أعظم وأهم رحلة ( 2 )
خاص بموقع (بوابة الشرق الأوسط الجديدة)
تحدثنا في المقال السابق عن مدى أهمية رحلة استكشاف ذاتنا لاستخراج كنوزنا ، وأننا بدون القيام بها سوف لن نتمكن من اكتشاف مواردنا الثمينة واستثمارها !!
قال أوليفر هولمز : ” إنّ المأساة الكبرى ليست هي تبديد الموارد الطبيعية الهائلة على الرغم من أنها مأساة ،إنّ المأساة الكبرى هي تبديد الموارد البشرية !! ”
وهذا يذكرني بقصة الفلاح الهندي العجوز الذي كان يستخدم عربته القديمة ذات الحصانين في كل تنقلاته ، بينما كانت هناك سيارة تقف جثة هامدة على بابه !!.. مسكين لم يكن يعلم أن بداخل السيارة مائة حصان على استعداد لخدمته ورفاهيته فقط لو تعلم كيفية تشغيلها ، وهكذا هم معظم الناس يبحثون عمن يأخذ بأيديهم ويساعدهم ولم يفكروا أن ينظروا مرة إلى أعماقهم ليجدوا قوة تعادل قوة مائة حصان بل أكثر… على استعداد لخدمتهم فقط اذا استثمروها بالشكل الأمثل !!
فالحياة تخبرك بأنك اذا استخدمت ما تمتلكه فإنك ستمتلك المزيد مما يمكنك استخدامه واذا لم تفعل فانك ستخسره !!
والآن وصلنا لنقطة أننا على استعداد للقيام بهذه الرحلة ولكن كيف وماهي الخطوات ؟؟ هيا بنا …!!
الخطوة الأولى : العزلة مع نفسك لوقت بسيط في مكان هادئ وهنا يدخل الإنسان بعداَ رابعاً يفتح له عالماً جديداً تماماً وذلك عندما يضبط الهوائي الخاص به وهو العقل الذي سيفتح أمامك آفاق رحبة وسترى من خلالها الشاشة الداخلية الخاصة بك، وعندها أحضر قلماً وورقة وقم بالخطوة الثانية وهي عملية جرد لامكانياتك وقدراتك ومهاراتك ومن ثم اصطفاء موهبتك من بينهم.
اكتب على سبيل المثال عدة أشياء أنتِ/أنتَ ماهر بها أو تتقنها ( رسم ،كتابة، كمبيوتر، خياطة ، تسويق ، تصميم ، برمجة ، تعليم ، ترجمة ، رياضة ….إلخ ) ،
ولكن ماذا لو أنّي ماهر بعدة أشياء كيف سأميّز موهبتي الخاصة من بين مهاراتي؟؟
سأضع بين يديك خارطة رحلتك التي سترشدك إلى تمييّز موهبتك.
لك أن تعلم .. أن الموهبة هي قدرة خاصة ذات فاعلية كبيرة ، واستعداد فطري لدى المرء للبراعة والتميّز في مجال معين بالحياة وإليك سماتها :
* الموهبة فطرية وليست مكتسبة ؛أي أنها ولدت معك وليس كالمهارات التي تعلمتها أثناء مشوارحياتك ، عد بفكرك إلى طفولتك وإلى أيام المدرسة أوالجامعة وإنظر ما أكثر شيء كنت تحب أن تمارسه فهذه هي موهبتك على الأرجح.
* الموهبة أمر يخرجك من حالة حزن واكتئاب ؛ فكّر في الشيء الذي تفعله وأنت بحالة حزن فيخرجك مما أنت فيه ، ربما تلجأ للكتابة فتنسى نفسك أو ربما تمسكين بسنارة صوف فتخرجين من حالة حزن.
*الموهبة مادة خام ؛ تستطيع تشكيلها بعدة أشكال أما المهارة ثابتة فمثلاً عندك مهارة رسم شخصيات كرتونية فلن تستطيع كمهارة إلا أن ترسمها ، أما لو كان الرسم هو موهبتك فسوف تستطيع رسم أي شيء.
* الموهبة تحاكي إنجازات عظيمة بتكاليف قليلة …كيف ؟؟
لو أن إنسانا موهوباً بالتصميم فسيبدع فيه ولو بأبسط البرامج أو الأمور المتاحة أمامه ولو بقلم وورقة.
* العلم في الموهبة يأتي بعد الممارسة أما العلم في المهارة يأتي قبل الممارسة كتعلمك مهارة قيادة السيارة أنت تأخذ الخطوات ثم تطبّق فتصبح لديك مهارة القيادة أما في الموهبة فهي حجر أساس موجود لديك وكلما أضفت عليه صقلته .
* إنظر ماهي الأمور التي تفعلها وتشعر بأنك فيها سابق لسنّك فالموهبة لا تعترف بعمر معين ؛ استمعت لأطفالاً كثيرين عندهم موهبة الخطابة يفوقون عدة متحدثين أكبر منهم بكثير.
* موهبتك نشاط تفعله وتمارسه وأنت مستمتع جداً لدرجة أنك لا تشعر بالتعب مهما كان عدد الساعات.
والآن إليك الجائزة الكبرى في نهاية رحلتك الممتعة ؛ وهو شيء تدركه يفتح لك آفاق لا حدود لها ؛ جائزتك هي …عثورك على كنزك ألا وهو ” موهبتك “.هذه هي الجوهرة التي سوف تصقلها وتعمل على تنميتها لكي تقوم بتصميم بروفايل احترافي خاص بك يتناسب مع قدراتك وموهبتك الذاتية ، تركّز من خلاله على المجال الذي تعشقه وهذ ما ستبدع فيه ؛ لأنك بذلك ستضع تلك الجوهرة في الفعل وتبدأ باستثمارها بالشكل الأمثل ، وعندها سيكون عندك ما يسمى بالحس المستقبلي أي ستعرف بالظبط مسارك ونهايته المشرقة !!
وفي نهاية هذه الرحلة الممتعة أود أن أقول : إنّ كل العظماء والناجحين بشكل عام كانت لديهم رؤى عميقة بشخصياتهم ؛ هذه الرؤى حررت وأطلقت العنان لمواهبهم فأبدعوا ووضعوا بصمتهم في هذا الوجود وكانت إسهاماتهم الرائعة للبشرية.
بوصلتك بيدك الآن …لا تتردد ولا تنتظر كل ما عليك هو اِتباع إبرتها الممغنطة .
*مدربة تنمية بشريّة
https://www.facebook.com/lmatteet