صيدلية النووي !
صيدلية النووي
بصقت على الثلج دماً … فأبصرت راية اليابان تحت قدمي.
الإنسان، يمكن اعتباره من زاوية معينة، كائن فموي، يأكل أكثر من 5 مرات في اليوم، فيما كأن يأكل، وهو شبيه القرد، أقل من ذلك واليوم كل أشكال الريجيم في بلدان الوفرة، تدلّ على هذه الفموية دائمة الاستعمال، وللقضاء على الفائض البشري المتزايد لتوفير الباقي من الطبيعة، المتناقص، لا بد من الحروب، كأحد الحلول، خيانة للحيوان المسالم … الجيل القديم !
لكن الإنسان كائن اقتصادي بنظر الرأسمالية، فهو إما مُنتج أو مستهلك أو ضحيتهما معاً. وقد أصبح اليوم (( كائن نووي)) ! فهو إما موالٍ للطاقة النووية واستخداماتها، أو معارض لها .. دولاً وأفراداً، ( ولكن معظم المعادين، يا للسخرية، هم مجلس إدارة النادي النووي ) .
العالم يدَّعي أنه لا يريد مزيداً من الأعضاء في النادي النووي، كي لا تتكاثر احتمالات حروب الإبادة. ولكن، عندما يتعلق الأمر بمصلحة الولايات المتحدة، يجري غض النظر عن النووي في اسرائيل وباكستان مثلاً … وعن الطاقة السلمية في مصر مثلاً. ولكن ممنوع، وتحت طائلة، العقاب النووي أن تجعل إيران على الطاقة. وكوريا على السلاح النوويين .
ويبدو أن كل قارة لا بد لها من دولة أو دولتين نوويتين، بل ربما يصبح لكل مجموعة إقليمية دولتها النووية … وقد نصل إلى شراء بعض حبوب البلوتونيوم من الصيدليات في عصر مفتوح على قنوات علومه باستمرار اختراقاً أو تطويراً .
ويبدو أيضاً أن انتشار السلاح النووي قد أصبح ضرورة لمن يريد حماية نفسه وبلاده .. هكذا اعتقدت اسرائيل منذ الخمسينات فأصبحت، في زمن قياسي دولة نووية وبأنياب تهدد الشرق الأوسط كله، لا العرب وحدهم .
لكن هذا السلاح لا يجدي نفعاً إذا لم يكن احتكاراً ولن يكون احتكاراً بالمطلق … وها هي كوريا وقبلها الباكستان قد برهنا على ذلك، وفي الطريق كانت ليبيا وفي المؤكد اليوم إيران !
ليست المشكلة في السلاح النووي. بل في المصالح المتزايدة الكلبية التي ينبغي الدفاع عنها، وفي السياسات التي يجب أن يحرسها ويديمها. وما تفعله (( الدول المارقة )) هو محاولة إلغاء هذا القدر المحتوم. وعلى الرغم من خطورة الإبقاء والإلغاء في الطرفين … فإن تأثيرات إيجابية للسلاح النووي ستبرز على السطح، ومنها إنقاص الأهمية المتزايدة للأسلحة التقليدية: إنتاجاً وبيعاً واستعمالاً. وربما لهذا السبب أيضاً هناك هذه النقمة على كوريا وإيران ( دولتي الإعاقة للحروب الصغيرة السهلة ! ) .
إن إسرائيل الخمسينات والستينات لم تكن تتصور أخطاراً من نوع امتلاك الآخرين ( إيران مثلاً ) للسلاح النووي، الذي قد يكون في الطريق الخفي، مثلما كانت الحال في مفاجأة كوريا بتجربتها النووية قبل سنوات .
وإسرائيل اليوم لا تستطيع أن تفكر بيوم قيامة سهل، رغم التحول في قواعد اللعبة (الخيار الشمشوني)، إذا ما هدد وجودها فعلياً. بل عليها أن تبحث عن شيء آخر لعله في القبول بحجم البلد كمأوى، وبمصير السكان كبشر يريدون تربية الأطفال، وعجول المراعي، وبالمصالح الكونية في المنطقة .
والولايات المتحدة، عاجلاً أم آجلاً، ستدرك أن صناعة الموت ( الأسلحة .. والحروب التجارية ) ستقدم تنازلاً لصناعة الموت العمومي المحتمل كناتج لحروب نووية بالخطأ أو بالخيارات الصعبة .
وفي مرحلة تالية، ذات دهر غير نفطي، قد تستنبت البشرية سلاماً مختلفاً .
فليس صعباً العودة إلى الجذور … جذور المشكلات، وجذور قواعد الاشتباك في حضارات سادت ثم بادت !! ليس صعباً النظر إلى السلم العالمي بوصفه أحد مشتركات النوع البشري بين كل الشعوب. ولكن ثمة بضعة أغنياء لا يعيشون إلا على الحروب . وهكذا تغدو الأسلحة النووية مطلب سلام لدى بعض من الدول، أكثر منه أداة حرب لدى الجميع !!