ناس من المريخ
ناس من المريخ
ـ الشجاعة تفتح القلعة من الخارج
ـ النذالة تفتحها من الداخل !
حين تسمع ما يقوله الوفدان السوريان… تستنتج أن جنيف لا علاقة له بسورية…كأنهم يتفاوضون على الخلافات حول المدرسة الكوفية أو البصرية في النحو والصرف. وليس حول بلد يحترق. وإنقاذه من الحريق هو أعمال الجدول وليس جدول الأعمال !
والعقدة مفهومة، ومكشوفة، وملعوبة بأقل قدر من الذكاء.
وفد المعارضة لا يريد مناقشة الإرهاب… فهو بالنسبة له (معارضة مسلحة يتخللها متطرفون)، وهي الورقة الوحيدة بعد عصر المظاهرات الأولى.
وفد السلطة لا يريد مناقشة الهيئة الانتقالية (مجلس حكم مهمته الإزالة التدريجية، ويقال الفورية ، لأركان النظام ). وهذا هو المستحيل مناقشته لأنه كالتسليم بحكم الإعدام .
هذه تسمى سقوف عليا من أجل الأسقف المستعارة، الأخفض، الأقل تكلفة. والتي تصممها المفاوضات.
جنيف ، إذن ، لعبة…
جنيف يتيم له أبوان بالتبني : واحد روسي والثاني أمريكي.
كلاهما أراد التمديد للمقتلة السورية، وكل لأغراضه .
الأمريكي يمهد للتدخل العسكري عبر البوابة الإنسانية،بعد فشل جنيف وبعد أن يقتل من الجيش السوري ، والإرهابيين العدد الذي يدمر الجسم الرئيسي للاثنين، وحينئذ تصبح مهمة ترتيب الفوضى ، كمهمة الحرب، مسألة وقت.
والروسي يمدد الفترة اللازمة للجيش السوري للقضاء على المسلحين من كل الأصناف. وحينئذ يصبح نصر الدولة السورية، الصريح والواضح، (إذا تمّ) بدون شريك سوى الروس والإيرانيين. وهذا، بحد ذاته هدف أعظمي في أية خطة استراتيجية.
هذا يعني :
ـ تباطؤ في تسليم الأسلحة الكيميائية.
ـ زيادة في تسليح المعارضة.
زيادة في تسليح الجيش السوري.
ـ المزيد من حصار المدن والقرى، والمزيد من المجازر.
ـ موت متزايد للسوريين من كل الأصناف والجغرافيات.
ـ سيعود السوريون كتعداد سكاني وديمغرافي، بسبب المشاكل الناجمة عن الحرب، إلى الرقم الأول في بداية السبعينات… وهو القريب من عشر ملايين !
…………
والسؤال هل يستطع الطرفان التعايش طويلاً في مطحنة هذه الأزمة؟
والجواب نعم…
النظام يستطيع الاستمرار لسنوات.
والمعارضة تستطيع أن تعيش على الآمال لسنوات.
أما على الأرض… فالسلاح لم يوجد فقط لتدمير البنى والمساكن والحياة… بل لتحقيق شيء. فالممّول لا يدفع بلا نهاية ، بلا حدود .والمسلح لا يستطيع الاستمرار مع انعدام اليقين في ظروف الحرّ والقرّ.
………………………………………………….
سوف لن يحب مقالي هذا …أحد !
أنا لا أرى سوى الخيار العسكري ، في لباس كل بدلات الخيار السياسي، التي نراها في جنيف .الجميع ، بصراحه ، بلباس الميدان !
والمشكلة الأساس، في الخيار العسكري والسياسي، هي عند وفد النظام، أكثر مما هي عند وفد المعارضة. فالائتلاف ليس لديه عصا سحرية في الداخل، وهو تأليف أكثر منه إئتلاف.
بينما وفد السلطة يعرف تماماً ماذا يريد…وحلفاؤه يعرفون.
القطار الرئيسي يقوده ، يكاد يقوده ، ناس من المريخ .
ولكن السوريين ، على وجه اليقين ، ليسوا في هذه القاطره !
15.02.2014