النصارى).
3 ـ إكثار تجار الحروب، وضباع الأزمات، في سوق صعب إغلاقه (السلاح والغذاء).
5 ـ تعميم التدويل، ثم تخصيصه في منطقة مدوّلة أصلاً ولا تحتمل لا هزيمة اللاعبين ولا انتصارهم (كل الدول… ثم دولتان).
6 ـ انتاج حلول مناسبة لإسرائيل (في مقايضة المصالح ـ الكيماوي السوري).
7 ـ إنهاء الأشكال الكرتونية من استقلال الدول بفضح هشاشتها في المنعطفات الدولية والصراعات الكونية. وتأسيس تبعات ومحميات حديثة ( سيطلب الأمريكيون من سورية تنازلات لا تنتهي وتحت حد السيف ).
……..
لست مع الطغاة… ولكن لم أستطع إزاحتهم.
ولست مع الغزاة… ولكن لم أستطع صدهم.
فلنبحث في شيء ما عند الشعر.
لقد صرخ محمود درويش في قصيدة “مديح الظل العالي” هذه الصرخة الدالة على الغضب من النزول بالفكرة الكاملة إلى الواقع الناقص، في عملية مقايضة براغماتية تساوم على فلسطين، بعد اجتياح لبنان واحتلال أول عاصمة عربية!
……………
كم من نبي فيك جرّب
كم تعذّب كي يرتّب هيكله
عبثاً تحاول يا أبي مُلكاً ومملكة
فسِر للجلجلة.
واصعد معي
لنعيد للروح المشرّد أوله.
ماذا تريد وأنت سيّد روحنا
ياسيد الكينونة المتحولة؟
ياسيد الجمرة . ياسيد الشعلة
ما أوسع الثورة.
ما أضيق الرحلة.
ما أكبر الفكرة
ما أصغر الدولة!
16.09.2013